ترقب بإدلب بعد استكمال المعارضة السورية سحب السلاح الثقيل تنفيذاً لاتفاق سوتشي
وتشير المعطيات الميدانية، خلال الأيام القليلة الماضية، إلى أنّ مختلف الفصائل التي كانت تملك سلاحاً ثقيلاً، ضمن نقاط التماس مع قوات النظام، في مختلف الجبهات بمحيط إدلب وأرياف حماة وحلب واللاذقية المتصلة بها، سحبت أسلحتها هذه إلى نقاطٍ خلفية خارج حدود "المنطقة منزوعة السلاح".
وقبل ثلاثة أسابيع، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بعد قمة في مدينة سوتشي، جنوبي روسيا، الاتفاق على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل مناطق النظام عن مناطق المعارضة في إدلب.
وحال الاتفاق دون تنفيذ النظام السوري وحلفائه هجوماً عسكرياً على آخر معاقل المعارضة، حيث يقيم نحو 4 ملايين مدني، بينهم مئات الآلاف من النازحين.
وينصّ الاتفاق على إنشاء منطقة آمنة ستكون ما بين 15 و25 كيلومتراً، على الحدود الفاصلة بين إدلب ومناطق النظام السوري، وستكون خالية من السلاح الثقيل، مع بقاء المعارضة فيها واحتفاظها بالسلاح الخفيف، وطرد المتطرفين من المنطقة، فضلاً عن فتح الطريقين الدوليين حلب - حماة، وحلب - اللاذقية، قبل نهاية العام الحالي.
واعتباراً من 15 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، سيتم إخراج الأسلحة الثقيلة من المنطقة منزوعة السلاح في إدلب، وستتخذ روسيا تدابير لمنع الهجوم على المحافظة من قبل قوات النظام.
وأكد قياديٌ عسكريٌ في "الجبهة الوطنية للتحرير"، التي تضمّ أكبر فصائل "الجيش السوري الحر" في شمال غرب سورية، لـ"العربي الجديد"، أنّ الفصائل المنضوية في الجبهة "سحبت كافة الدبابات والمدافع والرشاشات الثقيلة من خطوط المواجهة مع قوات النظام في إدلب وحدود حماة واللاذقية وحلب"، موضحاً أنّ سحب السلاح الثقيل بدأ منذ أيام.
وكشف أنّ "هيئة تحرير الشام" سحبت سلاحها الثقيل أيضاً، دون إعلانٍ رسمي عن ذلك.
وأكد القيادي أنّ "الجبهة الوطنية للتحرير لا تثق بالجانب الروسي، وتتحسّب لأي خرقٍ للاتفاق"، مشيراً إلى أنّها "ستحتفظ بأسلحتها الثقيلة، بعيداً عن حدود المنطقة منزوعة السلاح".
ويسود هدوءٌ تام في عموم محافظة إدلب وأرياف حلب وحماة واللاذقية المتصلة بها، مع ترقبٍ من قبل السكان هناك للخطوة التي ستعقب إفراغ "المنطقة منزوعة السلاح" من السلاح الثقيل.
وبحسب ما أعلنه أردوغان وبوتين، في 17 سبتمبر/أيلول الماضي، فإنّ المنطقة "منزوعة السلاح" ستكون قد أخليِت من السلاح الثقيل بحلول الإثنين المقبل، ويفترض أيضاً أن تكون هذه المنطقة خالية من أي وجودٍ للجماعات المصنّفة على قوائم الإرهاب.
وعلى الرغم من أنّ اسم "هيئة تحرير الشام" هو الأبرز، إلا أنّ جماعات أخرى توجد في محافظة إدلب، مثل تنظيم "حراس الدين"، الذي رفض اتفاق سوتشي صراحة، في بيانٍ رسمي، على عكس "هيئة تحرير الشام"، التي لم ترفض الاتفاق ولم ترحّب به رسمياً.
ولكن سحب "هيئة تحرير الشام" لما تملكه من سلاحٍ ثقيل، ضمن "المنطقة منزوعة السلاح"، يُعتبر مؤشراً واضح الدلالات على أنّها تتجاوب مع خطوات تنفيذ الاتفاق، وإن كانت لا تعلن عن ذلك رسمياً. ويبدو أنّ ذلك يعود لحساباتٍ داخل بنية الهيئة، ولا سيما أنّ آراء قياداتها غير متفقة تماماً حيال الموقف من اتفاق سوتشي.
أما تنظيم "حراس الدين"، فإنّ حجمه العسكري وتعداد عناصره (بين ألف وألف وخمسمائة مقاتل)، لا يمنحانه القدرة على منع تنفيذ اتفاق سوتشي أو عرقلته، علاوة على أنّ هذا التنظيم لا يسيطر فعلياً على أي بلدة بعينها داخل "المنطقة منزوعة السلاح"، ولا يتكتل عناصره في منطقة واحدة، بل يتوزعون في مناطق وقرى عدة بمحافظة إدلب ومحيطها.
أردوغان: اتفاق سوتشي أمن نحو 3.5 ملايين سوري بإدلب
واليوم الثلاثاء، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنّ اتفاق سوتشي الذي أبرم مع نظيره الروسي، أمّن نحو 3.5 ملايين سوري في إدلب.
وأضاف، خلال تصريحات صحافية على هامش زيارته إلى المجر، وفق ما أوردت وكالة "الأناضول": "حلفاؤنا تعمّدوا تقويض مقترحنا إقامة مناطق آمنة في سورية، رغم أنّه كان سيسهم في حماية حياة مئات الآلاف"، مشيراً إلى أنّ "المجتمع الدولي لم يف بمسؤولياته إزاء حلّ مسألة اللاجئين".