ترقص؟ أرقص

13 يوليو 2018
في أحد شوارع طهران (عطا كيناري/ فرانس برس)
+ الخط -
ذنب مائدة حجابري أنها رقصت. الرقص يخالف "المعايير الأخلاقية" في إيران. وإيران تخالف المعايير الإنسانية والعالمية في معاييرها. اعتقلت مائدة حجابري إذاً وأُجبرت على الاعتراف بـ "ذنب مخالفة المعايير الأخلاقية في إيران"، والسبب أنها نشرت فيديوهات لها على موقع إنستغرام وهي ترقص.

بات معلوماً أن النساء في إيران محرومات من الكثير من حقوقهن، وتمارس السلطات الإيرانية على النساء أفعالاً قمعية، أقلها في ما خص حرية اللباس والحركة والتصرف في الحيز العام. لكن في اعتقال مائدة حجابري بعداً آخر. إنه ضبط لحرية النساء في منازلهن. لا شك أن حدود الحيزين العام والخاص قد تداخلا في العالم الافتراضي، لكن الحسابات الإلكترونية الشخصية للأفراد تبقى في نطاق الحيز الخاص، أو أقله العام ـ الافتراضي. مع مائدة حجابري بات خناق السلطة يضيق بشكل فاضح على النساء، فارضاً قيوداً وحدوداً على النساء في منازلهن وخياراتهن بما يودون نشره. تذكرنا هذه الحادثة بما قامت به السلطات المصرية حين اعتقلت امرأة في منزلها لأنها كانت تلتقط صوراً أثناء الثورة من على شرفة منزلها. هذه تصرفات الأنظمة القمعية والترهيبية الفاقعة في تقييد حرية النساء والفتيات في منازلهن.

في حادثة حجابري بعد آخر ليس بأقل خطورة. السيطرة على أجساد النساء وقمعها. لو انقلبت الآية، ونزّل شاب صوراً أو فيديو له وهو يرقص، هل كانت السلطات الإيرانية لتعتقله؟ بالتأكيد لا. تنبع السيطرة على أجساد النساء من الخوف الذكوري من أجسادهن وربطها بالمعايير الأخلاقية والآداب العامة. هذه السلطة هي وريثة الفكر الذكوري أو أكثر تجلياته بروزاً والتي لطالما قمعت النساء وأجسادهن. هو المنبع نفسه الذي يفرض على النساء الحجاب وغطاء الرأس في إيران ويعتقل كل من لا تخضع لتلك القواعد.



تعيش النساء في إيران إذاً في ظل أنظمة قمعية ناشطة على كافة الصعد. لا تكتفي السلطات بالقمع وإصدار القوانين المانعة، بل تسعى إلى الاعتقال والمحاسبة، وذلك لبث ثقافة الخوف والرعب بين النساء. وبعد صور المشجعات الإيرانيات في كأس العالم، لا بد من إعادة فرض "هيبة" رجال الدين المتحكمين في مصير 80 مليون إيراني وإيرانية.

إيران هو ذلك البلد الذي اعتقل 35 سيدة بعدما حاولن حضور مباراة لكرة القدم في طهران في آذار/ مارس المنصرم. وهو ذلك البلد الذي اعتقل مجموعة من النساء لأنهن لم يلتزمن بالحجاب في أواخر العام 2017، وقام باعتقال 29 شابة إيرانية لأنهن تظاهرن ضد فرض الحجاب.

لكن في مقابل محاولات فرض الرعب وبثه من قبل السلطة، ثمة مشهدية رائعة من التضامن النسوي والتضامن العام في إيران وغيرها من الدول العربية مع مائدة وأخريات. وكانت بعض النساء في إيران قد نشرن صوراً وفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي وهن يرقصن من دون غطاء الرأس تحت وسم #الرقص_ليس_جريمة، #الرقص_بحرية. لكن، هل من أمل في التغيير في بلد تعتبر فيه الرياضة والرقص من التابوهات على النساء؟

(ناشطة نسوية)
دلالات