ينتقل العالم بسرعة من عهد الانفتاح التجاري وفتح الحدود والعولمة التي حولته خلال السنوات التي تلت سقوط جدار برلين، إلى قرية يسهل التنقل بين دولها والمتاجرة بين أرجائه إلى جزر معزولة أو إلى دول مسورة وقلاع فيما يشبه حال الممالك في القرون الوسطى.
ولا يستبعد أن يحول الرئيس دونالد ترامب تمثال الحرية في نيويورك إلى سجن أو ينقل جزءاً من جدرانه إلى الحائط الجديد بين أميركا والمكسيك الذي يخطط لإنشائه خلال شهور، حسب تصريحاته مساء الأربعاء لقناة "أي بي سي". وتفاعلت قضية الجدار لتشكل أزمة سياسية بين بلاده والمكسيك وتطلق جرس الإنذار في أنحاء دول العالم،بشأن المستقبل الذين ينتظرها في المفاوضات التجارية التي ينوي ترامب إجرائها مع كل دولة على انفراد.
والمشكلة ليست في بناء الجدار بحد ذاته، لأن أميركا حرة فيما تفعله بحدودها، ولكن الأمر الغريب في إصرار ترامب على أن تدفع المكسيك ثمنه. وهو ما يشكل فرض إرادته على دولة مستقلة ذات سيادة، وهو ما يتنافى تماماً مع الأعراف الدولية. وربما يكون ترامب يقصد بهذا الطلب الغريب من الرئيس المكسيكي إنريكه بينيا نييتو، كسر عزيمة الشعب المكسيكي، لينطلق من ذلك لكسر عزيمة الشعوب الأخرى التي يريد الهيمنة عليها واحدة تلو الأخرى. كما يرى خبراء في أميركا، أن بناء الجدار مكلفاً ولن يكون فعالاً في حماية الحدود الأميركية المكسيكية، كما يعتقد ترامب، وأن التقنيات الحديثة وفرت وسائل أقل كلفة من ناحية التركيب وكلف المراقبة من بناء الجدار.
ولكن ما يهمنا في هذا الموضوع، هو الخيارات المتاحة أمام ترامب لإجبار المكسيك على دفع ثمن الجداروليس تداعيات السياسة والتقنية؟
من الناحية الاقتصادية البحتة، يمكن القول أن ترامب يستطيع إجبار المكسيك على دفع كلفة بناء الجدار، إذ إن كلفته تقل كثيراً عن الكلف الباهظة التي يمكن تترتب على إجراءات فرض ضرائب على البضائع المكسيكية أو عرقلة انسيابها للسوق الأميركي وتخريب الاستثمارات التي جذبتها طوال عقود. ويقدر الرئيس ترامب كلفة الجدار بحوالى 8 مليارات دولار، لكن مصادر مستقلة تقدر كلفته بين 12 و17 مليار دولار.
اقــرأ أيضاً
وحسب تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض سين سبايسر للصحافة مساء الخميس، فإن أحد الخيارات المتاحة، هو فرض ضريبة بنسبة 20% على البضائع المكسيكية المصدرة إلى السوق الأميركي. وتشير الاحصائيات التجارية الأميركية إلى أن 80% من الصادرات المكسيكية البالغة 295 مليار دولار في العام 2015، تصدر إلى السوق الأميركي. ويميل الميزان التجاري بين البلدين لصالح المكسيك، إذ يبلغ العجز التجاري الأميركي مع المكسيك في العام 2015، حوالى 160 مليار دولار، وفق احصائيات وزارة التجارة الأميركية.
وصدرت المكسيك حوالى 236 مليار دولار من البضائع إلى أميركا في العام 2015. وهذا يعني بلغة الأرقام، أن الولايات المتحدة يمكنها جمع مبالغ ضخمة تقدر بحوالى 47.2 مليار دولار من ضريبة الـ20% المقترحة من قبل إدارة ترامب. وبالتالي فإن حساب الربح والخسارة بالنسبة للمكسيك يرجح أنها ستفضل خسارة كلفة الجدار على خسائر التجارة مع أميركا والاستثمارات الخارجية في أراضيها. ولكن الحساب المادي شئ وحساب السيادة شئ آخر.
ويذكر أن البضائع المكسيكية تدخل بدون ضرائب إلى السوق الأميركي، منذ توقيع اتفاقية "نافتا" للتجارة الحرة بين المكسيك وكندا وأميركا. وهي الاتفاقية التي قرر ترامب إعادة التفاوض بشأنها.
