تركيا تترقب الأحد مناظرة تاريخية بين مرشحي بلدية إسطنبول

15 يونيو 2019
المناظرة ستبثها القنوات التركية مباشرة مساء الأحد (كريس ماكغراث/Getty)
+ الخط -

تترقّب تركيا، مساء الأحد، مناظرة تاريخية مباشرة تشهدها للمرة الأولى منذ 17 عاماً، والأولى من نوعها لحزب "العدالة والتنمية" منذ تولّيه الحكم عام 2002، وتجمع بين مرشحه لرئاسة بلدية إسطنبول بن علي يلدريم، ومرشح المعارضة عن حزب "الشعب الجمهوري" أكرم إمام أوغلو.

المناظرة المباشرة على الهواء، ستبث عند الساعة التاسعة مساءً بتوقيت إسطنبول، السادسة بتوقيت غرينتش، على كافة القنوات التركية التي استعدّت بشكل مسبق من أجل متابعة المناظرة من جهة، والتسابق في استضافة المحللين السياسيين ما قبل المناظرة وما بعدها من جهة أخرى.

وتعتقد مختلف الأوساط التركية، أنّ المناظرة ستكون حاسمة لمعرفة مصير إعادة انتخابات إسطنبول التي تُجرى الأحد 23 حزيران/ يونيو الجاري، بعد أن أُلغيت نتائج الانتخابات السابقة التي جرت في 31 آذار/ مارس الماضي، والتي طعن فيها حزب "العدالة والتنمية" وسط شكوك في صحة نتائجها، بعدما تفوّق فيها مرشح المعارضة إمام أوغلو، بفارق تجاوز الـ13 ألف صوت، وهو فارق بسيط جداً في مدينة يتجاوز عدد الناخبين فيها 10 ملايين ونصف المليون ناخب.

ولفتت عدة نقاط تتعلّق بالمناظرة الأنظار، منها ما هو مرتبط بـ"العدالة والتنمية" وأخرى بالمعارضة، والرأي العام، والأولى مرتبطة بموافقة حزب "العدالة والتنمية" على إجراء المناظرة التي رفضها على مدار 17 عاماً، وهذه بدورها ترتبط بتراجع أصوات الحزب عامة، وفي أبرز المدن التركية، وخاصة إسطنبول والعاصمة أنقرة، حيث يسعى الحزب عبر هذه المناظرة لإثبات إنجازاته وتقديم وعوده أمام الشعب كي يقرر بنفسه.

ويهدف حزب "العدالة والتنمية" في قبوله للمناظرة، لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، من مثل توجيه ضربة لاستراتيجيات المعارضة، إذ كان مرشحها إمام أوغلو يكرر دائماً أنّ خصمه يلدريم لا يجرؤ على مناظرته علناً ما يعني هربه من استحقاق مهم.

كما أنّ على حزب "العدالة والتنمية" توضيح مواقفه من إعادة الانتخابات، واستغلال مشاهدة أنصار المعارضة للحوار لتوجيه رسائله، وعرض إنجازاته، ولا سيما أنّه لجأ إلى تهدئة الشارع التركي، والابتعاد عن لغة الاستقطاب، على عكس مرشح المعارضة الذي بدت العصبية والتوتر عليه خلال الفترة السابقة، مع سحب وثيقة فوزه بالانتخابات الملغاة.

وعمل حزب "العدالة والتنمية" على تسمية مذيع محسوب على المعارضة من أجل إدارة المناظرة، حيث سمّى بداية أوغور دوندار وهو من أبرز الصحافيين المؤيدين لحزب "الشعب الجمهوري"، ولكنّه رفض إدارة المناظرة، ومن ثم وقع الاختيار على مذيع قناة "فوكس" المعارضة إسماعيل كوجوك كايا، وهو أيضاً مؤيد للمعارضة بشكل علني.

وتفيد الأوساط المتابعة، بأنّ سبب اختيار "العدالة والتنمية" لكايا، يهدف إلى ضرب جبهة المعارضة إذا ما كانت نتيجة المناظرة في صالحه، أو اعتبار أنه تعرض للظلم من إعلامي مؤيد للمعارضة في حال كانت النتيجة ضده.

وتتعلّق النقطة الثانية بجبهة المعارضة، إذ سيسعى إمام أوغلو لطرح نفسه كشخص تعرّض لظلم الهيئة العليا للانتخابات، ويسعى لإثبات فساد وإسراف حزب "العدالة والتنمية" في حكمه لبلدية إسطنبول، مستنداً لـ18 يوماً تولّى فيها حكم إسطنبول، جمع خلالها معلومات ومعطيات عديدة، وهو شعار يستخدمه في حملة انتخابات الإعادة.

كما أنّ إمام أوغلو سيستثمر ظهوره لتوجيه رسائل لأنصار "العدالة والتنمية" المتابعين للمناظرة، وتبرير تصرفاته المتوترة مؤخراً، التي تمثلت بسجال مع صحافيين خلال بث مباشر، وتوجيه كلمات مهينة لوالي مدينة أوردو خلال فترة العيد، فضلاً عن جداله مع مواطنين في الشارع.


المناظرة المرتقبة، جعلت شركات استطلاعات الرأي توجه كل أعمالها إلى فترة ما بعد المناظرة، من أجل سؤال المواطنين عن رأيهم، معتبرين أنّ أي استطلاع للرأي قبلها لن يكون واقعياً، بتأثيرها على توجهات الناخبين.

واستشهد هؤلاء بما تعرّض له الرئيس رجب طيب أردوغان عام 1994، إذ ساهمت المناظرة في فوزه ببلدية إسطنبول، وأكسبته بشكل مباشر 5 نقاط، أثّرت في نتيجة تلك الانتخابات.

وسيتم خلال الأسبوع الأخير الذي يسبق الانتخابات، نهاية الشهر الجاري، تكثيف العمل الميداني لقياس رأي الشارع التركي.

ودفعت أهمية المناظرة أردوغان للحديث عنها، معتبراً أنّها ستشكّل "نقطة تحوّل" في مصير الانتخابات قبل أسبوع من إجرائها، وسط اهتمام إعلامي غير مسبوق، إذ ستدفع بالشارع التركي للتسمر أمام شاشات التلفاز ليلة الأحد، لتحديد الجهة صاحبة الإنجازات، والوعود التي يمكن تنفيذها.