تركيا توسّع نشاطها التجاري بالمغرب... وعجز في الاستثمارات

26 أكتوبر 2017
الملابس التركية تنتشر في أسواق المغرب (Getty)
+ الخط -
لا يسعى الأتراك لإنجاز استثمارات ثقيلة في المغرب، بل ينشغلون أكثر بالتصدير نحو المملكة، وهو ما يظهر من بيانات الميزان التجاري الذي يرجح لصالح واردات المغرب من ذلك البلد الذي يستغل جميع الامتيازات التي تمنحها له اتفاقية تبادل حر أُبرمت قبل عشرة أعوام. 

ووصل العجز التجاري المغربي المسجل مع تركيا إلى حوالى 1.1 مليار دولار في العام الماضي، حسب تقرير حديث أصدرته وزارة الاقتصاد والمالية.

ويعمل المغرب وتركيا باتفاق للتبادل الحر الذي أُبرم قبل أكثر من عقد، حيث رفع حجم التبادل التجاري بينهما إلى قرابة 2.6 مليار دولار في العام الماضي، بعدما كان في حدود 660 مليون دولار قبل توقيع الاتفاق.

وارتفعت واردات المغرب من تركيا في العام الماضي، حسب البيانات الرسمية، بنحو 4.4%، لتصل إلى 1.9 مليار دولار، بينما بلغت صادرات المغرب إلى ذلك البلد 740 مليون دولار، حسب التقرير الاقتصادي والمالي الذي أرفق بمشروع موازنة العام المقبل.

ورغم الارتفاع الكبير لمشتريات المغرب من تركيا، في العشرة أعوام الأخيرة، إلا أنه اتضح أن مبيعات المغرب في ذلك البلد، انتقلت من 110 ملايين دولار إلى 740 مليون دولار.

غير أن استثمارات تركيا لم تساير حجم المبادلات التجارية في المغرب، حيث لم تتعد 63 مليون دولار في العام الماضي، ولم تمثل سوى 1.9% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي دخلت المغرب في العام الماضي.

وتنشط في المغرب نحو ثمانين شركة، يتوزع نشاطها بين صناعة النسيج والصناعات الغذائية والأثاث، غير أن أهم استثمارات تلك الشركات تنصبّ على البناء والأشغال العامة.

وعند زيارة "العربي الجديد" للأسواق الرئيسية في الدار البيضاء، ظهر أن أغلب الأثاث والملابس المعروضة فيها، آتية من تركيا، حيث لم يعد التجار والمستهلكون يتحدثون كما في سنوات سابقة عن المنتجات الصينية.

ويشير تاجر السجاد، عبد الله التاديلي، إلى أن 80% من السجاد الذي يعرضه يأتي من تركيا، حيث يؤكد أن الطلب عليه كبير، نظرا لجودته.

غير أنه ينبه إلى أن عامل الجودة ليس العامل الحاسم في قبوله عرض ذلك السجاد، بل لأن الموردين الأتراك يقدّمون تسهيلات كبيرة في السداد، ما يجعل التجار يفضلون التعامل معهم.
ويشتكي المصنعون المحليون للألبسة في المغرب، مما يعتبرونها منافسة غير مشروعة تأتي من تركيا، حيث سبق للجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة أن نددت بذلك.

ويذهب المصنعون المغاربة إلى أن النسيج التركي يتمتع بإمكانية خفض الضرائب، واسترجاع الضريبة على القيمة المضافة، زيادة على انخفاض أسعار فوائد القروض.

وتصل مبيعات قطاع النسيج في السوق المغربية إلى أربعة مليارات دولار، غير أن المنتجين المحليين يرون أن الأجانب يحصلون على حصة كبيرة من تلك السوق، علما أنهم يرون أنه يمكن الوصول إلى رقم مبيعات في حدود تسعة مليارات دولار.

ولم تقتصر الشكوى من الواردات التركية على النسيج، فقد لجأ قطاع الصلب إلى تحكيم منظمة التجارة العالمية، بسبب ما اعتبره إغراقا للسوق بالمنتجات التركية.

ويلاحظ عمر أومليل، الذي ينشط في تجارة الألمنيوم، أن الأتراك يفضلون العمل في المغرب في قطاعي التجارة والبناء والأشغال العامة، حيث لا يهتمون بقطاعات يمكن أن تكون ذات قيمة مضافة، وهو ما يفسر ضعف استثماراتهم، مقارنة بقيمة صادراتهم إلى المغرب.

ويشير فاعلون اقتصاديون في المغرب إلى أنه يتوجب خلق نوع من التوازن في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، من أجل عدم الاقتصار على التجارة التي يفترض تجاوزها إلى الاستثمار الذي يوفر فرص العمل.

غير أن أومليل يرى أن التوازن يجب أن يخلقه المغرب في علاقته مع تركيا، عبر تصدير منتجات ذات قيمة مضافة عالية.
المساهمون