اقرأ أيضاً: تركيا: استراتيجيات جديدة استعداداً للحكومة المؤقتة والانتخابات المبكّرة
ووفق الدستور التركي، قام رئيس البرلمان بتحديد عدد الوزارات التي يحق لكل حزب في البرلمان الحصول عليها وفقاً لعدد مقاعده في البرلمان، وحصل حزب "العدالة والتنمية" على 11 حقيبة وزارية، وحزب "الشعب الجمهوري" على 5 حقائب، بينما حصل كل من حزب "الحركة القومية" وحزب "الشعوب الديمقراطي" (ذو الغالبية الكردية) على 3 حقائب وزارية.
وفي الوقت الذي لم يقدم به داود أوغلو بعد أي دعوة لقيادات في "العدالة والتنمية" للمشاركة في الحكومة المؤقتة، رشح الأخير عددا من أبرز المعارضين الأتراك من "الشعب الجمهوري" للمشاركة في الحكومة، شأن النائب عن أنطاليا والقائد السابق للحزب، دينيز بايكل، وثلاثة نواب عن مدينة إسطنبول، هم كل من إردوغان توبراك وتكين بينغول وإلهان كيسيجي (صهر الرئيس التركي السابق سليمان دميريل)، إضافة إلى النائبة عن أنقرة، عائشة غولسن بلغة هان توكر، وحفيد أحد مؤسسي "الشعب الجمهوري" والجمهورية التركية عصمت إينونو.
لكن بدا الالتزام بقرار الحزب بعدم المشاركة في الحكومة المؤقتة عاليا ضمن هؤلاء النواب عن الشعب الجمهوري، إذ أبدى معظم المرشحين رفضهم للمشاركة. فيما اختلف الوضع في "الحركة القومية"، إذ تلقّى ثلاثة نواب عنه دعوات للمشاركة وهم النائب عن أنقرة، توغرول توركيش، وابن مؤسس الحركة القومية ألب أرسلان توركيش، ووزيرة الداخلية السابقة مرال أكشنر، ونائب رئيس الحركة القومية، كنان تانريكولو.
وبينما أعلن تانريكولو رفضه للمشاركة في الحكومة المؤقتة، مقدماً استقالته من رئاسة الحركة القومية، اعتراضاً على ما أطلق عليه "وقاحة إرسال طلب المشاركة في الحكومة لنائب رئيس حزب الحركة القومية"، كان ردّ توركيش مختلفاً، إذ أعلن موافقته على المشاركة في الحكومة، مما أثار عاصفة ضمن الحزب.
وأكد نائب رئيس الحركة القومية، سميح يالجين، بأنهم في الحزب ينتظرون من توركيش تقديم استقالته، أو أنه سيحال إلى لجنة تأديبية ليتم فصله بسبب مخالفة القرارات الحزبية، ليعود دولت بهجلي زعيم الحزب، بالتأكيد على أنه تمت إحالة توركيش إلى لجنة تأديبية لفصله، وبهذا لن تكون مشاركته في الحكومة بوصفه نائبا عن الحركة القومية.
وكان داود أوغلو واضحاً في استبعاد التيار القومي الكردي في حزب "الشعوب الديمقراطي" عن المشاركة في الحكومة، فتم توجيه الدعوة إلى ثلاثة نواب عن الحزب، جميعهم من التيار اليساري التركي الذين دخلوا الحزب بعد سياسة "تتريك الحركة القومية الكردية"، وجميعهم نواب عن المناطق التركية الغربية، وفي مقدّمتهم النائب عن إسطنبول لونت توزال، يساري وحقوقي تركي، وأحد مؤسسي حزب العمل. دخل إلى البرلمان أول مرة عن قائمة حزب السلام والديمقراطي عام 2011، ومعروف بتصريحاته المرتكزة على حل القضية الكردية وحقوق العمال والمشاكل البيئية، أما النائبان الآخران فهما من العلويين الأتراك، وهما كل من النائب علي حيدر كونجا عن مدينة كوجالي، أحد الموظفين الحكوميين السابقين، وأحد أعضاء الحزب "الشعبي الديمقراطي الاشتراكي" بقيادة إردال إينونو، الذي تأسس عام 1983 بعد عودة الحياة السياسية إلى تركيا إثر انقلاب 1980، وانتهى الحزب بعد استقالة عدد من أعضائه وإعادة تأسيسهم لحزب "الشعب الجمهوري".
أما النائب الثاني فهو مسلم دوغان القائد العلوي المعروف والذي ترأس لحين انتخابه نائباً عن "الشعوب الديمقراطي" جمعية "بير سلطان أبدال" التي تعنى بشؤون العلويين، ومعروف بتركيزه على حقوق العلويين، ودعواته لحل إدارة الشؤون الدينية التركية.
