تركيا ترفض التفسير الروسي لمقتل جنودها بإدلب وتستهدف قوات النظام

28 فبراير 2020
تابع أكار تطورات الأوضاع الميدانية من هطاي (عارف أكدوغان/الأناضول)
+ الخط -
أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الجمعة، أنّ الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، أجريا محادثات هاتفية بعد مقتل جنود أتراك في سورية، وبحثا تطبيق الاتفاقات المتعلقة بإدلب، في وقت قصفت تركيا، من البر والجو، عناصر النظام السوري في إدلب، طوال ساعات الليل.
وشدّد لافروف على أن بلاده مستعدة للعمل من أجل تحسين أمن القوات التركية في سورية. وأضاف أن روسيا تقدم تعازيها لتركيا بمقتل الجنود، مؤكداً أنه يمكن تجنب "مثل هذه المآسي". 

وأوضح لافروف أن محادثة بوتين وأردوغان "كانت مفصلة ومكرسة لضرورة القيام بكل ما يمكن للوفاء بالاتفاقات الأصلية المتعلقة بمنطقة خفض التصعيد في إدلب"، في إشارة إلى الاتفاقات التي تم التوصل إليها في منتجع سوتشي جنوبي روسيا، في سبتمبر/أيلول 2018.

وعلّق على الموقف الروسي من غارة النظام السوري التي أسفرت عن مقتل عسكريين أتراك، قائلاً إن موسكو "لا يمكنها منع الجيش السوري من الوفاء بالمطالب المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن مكافحة جميع أشكال الإرهاب ومظاهره بلا هوادة".

من جهته، قال الكرملين في بيان، نشر على موقعه الرسمي، إن بوتين وأردوغان "واصلا التبادل الموضوعي للآراء حول الوضع في سورية، معربَين عن قلقهما البالغ إزاء تصاعد التوتر في إدلب، الذي أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا، بما في ذلك بين العسكريين الأتراك"، مشدّدَين على أهمية زيادة فاعلية التنسيق بين وزارتي الدفاع الروسية والتركية.

وأضاف البيان أن الرئيسين "شددا على أولوية مكافحة مجموعات الإرهاب الدولي"، مؤكدَين ضرورة اتخاذ إجراءات إضافية لتهدئة الوضع في شمال غرب سورية، والنظر في عقد لقاء بينهما في أقرب وقت. ويأتي هذا بعد وقت قصير من إعلان تركيا رفضها التفسير الروسي بأن جنودها الذين قتلوا كانوا ضمن "مجموعات إرهابية".

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار: "استهداف جنودنا وقع على الرغم من التنسيق الميداني مع المسؤولين الروس حول إحداثيات مواقع قواتنا"، مشيراً إلى أنه "على الرغم من تحذيراتنا عقب القصف الأول (على الجنود الأتراك)، استمرّت الغارات الجوية وطاولت حتى سيارات الإسعاف"، مؤكداً أنه "لم تكن هناك أي مجموعة مسلحة في محيط وحداتنا خلال الهجوم الأخير على قواتنا". وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم، أن الجنود الأتراك الذين استهدفهم قصف قوات النظام السوري كانوا ضمن "وحدات مقاتلة من مجموعات إرهابية".


وحول تفاصيل الردّ التركي على الهجوم، أوضح الوزير أكار أنه "جرى قصف أكثر من 200 هدف للنظام السوري بعد الهجوم الغادر، بشكل مكثف، عبر مقاتلات وطائرات مسيّرة مسلحة ووسائط الإسناد الناري البرية"، مشيراً إلى أن الرد تكفل بـ"تحييد (قتل، جرح، أسر) 309 عناصر من قوات النظام السوري، وتدمير 5 مروحيات و23 دبابة و23 مدفعية، ومنظومتين للدفاع الجوي طراز SA-17 وSA-22". كما أكد أكار تدمير 10 مدرعات و5 شاحنات لنقل الذخيرة و3 مستودعات للذخيرة ومستودعين للمستلزمات العسكرية، وأحد المقرات التابعة لقوات النظام، لافتاً إلى أن القصف في إطار الردّ على هجوم النظام ما زال مستمراً، مضيفاً: "ستتواصل عملياتنا لحين كسر الأيدي الملطخة بالدماء التي تتطاول على جنودنا والمظلومين في المنطقة".

