ترقب لموعد إعلان الحكومة العراقية: الوزارات الخدمية من حصة المستقلين

24 أكتوبر 2018
اتهامات للصدر والعامري بتقاسم الحكومة (الأناضول)
+ الخط -

24 ساعة تفصل عن كشف رئيس الوزراء العراقي المكلّف، عادل عبد المهدي، عن تشكيلته الحكومية الجديدة، بحسب ما ألزم نفسه به قبل أيام عندما قال في بيان إنّ إعلان حكومته سيكون خلال هذا الأسبوع. ومن المؤمل أن يعقد البرلمان جلسة خاصة بكامل أعضائه لاستقبال عبد المهدي الذي من المقرّر أن يعرض تشكيلته الوزارية ويطلب من البرلمان منحها الثقة، كما ينصّ عليه الدستور العراقي النافذ في البلاد.

وشهدت الأيام الماضية مشاحنات كبيرة بين الأحزاب السياسية المختلفة بما فيها الكتل المتحالفة داخل قائمة واحدة بسبب أسماء المرشحين للوزارات، كما شهدت اعتراض الكتل على حصصها في الحكومة التي تراجعت بفعل إصرار عبد المهدي على إبعاد الوزارات الخدمية عن حصص الأحزاب في الحقائب الوزارية المخصصة لها. ووصلت هذه المشاحنات ذروتها مساء أمس الثلاثاء مع تسريب أسماء مستقلة غير متحزبة لشغل مناصب وزير النفط، وزير الكهرباء ووزير الإسكان والإعمار، والتي تمثّل أحد أوسع منافذ الفساد المالي في البلاد.

 وبحسب مصدر مقرّب من عبد المهدي، تحدّث لـ"العربي الجديد"، فإنّ "حوارات الرئيس المكلّف انتهت مع الأحزاب، بعد أن أكمل تشكيلته الوزارية بنسبة 70 في المائة، ومن المقرّر أن تشهد الساعات المقبلة لقاءات أخرى لحسم الوزارات السيادية التي ما زالت معلّقة بسبب خلافات بين الكتل السياسية، من أبرزها الدفاع والداخلية والخارجية والمالية والتخطيط". إلا أنّ مسؤولين أشاروا إلى أنّ عبد المهدي وافق على كثير من شروط بعض الكيانات السياسية ذات المقاعد الوازنة في البرلمان الجديد، لاسيما تحالف "سائرون" الذي يتزعمه مقتدى الصدر، وتحالف "الفتح" الذي يتزعمه هادي العامري، واللذان عملا خلال الأيام الماضية على ترتيب الحكومة الجديدة وفق مقاسات متوازنة بين القوى السياسية، وحصلا على حصة "الأسد"، بحسب المسؤولين.

وأضاف المصدر أنّ "عبد المهدي عمد إلى اختيار وزراء مستقلين للوزارات الهامة، وأبرزها النفط، وحتى الآن الأسماء حول منصب وزير النفط تتراوح بين ثلاثة، وهم موظفون في الدولة، ويترأسون منشآت نفطية، وهو ما أغضب رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم الذي كان يريد أن تكون الوزارة من حصته"، موضحاً أنه "برغم الخلافات والضغوطات البسيطة التي يتعرّض لها عبد المهدي من الأحزاب العراقية، إلا أنّ العقبة الكبيرة التي واجهته خلال الأيام الماضية، هي الأحزاب الكردية وتحديداً الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني. فقد اشترطت قيادة الحزب الحصول على ثلاث وزارات سيادية ورابعة خدمية، مع تقديم أسماء المرشحين لها من قبل الحزب وليس من قبل عبد المهدي، ولكنه (عبد المهدي) تمكن أخيراً من ملء كل الفراغات في حقيبته الوزارية مع وضع أكثر من اسم لكل وزارة، ولم يبق أمامه سوى حلّ بعض المشكلات مع الأكراد، والتوجّه للبرلمان وإعلان الحكومة الجديدة".

وعن نسبة غير المتحزّبين من الوزراء الجدد في حكومة عبد المهدي، بيَّن المصدر أنّ "الوزراء المستقلين في الحكومة يمثّلون 40 في المائة، وهي نسبة ليست قليلة، وأبرزهم تمّ اختيارهم لوزارات مهمة، مثل وزارة الموارد المائية التي دخلت على خط الوزارات الحساسة بسبب المشاكل المائية في العراق، بالإضافة إلى وزارة الكهرباء التي أوكلها لشخصية تعمل بدرجة مدير عام في الوزارة نفسها"، لافتاً إلى أنّ "الكثير من الأسماء التي تتسرّب وتظهر في الإعلام العراقي لا تمثّل سوى تكهنات واستنتاجات من قبل الكيانات السياسية الضعيفة".

وأشار المصدر إلى أنّ عبد المهدي "يحاول تقديم حكومة كاملة للبرلمان، وقد يقوم بتأجيل عرض وزارته ليوم أو اثنين في حال وجد أنّ هناك فرصة لذلك، وإلا فإنّه سيقدمها قبل نهاية هذا الأسبوع ويكمل الوزارات الأخرى في وقت لاحق ويكون هو مسؤولاً عنها بالوكالة".

