تركيا تعيد توزيع السوريين

21 يوليو 2018
بإسطنبول وحدها أكثر من نصف مليون سوري(بولنت كيليتش/فرانس برس)
+ الخط -
يرى رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار، غزوان قرنفل، أنّ الإجراءات التركية الأخيرة، بشأن وقف تسجيل طالبي اللجوء، هي "غير قانونية" إذ لا بد لأيّ دولة أن تقدم الحماية لكلّ إنسان وصل إلى أراضيها، إن كانت حياته ببلده في خطر أو كان يعاني كحال السوريين، خصوصاً في مناطق شمال غرب سورية، من احتمال اجتياح وقصف نظام الأسد وشركائه بالحرب.

يقول قرنفل لـ"العربي الجديد" إنّ تركيا استقبلت نحو 4 ملايين لاجئ سوري، وهم نصف الذين هجّروا إلى العالم بأسره، لذلك لا يمكن تحميلها أعباء إضافية، لكن في الوقت نفسه، لا يجوز قانونياً إرجاع أي لاجئ إلى حيث يمكن أن يفارق الحياة، فضلاً عن سدّ العالم أبوابه في وجه السوريين وعدم استقبال أحد منهم.

يستبعد قرنفل ربط الإجراءات التركية بتوقف المساعدات الدولية إلى تركيا، والتي توقفت بالرغم من اتفاق الهجرة الذي جرى توقيعه في مارس/ آذار 2016، بل ربما يهدف إلى مسائل لها علاقة بالأمن والتوزع السكاني وعدم غلبة السوريين في بعض المدن والولايات التركية.

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد قالت أخيراً إنّ السلطات التركية في إسطنبول و9 محافظات على الحدود السورية أو بالقرب منها توقفت عن تسجيل معظم طالبي اللجوء السوريين الذين وصلوا مؤخراً. ويؤدي وقف التسجيل هذا إلى عمليات ترحيل غير مشروعة، وإعادة قسرية إلى سورية، والحرمان من الرعاية الصحية والتعليم.

في دورها، أشادت "المفوضية الأوروبية" مؤخراً بنظام اللجوء في تركيا، وأعلنت أنّها تخطط لتسليم الدفعة الثانية من مبلغ 3 مليارات يورو بموجب اتفاق الهجرة في مارس/ آذار 2016، والذي يتضمن دعم اللاجئين في تركيا. وقد التزمت مؤسسات وحكومات الاتحاد الأوروبي الصمت علناً بشأن وقف التسجيل والانتهاكات الأخرى بحق اللاجئين التي ترتكبها تركيا، ما يشير إلى أنّ همها الرئيسي هو وقف حركة طالبي اللجوء والمهاجرين من تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

كذلك، عادت، بحسب سوريين يعيشون في إسطنبول، حملات ملاحقة كلّ من لا يملك بطاقة الحماية المؤقتة "الكيملك" أو الإقامة السياحية، وترحيل المخالفين "مبدئياً إلى المخيمات وحرمانهم من ميزات الكيملك من صحة وتعليم وغيرها".

بالرغم من أنّ "تركيا لم تقصّر خلال السنوات السابقة" بحسب ما يقول سوريون لـ"العربي الجديد" فإنّها لا تلتزم دولياً بقاعدة عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي العرفي، والذي يحظر إعادة أيّ شخص بأيّ شكل من الأشكال إلى مكان يواجه فيه خطراً حقيقيا بالاضطهاد أو التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة أو تهديد الحياة.

من جهتهم، برّر محللون ومسؤولون أتراك أنّ الإجراءات التركية تتعلق بإعادة ضبط وضع السوريين وتوزعهم على المناطق الجغرافية، ليس إلاّ. يقول المحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، لـ"العربي الجديد": "ما جرى تداوله عبر منظمات دولية، منها هيومن رايتس ووتش، غير صحيح أبداً، لأنّ تركيا لم توقف تسجيل السوريين، بل تعيد فرز السوريين والأماكن التي فيها زيادة في عدد السكان، كإسطنبول والمدن الحدودية. ليجري تسجيل السوريين في ولايات أخرى".

يكشف كاتب أوغلو: "تصوروا أنّ نسبة السوريين وصلت في مدينة مرسين إلى 55 في المائة وهذا مثال يمكن أن ينسحب على الريحانية وإسطنبول وغازي عنتاب، فسكان غازي عينتاب الأتراك نحو 500 ألف نسمة، أما السوريون فهم 400 ألف نسمة فيها".

يضيف المحلل التركي، أنّ ما حدث أخيراً هو إعادة صياغة القانون ليجري توزيع السوريين على مناطق غير مكتظة باللاجئين، لأسباب سكانية وغير سكانية، كما لا يمكن لتركيا أن تطرد السوريين في هذه الظروف، فمن لديه "كيملك" بولاية ويسكن في أخرى، يعاد إلى حيث تسجيله، ومن لا يمتلك بطاقة الحماية، فيسجل في ولايات غير مكتظة بالسوريين، أو يجري تحويله إلى المخيمات إن كان وضعه المالي لا يساعده على العيش في المدن وتحمل النفقات، مشيراً إلى أنّ "في تركيا 29 مخيماً موزعة على 9 ولايات وتستوعب أكثر من 10 في المائة من اللاجئين السوريين في تركيا المقدّر عددهم بأكثر من 4 ملايين نسمة".

وكانت 8 ولايات تركية، قد أوقفت تسجيل اللاجئين السوريين، منذ نهاية العام الماضي، وعادت إلى تفعيل الحملة هذه الأيام، بهدف توزيع السوريين على الولايات ومنع زيادتهم بمدن محددة، كإسطنبول التي يزيد فيها السوريين عن 700 ألف نسمة وفق تقديرات تركية غير رسمية.




وأصدرت وزارة الداخلية التركية ودائرة الهجرة التابعة لها مؤخراً إحصائية جديدة لعدد اللاجئين السوريين على الأراضي التركية، قالت فيها إن عددهم تجاوز ثلاثة ملايين و424 ألف لاجئ. وتفيد الإحصائية، بأنّ معظم اللاجئين السوريين يعيشون في مدينة إسطنبول وعددهم 537 ألفًا و829 سوريا، تليها مدينة شانلي أورفة (462 ألفًا و961 سوريا) ثم ولايات هاتاي وغازي عنتاب ومرسين وأضنة وبورصة وكلس وأزمير وقونيا على التوالي.
المساهمون