في غضون ذلك، نقلت قناة "إن تي في" التلفزيونية عن مدير الاتصالات في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون، قوله إن أردوغان سيتحدث مع زعماء الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا بشأن التطورات في إدلب.

محادثات تركية - روسية
ويواصل الوفدان التركي والروسي، اليوم الجمعة، اجتماعاتهم حول إدلب، لليوم الثالث على التوالي، في مقر وزارة الخارجية بالعاصمة أنقرة. وبحسب مصادر دبلوماسية، أوردتها "الأناضول"، يبدأ الاجتماع الساعة 16:00 بالتوقيت المحلي، في الجولة الثالثة من اللقاءات.

إلى ذلك، بثّت وكالة "الأناضول"، نقلاً عن مصادر عسكرية، مشاهد ملتقطة عبر طائرات مسيّرة، تظهر القصف البري والجوي الذي نفذه الجيش التركي على مواقع النظام السوري. وتظهر المشاهد لحظات استهداف أرتال مدرعات وعناصر متحركة تابعة للنظام، ومواقع تستخدمها قواته كمقرات ومخازن أسلحة.

وأفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، اليوم الجمعة، بمقتل 16 عنصراً من قوات النظام السوري في قصف نفذه الجيش التركي في محافظة إدلب.

وأشار المرصد إلى "مقتل 16 عنصراً من قوات النظام جراء قصف تركي بالمدفعية والطائرات المسيرة استهدف مواقع لقوات النظام بأرياف إدلب الشرقية والجنوبية والجنوبية الشرقية". ولم تعلّق سلطات دمشق على التصعيد الأخير مع أنقرة كما لم تعلن حصيلة.
وأعلن والي هاتاي التركية رحمي دوغان، مساء الخميس، مقتل 33 جندياً جراء قصف جوي لقوات النظام السوري على أفراد من الجيش التركي في إدلب، فضلاً عن وجود 36 مصاباً في المستشفيات.

ووصل أكار، فجراً، يرافقه قائدا القوات البرية، الفريق أوميت دوندار والجوية الفريق حسن كوتشوك أكيوز، لمنطقة التماس بولاية هطاي المتاخمة للحدود السورية، لمتابعة تطورات الأوضاع.
وبحسب "الأناضول"، حرص القادة العسكريون الأتراك على متابعة العمليات التي تنفذها مركبات الدعم البري والجوي ضد أهداف النظام السوري بإدلب.

وقالت مصادر محلية في إدلب، إن قوات النظام استهدفت بقذائف المدفعية الثقيلة نقطة تركية في مدينة ‎بنش شرقي إدلب، من دون ورود معلومات عن وقوع إصابات، في الوقت الذي شنّت فيه المقاتلات الروسية غارات على كل من قيمناس، وسرمين، وسراقب شرقي إدلب، بالإضافة إلى قصف عدة قرى في جبل الزاوية، ما أدّى إلى مقتل أربعة مدنيين من عائلة واحدة (رجل وزوجته وطفليهما)، أثناء محاولتهم النزوح باستخدام دراجة نارية في قرية بليون بجبل الزاوية.

وشنت فصائل المعارضة هجوماً عسكرياً معاكساً على مواقع قوات النظام في قريتي الطلحية وكراتين، بالقرب من مطار تفتناز شمال شرقي إدلب، وذلك بهدف تأمين محيط مدينة سراقب، التي سيطرت عليها الفصائل فجر أمس الخميس.

يأتي ذلك بعد أن صدّت الفصائل هجوماً لقوات النظام على المدينة، بهدف استعادتها، من محوري الدوير وتل الشيخ منصور، شرقي سراقب، من دون أن تتمكن القوات المهاجمة من إحراز أي تقدم.

ويستمرّ القصف التركي لمواقع قوات النظام في أمكان متفرقة من إدلب وأرياف حلب، ما أوقع خسائر كبيرة في صفوف قوات النظام ومليشيات تساندها.