ومن المرتقب أن يوافق "الشعوب الديمقراطي" على العروض التي تقدم بها داودأوغلو لنوابه بشكل خطي في فترة أقصاها الساعة السادسة من مساء أمس، وبموجب الدستور لا يحق لأي حزب سوى الرفض أو الانسحاب من الحكومة المؤقتة، لتذهب حقائبه لمستقلين من داخل أو خارج البرلمان.
من المستبعد أن يحتل نواب "الشعوب الديمقراطي" الحقائب الوزارية السيادية الممثلة بمجلس الأمن القومي. مع العلم أن الحكومة هي من سيقوم بتوجيه طلب للبرلمان لتمديد الإذن بالقيام بضربات عسكرية في العراق وسورية والذي ينتهي في 2 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وهي الحكومة التي ستقوم بالتحضير لميزانية 2016 في حال تأخر تشكيل الحكومة بعد الانتخابات المقبلة، وكل هذا سيكون بحاجة إلى توقيع وزراء "الشعوب الديمقراطي".
انطلاق الحملات الانتخابية
في غضون ذلك، بدأت بعض ملامح سجالات الحملات الانتخابية بالظهور. ويبدو أنها ستتمحور حول اتهامات متبادلة لإفشال تشكيل الحكومة المؤقتة، وحول اتهام "الشعوب الديمقراطي" بمساندته الإرهاب ممثلاً بحزب "العمال الكردستاني". يأتي ذلك فيما بدأ "الشعوب الديمقراطي" حملته الانتخابية بشكل رسمي خارج البلاد، بحسب الرئيس المشارك للحزب، صلاح الدين دميرتاش.
ولا يبدو أنّ أداء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيكون مختلفاً عن أدائه المساند لحزب "العدالة والتنمية" في الانتخابات السابقة، إذ دعا يوم الأربعاء، الناخبين إلى الاختيار بين الاستقرار وعدمه خلال التصويت في الانتخابات المقبلة، قائلاً: "تعد انتخابات الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني بمثابة اقتراع يختار خلاله الناخبون بين الاستقرار وعدم الاستقرار"، في ما بدا دعوة مبطنة للناخبين إلى التصويت لحزب "العدالة والتنمية"، بدل حالة اللاستقرار التي أفرزتها خسارة "العدالة والتنمية" للغالبية البرلمانية الكافية للتفرد بالحكم.
وهاجم أردوغان بشدّة أحزاب المعارضة التي تتهمه بعرقلة تشكيل الحكومة، متهمة إياه بمحاولة الهرب من فشله في تشكيل الحكومة، قائلاً: "من لم يتمكنوا من تقديم حلول واقعية لمشاكل الشعب، يحاولون الهرب من المسؤولية عبر استهدافي، في حين أنني لن أشارك في الانتخابات"، متسائلاً "هل تم تشكيل حكومة حائزة على الغالبية وبإمكانها نيل ثقة البرلمان، وقمت أنا بإعاقتها؟"
كما استهدف أردوغان "الشعوب الديمقراطي"، قائلا: "كل من ينظر للإرهاب نظرته إلى الزهرة أو الطفل البشوش، ويعتبر المنظمة الإرهابية بمثابة جمعية للهواة، لا يمكن أن يصفه الشعب بالبريء والمسالم".
وبعدما نشرت الهيئة العليا للانتخابات جدولها الزمني المتعلق بتنظيم العملية الانتخابية، مشيرة إلى أن التصويت للمغتربين الأتراك، الذين يبلغ عددهم ما يقارب ثلاثة ملايين، سيكون بين 8 و25 من أكتوبر/تشرين الأول، وبعد حديث "العدالة والتنمية" عن رغبته بتقديم قانون للبرلمان يتيح تحويل أصوات المغتربين إلى دائرة انتخابية مستقلة بـ 15 نائباً، توجه دميرتاش، الأربعاء، إلى كل من العاصمة النمساوية فينا وبروكسل، ليبدأ الحملة الانتخابية لحزبه في أوروبا، بعدما كان في السويد الأسبوع الماضي. وبدأ "الشعوب الديمقراطي" بالعمل على الاستفادة من القاعدة التنظيمية الواسعة لحزب "العمال الكردستاني" في أوروبا لرفع نسبة الأصوات التي حصل عليها من المغتربين.
تجدر الإشارة إلى أن "العدالة والتنمية" حلّ أولَ في نسبة الأصوات التي حصل عليها من المغتربين بنسبة 49 في المائة، تلاه "الشعوب الديمقراطي" بنسبة 21 في المائة.
اقرأ أيضاً: كلجدار أوغلو يتهم أردوغان بمحاولة تدبير "انقلاب مدني"