ولكن هذا لا يعني أن الرئيس الأميركي الجديد سيكون رابحاً، لأن هذه الضريبة ستنعكس بشكل مباشر على غلاء الأسعار في السوق الأميركي، وبالتالي سيرتفع معدل التضخم في أميركا ويزيد من السخط الشعبي على ترامب. كما أن العديد من كبار رجالات الحزب الجمهوري ستتضرر مصالحهم التجارية في المكسيك في حال تصعيد ترامب مع الحكومة المكسيكية. يضاف إلى ذلك أن المكسيك يمكنها رفع قضية ضد أميركا في الأمم المتحدة، بسبب انتهاك سيادة، ومقاضاة أميركا في منظمة التجارة الدولية.
وفي هذا الصدد يلاحظ أن كبار الجمهوريين من الأثرياء، على رأسهم الأخوان كوش، قد أجروا اتصالات بالرئيس دونالد ترامب لوقف التصعيد.
وكما قالت " العربي الجديد" في تحليل في بداية الأسبوع، أن إعادة التفاوض بشأن اتفاقية "نافتا"، قصد به ترامب فرض ارادته على المكسيك، لأنها من الناحية الاقتصادية دولة ضعيفة وتعتمد في تجارتها على السوق الأميركي، كما أن المستثمرين في المكسيك سواء من الشركات المصنعة الأميركية أو غيرها تتخذ من المكسيك مقراً لها بسبب رخص العمالة وكلفة المواد للانطلاق للسوق الأميركي. وبالتالي، فإن أي قطع للعلاقات التجارية سيعني أن المكسيك ستفقد تجارتها مع أميركا واستثماراتها ولا تتوفر لها أسواق تعويضية في دول أميركا الجنوبية أو حتى دول آسيا. وبالتالي فالرئيس المكسيكي ليست أمامه خيارات تذكر في وجه ترامب.
وإضافة إلى الجدار مع المكسيك، اقترح ترامب إقامة خمسة آلاف مركز إضافي للشرطة المكلفة بمراقبة الحدود والتي يبلغ عدد عناصرها الآن 21 ألفاً، وكذلك ما لا يقل عن عشرة آلاف موظف إضافي في شؤون الهجرة.
كما يسعى ترامب لتسريع عمليات طرد المهاجرين غير النظاميين، الذين أوقفوا خلال محاولة عبورهم إلى الولايات المتحدة. وكذلك بناء مراكز مراقبة استقبال جديدة وتخصيص عدد أكبر من القضاة لشؤون الهجرة حتى يكون بإمكانهم إصدار إحكامهم في عين المكان وسريعاً.
وينص المرسوم، الذي وقعه ترامب على إعطاء الأولوية لطرد المدانين بارتكاب جرائم أو الملاحقين بتهمة التزوير للحصول على المساعدات الاجتماعية والذين صدر أمر بترحيلهم أو أي شخص آخر يشكل تهديداً للأمن القومي.
والمشكلة ليست في بناء الجدار بحد ذاته، لأن أميركا حرة فيما تفعله بحدودها، ولكن الأمر الغريب في إصرار ترامب على أن تدفع المكسيك ثمنه. وهو ما يشكل فرض إرادته على دولة مستقلة ذات سيادة، وهو ما يتنافى تماماً مع الأعراف الدولية. وربما يكون ترامب يقصد بهذا الطلب الغريب من الرئيس المكسيكي إنريكه بينيا نييتو، كسر عزيمة الشعب المكسيكي، لينطلق من ذلك لكسر عزيمة الشعوب الأخرى التي يريد الهيمنة عليها واحدة تلو الأخرى. كما يرى خبراء في أميركا، أن بناء الجدار مكلفاً ولن يكون فعالاً في حماية الحدود الأميركية المكسيكية، كما يعتقد ترامب، وأن التقنيات الحديثة وفرت وسائل أقل كلفة من ناحية التركيب وكلف المراقبة من بناء الجدار.
ولكن ما يهمنا في هذا الموضوع، هو الخيارات المتاحة أمام ترامب لإجبار المكسيك على دفع ثمن الجداروليس تداعيات السياسة والتقنية؟
من الناحية الاقتصادية البحتة، يمكن القول أن ترامب يستطيع إجبار المكسيك على دفع كلفة بناء الجدار، إذ إن كلفته تقل كثيراً عن الكلف الباهظة التي يمكن تترتب على إجراءات فرض ضرائب على البضائع المكسيكية أو عرقلة انسيابها للسوق الأميركي وتخريب الاستثمارات التي جذبتها طوال عقود. ويقدر الرئيس ترامب كلفة الجدار بحوالى 8 مليارات دولار، لكن مصادر مستقلة تقدر كلفته بين 12 و17 مليار دولار.