وشدّد رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب على أن بلاده سترد بشدة على أي هجوم يستهدفها، قائلاً في تصريح صحافي: "سنرد بشدة على أي هجوم يستهدف بلادنا في ظل تواصل الجهود الدبلوماسية والمبادرات على الصعيد الدولي".
وقال إن تركيا "ليست دولة تلتزم الصمت حيال هجوم يستهدفها مهما كانت الحسابات الدولية".

تحذير من صراع دولي كبير
في غضون ذلك، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي خوسيب بوريل، اليوم الجمعة، إن التوتر في منطقة إدلب السورية قد يتصاعد إلى صراع دولي كبير، مضيفاً أن التكتل سيدرس كافة الإجراءات الضرورية لحماية مصالحه الأمنية.

وكتب بوريل على "تويتر": "التصعيد المستمر حول إدلب يجب أن يتوقف على الفور. هناك خطر من الانزلاق نحو مواجهة عسكرية دولية مفتوحة. هذا يتسبب كذلك في معاناة إنسانية غير محتملة ويعرض المدنيين للخطر". وأضاف "يدعو الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى خفض التصعيد على وجه السرعة، ويعبّر عن أسفه لجميع الخسائر في الأرواح. يدرس الاتحاد الأوروبي كافة الإجراءات الضرورية لحماية مصالحه الأمنية. نحن على اتصال مع كافة الأطراف المعنية".




وعقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) اجتماعاً طارئاً حول المستجدات في سورية بناء على طلب تركيا.

ودعا الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع على مستوى السفراء، روسيا وسورية، لوقف الهجوم في إدلب، قائلاً إن الحلف متضامن مع تركيا.

وأضاف: "ندعو روسيا والنظام السوري لوقف الهجمات والضربات الجوية العشوائية... كما ندعو روسيا وسورية إلى الاحترام الكامل للقانون الدولي"، مضيفاً: "نطلب من سورية وروسيا للمشاركة الكاملة في المساعي التي تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي للصراع في سورية".


تدفق للمهاجرين نحو اليونان

في هذه الأثناء، قالت وكالة "الأناضول" إن مهاجرين سوريين بدأوا بالتوافد على ولاية أدرنة التركية الحدودية مع اليونان، عقب الأنباء التي قالت إن تركيا لن تعيق عبور المهاجرين نحو أوروبا.
وبحسب الوكالة، فإن عشرات المهاجرين غير النظاميين توجهوا منذ ساعات الليل إلى أدرنة، ومن ثم بدأوا السير نحو المناطق الحدودية، وشهد تدفق المهاجرين ازدياداً ملحوظاً في ساعات صباح اليوم الجمعة، حيث شرعوا في القدوم إلى أدرنة بالحافلات وسيارات الأجرة.

وبدأ المهاجرون بالتوجه إلى عدة نقاط في الولايات الغربية، عقب تداول أخبار عن أنّ تركيا لن تعيق حركة المهاجرين غير النظاميين باتجاه أوروبا.

وأظهرت صور، بثتها صفحة موقع "كوزال" التركي الناطق بالعربية، مهاجرين سوريين أثناء استعدادهم للتوجه من مدينة إسطنبول إلى أدرنة، من أجل العبور إلى اليونان، حيث تجمع العشرات منهم أمام مكان يبدو أنه حُدّد سابقاً لانطلاق الباصات إلى أوروبا، بالقرب من محطة التوب كابي لـ"مترو" داخل مدينة إسطنبول.

وفي هذا السياق، أكد المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بيتر ستانو، اليوم الجمعة، أن الاتحاد الأوروبي يتوقّع من تركيا احترام تعهّداتها الواردة في الاتفاق الهادف للحدّ من تدفق المهاجرين من سورية بعد التصعيد العسكري "الخطير" في البلاد. وقال ستانو إن المسؤولين الأتراك لم يبلغوا بروكسل بأي تغيير للاتفاق، على الرغم من التقارير التي أشارت إلى أن السلطات التركية "فتحت الأبواب" أمام اللاجئين السوريين للتوجّه إلى أوروبا، مضيفاً: "نتوقّع من تركيا تطبيق الجزء المرتبط بها من الاتفاق".

المساهمون