ومع استمرار تسريبات أسماء بعض الوزراء، استشعرت أحزاب عراقية خطر استبعادها من التشكيلة الوزارية الجديدة، وعدم ضمّ أسماء منها لشغل مناصب معينة، منها الفضيلة والحكمة والمجلس الأعلى وائتلاف الوطنية، فباشرت بدفع أعضائها إلى البدء بهجمة ضدّ تحركات عبد المهدي الأخيرة. كذلك، ظهرت ملامح الخلافات بين الكيانات، حتى المتقاربة في المناهج السياسية، مثل ما ورد على لسان زعيم "ائتلاف الوطنية" أياد علاوي في مقابلة متلفزة، وهجومه على حليفه "سائرون" بأنه "تقاسم الوزارات مع تحالف الفتح". وقال علاوي إنّ "كتلتين رئيسيتين أخذتا على عاتقهما تشكيل الحكومة، وهما سائرون والفتح، وهناك تحالف فيما بينهما لتشكيل الحكومة المقبلة"، مبيناً أنّ "سائرون والفتح تقاسمتا الوزارات الرئيسية فيما بينهما وتركتا باقي الوزارات للآخرين، وذلك سينعكس سلباً على العملية السياسية".

وفي السياق، قال عضو في حزب "الفضيلة" لـ"العربي الجديد"، إنّ "عبد المهدي استبعد الفضيلة من التشكيلة الوزارية الجديدة، وهذا لن يرضينا وقد نتوجه للمعارضة السياسية وتمثيل الجماهير التي انتخبتنا عبر المراقبة الشعبية والبرلمانية لسير عمل الحكومة الجديدة"، موضحاً أنّ "استحقاق الحزب (الفضيلة) وفق ما أفرزته نتائج الانتخابات البرلمانية الماضية، هو منصب وزير العدل، لكن عبد المهدي توجّه أخيراً لتسليمه للحزب الديمقراطي الكردستاني، ولم يكن مرناً في حواراته معنا لناحية منحنا وزارة بديلة".

وفي بادرة تعدّ الأولى من نوعها في السياسة العراقية عقب الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، أقدم كيان سياسي على إعلان عدم مشاركته في نظام الحكم واللجوء إلى المعارضة، وهو أمر لم يكن يحدث في الأعوام السابقة، التي اعتادت فيها القوى والأحزاب المشاركة في تولي المناصب وإدارة الدولة. وأعلنت كتلة "الجيل الجديد" الكردية، عن عدم مشاركتها في الحكومة المقبلة، وقالت في بيان رسمي، "إننا في كتلة الجيل الجديد نعلن عن معارضتنا للحكومة العراقية المقبلة، وإننا بهذا نكون أول كتلة نيابية تعلن معارضَتِها للحكومة قبل تشكيلها"، مضيفةً أنّ "خطتنا الاستراتيجية ستكون، مراقبة الأداء الحكومي ومحاسبته".

إلى ذلك، قال القيادي في "الحزب الديمقراطي الكردستاني" ماجد شنكالي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحزب سيشارك بحكومة عبد المهدي، لكنّنا لم نتفق معه حتى الآن حول استحقاقنا الانتخابي. فبحسب نتيجة الانتخابات البرلمانية، أصبح لدينا 58 مقعداً في البرلمان، ما يعني أن حصتنا لا بدّ أن تكون 4 وزارات، ولكن عبد المهدي قال لنا، إن ثلاث وزارات فقط ستكون من حصتنا". وأشار شنكالي إلى أنّ "وزارتي الداخلية والدفاع حسم أمرهما بحسب مقربين من عبد المهدي، والنفط لجهة شيعية، أمّا حصتنا فستتمثّل بواحدة من الوزارتين الخارجية أو المالية، إضافة إلى وزارة الهجرة والمهجرين، والأقرب لها النائب الحالي فيان دخيل، ووزارة العدل ولدينا أكثر من مرشّح لها وأبرزهم عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني خالد شواني، وسنعمل على نيل وزارة خدمية مثل التجارة أو الزراعة".

من جانبه، قال عضو تحالف "القرار"، أثيل النجيفي، إنّ "عبد المهدي قام بعزل كل الكيانات السياسية ما عدا سائرون والفتح، فهما الجبهتان الفاعلتان في تشكيل الحكومة، ولديهما لقاءات مع عبد المهدي أكثر من بقية الكيانات"، معتبراً في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ هذه الأطراف الثلاثة أكملت وحدها التشكيلة الوزارية". ولفت النجيفي إلى أنّ "تحالف القرار ليس متحمساً كثيراً للمشاركة في الحكومة لأننا نعرف أن هناك تحديات كبيرة، وعلينا أن نهتم أكثر بمراقبة عمل الحكومة، وإمكانية تقويم وضعها أو الذهاب إلى المعارضة لغرض تفعيل الشارع لمتابعة الحكومة، وإبداء رأيه فيها وليس انتظار أربع سنوات مقبلة للمحاسبة".

ولفت إلى أنّ "الحديث عن إعطاء عادل عبد المهدي الحرية الكاملة في اختيار الوزراء وعدم فرض أسماء بعينها عليه هو كلام إعلامي، وغير موجود في الحقيقة، لأن سائرون والفتح يؤثّران أكثر من الآخرين بعملية تشكيل الحكومة، ويتحكمان فيها. والبرلمان لن يعترض على الحكومة الجديدة، لأن الكل يريد أن يخرج من هذا المأزق ويمضي إلى الأمام".

بدوره، رأى المحلّل السياسي العراقي محمد الشريفي، أنّ "الخلافات بين الأحزاب السياسية على الوزارات قد تقود إلى تأجيل إعلان التشكيلة الوزارية. ففي السياسة العراقية كل شيء وارد واللحظات والدقائق الأخيرة هي التي ستكون حاسمة"، موضحاً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنّ "التوجّه إلى المعارضة لم يتوفر لغاية الآن، باستثناء ما أعلنته حركة الجيل الجديد، لكن خلف الكواليس بالتأكيد أن درجة المعارضة أو الموالاة للحكومة يحددها مدى الحصول على الامتيازات والوزارات".

المساهمون