وحسب تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض سين سبايسر للصحافة مساء الخميس، فإن أحد الخيارات المتاحة، هو فرض ضريبة بنسبة 20% على البضائع المكسيكية المصدرة إلى السوق الأميركي. وتشير الاحصائيات التجارية الأميركية إلى أن 80% من الصادرات المكسيكية البالغة 295 مليار دولار في العام 2015، تصدر إلى السوق الأميركي. ويميل الميزان التجاري بين البلدين لصالح المكسيك، إذ يبلغ العجز التجاري الأميركي مع المكسيك في العام 2015، حوالى 160 مليار دولار، وفق احصائيات وزارة التجارة الأميركية.
وصدرت المكسيك حوالى 236 مليار دولار من البضائع إلى أميركا في العام 2015. وهذا يعني بلغة الأرقام، أن الولايات المتحدة يمكنها جمع مبالغ ضخمة تقدر بحوالى 47.2 مليار دولار من ضريبة الـ20% المقترحة من قبل إدارة ترامب. وبالتالي فإن حساب الربح والخسارة بالنسبة للمكسيك يرجح أنها ستفضل خسارة كلفة الجدار على خسائر التجارة مع أميركا والاستثمارات الخارجية في أراضيها. ولكن الحساب المادي شئ وحساب السيادة شئ آخر.
ويذكر أن البضائع المكسيكية تدخل بدون ضرائب إلى السوق الأميركي، منذ توقيع اتفاقية "نافتا" للتجارة الحرة بين المكسيك وكندا وأميركا. وهي الاتفاقية التي قرر ترامب إعادة التفاوض بشأنها.
ولكن هذا لا يعني أن الرئيس الأميركي الجديد سيكون رابحاً، لأن هذه الضريبة ستنعكس بشكل مباشر على غلاء الأسعار في السوق الأميركي، وبالتالي سيرتفع معدل التضخم في أميركا ويزيد من السخط الشعبي على ترامب. كما أن العديد من كبار رجالات الحزب الجمهوري ستتضرر مصالحهم التجارية في المكسيك في حال تصعيد ترامب مع الحكومة المكسيكية. يضاف إلى ذلك أن المكسيك يمكنها رفع قضية ضد أميركا في الأمم المتحدة، بسبب انتهاك سيادة، ومقاضاة أميركا في منظمة التجارة الدولية.
وفي هذا الصدد يلاحظ أن كبار الجمهوريين من الأثرياء، على رأسهم الأخوان كوش، قد أجروا اتصالات بالرئيس دونالد ترامب لوقف التصعيد.
وكما قالت " العربي الجديد" في تحليل في بداية الأسبوع، أن إعادة التفاوض بشأن اتفاقية "نافتا"، قصد به ترامب فرض ارادته على المكسيك، لأنها من الناحية الاقتصادية دولة ضعيفة وتعتمد في تجارتها على السوق الأميركي، كما أن المستثمرين في المكسيك سواء من الشركات المصنعة الأميركية أو غيرها تتخذ من المكسيك مقراً لها بسبب رخص العمالة وكلفة المواد للانطلاق للسوق الأميركي. وبالتالي، فإن أي قطع للعلاقات التجارية سيعني أن المكسيك ستفقد تجارتها مع أميركا واستثماراتها ولا تتوفر لها أسواق تعويضية في دول أميركا الجنوبية أو حتى دول آسيا. وبالتالي فالرئيس المكسيكي ليست أمامه خيارات تذكر في وجه ترامب.
وإضافة إلى الجدار مع المكسيك، اقترح ترامب إقامة خمسة آلاف مركز إضافي للشرطة المكلفة بمراقبة الحدود والتي يبلغ عدد عناصرها الآن 21 ألفاً، وكذلك ما لا يقل عن عشرة آلاف موظف إضافي في شؤون الهجرة.
كما يسعى ترامب لتسريع عمليات طرد المهاجرين غير النظاميين، الذين أوقفوا خلال محاولة عبورهم إلى الولايات المتحدة. وكذلك بناء مراكز مراقبة استقبال جديدة وتخصيص عدد أكبر من القضاة لشؤون الهجرة حتى يكون بإمكانهم إصدار إحكامهم في عين المكان وسريعاً.
وينص المرسوم، الذي وقعه ترامب على إعطاء الأولوية لطرد المدانين بارتكاب جرائم أو الملاحقين بتهمة التزوير للحصول على المساعدات الاجتماعية والذين صدر أمر بترحيلهم أو أي شخص آخر يشكل تهديداً للأمن القومي.