ترقيات الشرطة المصرية: مكافأة لقمع التظاهرات أم تنقلات روتينيّة؟

03 اغسطس 2014
الداخلية تكافئ الشرطة بالمحافظات التي أجهضت التظاهرات(محمد الشاهد/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
استبقت وزارة الداخلية المصرية حلول الذكرى السنوية الأولى لمذبحة رابعة العدوية والنهضة، في 14 أغسطس/ آب من العام الماضي، وأقرت، يوم الخميس، ترقيات وتنقلات داخل جهاز الشرطة، الأمر الذي فسّره بعض الخبراء بأنه "جراحة تجميلة" بعد فشل الوزارة في القيام بالإصلاح الجذري. في المقابل، تضاربت الأنباء حول استبعاد عشرات الضباط، الذين ثبت انتماؤهم إلى جماعة الإخوان المسلمين، من هذه الترقيات والتنقلات.

وشملت الحركة السنوية الدورية للوزارة، للعام الحالي، تعيين 19 مساعداً لوزير الداخلية، محمد إبراهيم، و12 مديراً للأمن، و56 من مديري الإدارات العامة والمصالح، و12 مديراً لإدارات البحث الجنائي، و13 مديراً للمرور. وادعت وزارة الداخلية، في بيان، أن الحركة أبقت على 15 مديراً للأمن بعد نجاحهم في تحقيق معدلات مرتفعة في مجال مكافحة الجرائم، من بينهم مديرو أمن القاهرة والجيزة والإسكندرية والشرقية والفيوم والمنيا وأسيوط، وهي مجموعة من أبرز المحافظات التي أجهضت فيها أجهزة الأمن تظاهرات معارضة للانقلاب العسكري، وسقط على أثرها عشرات الشهداء فضلاً عن اعتقال المئات.

كما شملت الحركة ترقية اللواء أشرف رؤوف محمد الهواري من منصب مدير إدارة عامة بقطاع الأمن الوطني، الذي حل محل "جهاز أمن الدولة" بعد ثورة 25 يناير، إلى منصب مدير الإدارة العامة للقضاء العسكري، واللواء نصير خليل محمد من منصب مدير الإدارة العامة للأسلحة والذخائر إلى منصب مدير الإدارة العامة لإمداد الشرطة.

اللافت أيضاً ترقية اللواء سميح أحمد بشادي، مدير أمن شمال سيناء السابق، وهي المحافظة التي استهدفت قوات الجيش والشرطة سكانها بحملات أمنية موسّعة بدعوى محاربة "الإرهاب"، ما تسبّب في سقوط ضحايا مدنيين من بينهم أطفال ونساء، وقد استلم بشادي منصب مساعد وزير الداخلية لمنطقة القناة.

كذلك تضمنت الحركة ترقية اللواء محمد فايق موسى عبد البصير من منصب وكيل الإدارة العامة بقطاع مصلحة السجون إلى منصب مدير الإدارة العامة بقطاع مصلحة السجون، التي يقبع فيها نحو 40 ألف معتقل منذ 3 يوليو/ تموز 2013.

في المقابل، استبعد الخبير السياسي، أمجد الجباس، في حديث لـ"العربي الجديد"، ما تردد بشأن استبعاد المشكوك في انتمائهم للإخوان المسلمين من حركة التنقلات الأخيرة. وكانت صحف مصرية قد نقلت عن "مصدر أمني" قوله إن "الحركة شملت استبعاد عشرات الضباط الذين ثبت انتماؤهم إلى جماعة الإخوان المسلمين، والتعاون مع قياداتها إبان فض اعتصامي رابعة والنهضة". وقال الجباس: "أصبحت هذه النوعية من الأخبار مساراً للتندّر. يجب الكشف عن هوية هذه المصادر، والإعلان عن قائمة بأسماء الضباط المستبعدين بدعوى انتمائهم للإخوان"، مضيفاً أن "إثارة هذه الشائعات محاولة لتبرير كثرة أعداد الضباط المستبعدين في الحركة الأخيرة".

وفي ما يتعلق بالإبقاء على بعض مديري الأمن في محافظات عدة، أشار الجباس 
إلى أن "حركة الترقيات جاءت بعد عيد الفطر الذي شهد حالات تحرش بالجملة شهدتها محافظات مختلفة على مستوى الجمهورية". وأكمل: "لا نستطيع أيضاً الجزم بالإبقاء على بعض مديري الأمن لدورهم في قمع التظاهرات المعارضة للانقلاب، لأن هذه المناطق المختلفة في البلاد شهدت تنظيم تظاهرات مطالبة برحيل العسكر، فالأمر لا يرتبط بمحافظات بعينها".

ووصف الجباس حركة الترقيات والتنقلات بـ"الجراحة التجميلية" التي تحاول من خلالها السلطة الحاكمة إقناع الرأي العام بأنها استجابت لمطالبهم بتطهير الوزارة وإعادة هيكلتها، وهو ما يؤكده تضخيم وسائل الإعلام حجم الحركة، وإظهارها بأنها الأكبر بالرغم من عدم تحقيقها إصلاحاً جذرياً.

بدوره، قال الخبير الأمني، طارق الجوهري، في تصريحات متلفزة، إن "توقيت اعتماد حركة التنقلات والترقيات لا يحمل أي دلالة"، موضحاً أن "الوزارة تعلن هذه الحركة في شهر أغسطس/ آب من كل عام". وتابع الجوهري: "ترددت معلومات عن استبعاد الضباط المشكوك في انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين ضمن الحركة"، وهو ما دفعه للتساؤل: "كيف تتأكد قيادات الوزارة من ذلك؟ هل إذا رفض بعض الضباط إطلاق الرصاص على المتظاهرين يتم اتهامهم بالانتماء للجماعة؟". وأردف الجوهري: "قدّم بعض الضباط استقالاتهم لخوض الانتخابات البرلمانية، ثم عادوا لعملهم من جديد، فأحالتهم الوزارة للاحتياط ثم إلى المعاش، ولم يحصل هؤلاء على أي مستحقات". وأكمل: "تم رصد الضباط الذين أبدوا تعاطفاً مع الإخوان في فترة حكم الرئيس محمد مرسي، وعددهم قليل، ومن الطبيعي أن يتم استبعاد هؤلاء في أول حركة تنقلات".

وفسّر الجوهري استبعاد مديري الأمن بمحافظات البحيرة وكفر الشيخ والدقهلية والمنوفية في حركة التنقلات الأخيرة بقوله: "شهدت هذه المحافظات حراكا ثورياً، ورأت قيادات الوزارة أن مديري الأمن بهذه المحافظات لم يتعاملوا معها بالشكل المطلوب، فتم استبعادهم"، لافتاً إلى أن "الحركة شهدت تدعيماً واضحاً لقطاع الأمن الوطني".
المساهمون