بدأت الأحزاب التركية بتحضير أجندتها للانتخابات البرلمانية المقبلة. وبرز حزب "الحركة القومية" (قومي تركي) المعارض، ثاني أكبر أحزاب المعارضة التركية، في استعداداته، عبر إطلاق حملة تفتيش دقيقة ضمن الحزب، ضد المتعاونين والمنضمين لـ"حركة الخدمة" بقيادة الداعية الإسلامي فتح الله غولن، وذلك قبل الانتخابات النيابية المقررة في يونيو/حزيران من العام المقبل.
وعلمت "العربي الجديد" أن "حزب الحركة القومية، عقد اجتماعات مكثفة في فروعه وشُعَبه، في محاولة لتطهير الحزب ومنع تسلل أعضاء حركة الخدمة إليه، وذلك قبل المؤتمر الحزبي المقرر عقده العام المقبل، فأجرت قيادة الحزب تفتيشاً دقيقاً لأسماء المنتسبين الجدد، وأظهرت حذراً كبيراً في اختيار أسماء المرشحين المحتملين لشغل المناصب الإدارية ضمن الحزب".
وذكر مصدر في "الحركة القومية"، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "تدابير مشددة سيتم اتخاذها فيما يخص الشخصيات المرشحة لرئاسة أو عضوية اللجنة المركزية للحزب، أو مرشحي الحزب للبرلمان في الانتخابات المقبلة".
وتأتي هذه الإجراءات بعد أسبوع تقريباً من اعتراف نائب رئيس الحزب توغرول توركيش، أن "حركة الخدمة حاولت التغلغل ضمن الحزب". وأكد رئيس الحزب دولت باهجه لي، ذلك في وقتٍ لاحق، مشيراً إلى أن "جماعة فتح الله غولن أو حركة الخدمة، حاولت التغلغل داخل حزبه، في وقتٍ سابق، إلا أنها فشلت في تحقيق ذلك".
وتأزمت العلاقة بين الحزب والحركة، على إثر اتهام قيادة "الحركة القومية" لـ"حركة الخدمة" بالوقوف وراء تسريب فيديو يحتوي على فضائح جنسية عام 2011، أدى إلى استقالة أكثر من 10 من كبار المسؤولين التنفيذيين، من بينهم نائب رئيس الحزب".
كما تنتشر الكثير من التقارير الإعلامية، التي أكدت أن أعضاء "حركة الخدمة" توجّهوا لباقي أحزاب المعارضة التركية، باستثناء "الحركة القومية"، التي تُصليها عداءً شديداً، وذلك إثر قيام "العدالة والتنمية"، بحملة تصفية واسعة لأعضاء الحركة من صفوفه.
وتشير الكثير من التقارير إلى أن "حركة الخدمة" أصبحت تمتلك نفوذاً عالياً في حزب "الشعب الجمهوري"، إذ إن العديد من النواب عن الحزب هم من أعضاء الحركة، كما أنها تقف وراء الدفع بأكمل الدين إحسان أوغلو المحافظ، مرشحاً توافقياً بين أحزاب المعارضة التركية لرئاسة الجمهورية، التي جرت في 10 أغسطس/آب الماضي.
وكانت "حركة الخدمة" قد تعرّضت لحرب شديدة من "العدالة والتنمية"، إثر عملية الفساد أو "عملية 17 ـ 25 ديسمبر" التي أدّت إلى اعتقال شخصيات مقرّبة من الحكومة التركية، بما فيها أبناء ثلاثة وزراء. لتشنّ بعدها الحكومة حملة اعتقالات واسعة، ضمن صفوف الشرطة والاستخبارات، وتُحيلهم إلى المحاكمات بتهمة "التنصّت غير المشروع"، لتصبح تلك التهمة المحور الذي تقوم عليه تصفية ما كان يطلق عليه في تركيا "مدعي وشرطة غولن".
وظهر هذا المصطلح للمرة الأولى بين عامي 2003 و2006، بعد قضيتي المطرقة و"الإرغنكون"، اللتين نالتا دعماً واسعاً من قبل الإعلاميين والمثقفين، لكسر وصاية وسيطرة الجيش التركي، بعد قيام الشرطة والمدعين العامين التابعين للجماعة، بدور ريادي في العمليتين، ليتحوّل بعد حملة الكراهية التي شنتها الحكومة ضد الجماعة، إلى ما أطلق عليه رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، بـ"الكيان الموازي"، الذي يحاول السيطرة على الدولة، بعد أن أصبحت هزيمة الجماعة في انتخابات مجلس القضاة والمدعين العامين، آخر فصول هذه المعركة، التي لا يبدو أنها ستنتهي قريباً.