ترامب يدير أسواق النفط العالمية بتغريدات عبر "تويتر"

13 مارس 2019
تحوط نفطي استباقاً لانخفاض الأسعار (فرانس برس)
+ الخط -
تثير تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عبر منصة "تويتر" من حين لآخر، ارتباكا داخل الأسواق النفطية، وسط مساعٍ للضغط على منظمة البلدان المصدر للبترول (أوبك) لزيادة الإنتاج وخفض الأسعار.

واعترض ترامب في أحدث تغريداته بتاريخ 25 فبراير/شباط الماضي، على أسعار النفط، واصفا إياها بـ"المرتفعة"، كما دعا أوبك إلى "الاسترخاء".

وقال ترامب في التغريدة: "أسعار النفط ترتفع أكثر مما ينبغي لها.. أوبك: رجاء استرخوا"، مضيفاً أن دول العالم المستهلكة للنفط لا تستطيع تحمل ارتفاع أسعار الخام؛ لأن الوضع هش.

وصعدت أسعار النفط الخام في بداية تعاملات الثلاثاء، مدعومة باتفاق خفض إنتاج النفط الذي تقوده منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بالتعاون مع منتجين مستقلين بقيادة روسيا، أو الذين يعرفون معا بـ"أوبك +".

وسجلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت تسليم مايو/أيار، بنسبة 0.47 في المائة أو 31 سنتا إلى 66.89 دولارا للبرميل.

في الاتجاه نفسه، صعدت العقود الآجلة للخام الأميركي نايمكس، تسليم إبريل/ نيسان بنسبة 0.60 في المائة أو 34 سنتا إلى 57.13 دولارا للبرميل.

وكانت الأسعار قد وصلت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى أعلى مستوى في 4 سنوات بدعم عوامل السوق المختلفة.

تأثير التغريدات

لأول مرة بتاريخ الرؤساء الأميركيين، يكون لتغريدات "تويتر" تأثير جوهري ضمن أدواتها السياسية والدبلوماسية التي تستخدمها الولايات المتحدة لتحقيق مصالحها النفطية.

وترامب هو رئيس أكبر دولة استهلاكا للنفط في العالم والأكبر إنتاجًا في الوقت نفسه، وبالتالي فإن تصريحاته تنعكس بشكل مباشر على الأسواق.

وتتزامن التغريدة الأخيرة مع إعلانات الدول الأعضاء بـ"أوبك" وخارجها، تؤكد فيها التزامها باتفاق خفض الإنتاج، وفي مقدمتهم روسيا التي أعلنت عزمها على خفض إنتاج النفط بنحو 228 ألف برميل يوميا نهاية مارس/ آذار الجاري.


وكانت أول تغريدة مباشرة وحاسمة في مسار الضغوطات النفطية كتبها ترامب، وفق رصد "العربي الجديد"، في 30 يونيو/ حزيران، حين أعلن عبر تويتر أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وافق على زيادة إنتاج النفط، إثر مكالمة هاتفية بينهما. وأتى ذلك بعد أسبوع من إعلان أوبك رفع الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا اعتبارا من تموز/يوليو.

ثم لحقت هذه التغريدة واحدة أخرى من ترامب، في 4 يوليو/ تموز، حين قال: "على محتكري أوبك أن يتذكروا أن أسعار البنزين ترتفع وهم يقومون بقليل من المساعدة... لعلمكم هم يرفعون الأسعار بشكل مستمر في الوقت الذي تحمي فيه الولايات المتحدة كثيرًا من أعضاء المنظمة مقابل أموال قليلة جدًا. يجب أن يكون هذا طريقا في الاتجاهين. خفضوا الأسعار فورا".

في 20 أيلول/ سبتمبر الماضي، قال ترامب عبر تويتر: "إننا نحمي دول الشرق الأوسط، إنهم لن يتمتعوا طويلا بالأمان من دوننا وهم يرفعون أسعار النفط أكثر وأكثر. تذكروا يجب أن تخفضوا أسعار النفط الآن".


وكان ترامب قد قال في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني: "آمل ألا تخفض السعودية وأوبك إنتاج النفط، فأسعار الخام يجب أن تكون أقل استناداً إلى المعروض".

في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني قال ترامب، في تغريدة عبر حسابه على تويتر، إن "أسعار النفط تتراجع. عظيم! مثل تخفيض ضريبي كبير لأميركا والعالم. 54 دولاراً (لبرميل النفط) كانت 82 دولاراً. شكرا للسعودية، ولكن دعونا نذهب إلى أسعار أقل". 


وأضاف في تغريدة أخرى: "لنجعل أميركا عظيمة مجددا". 

وامتدح ترامب نفسه، حين قال في تغريدة في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني: "من الرائع أن أسعار النفط تنخفض، شكرا للرئيس ترامب، أضف ذلك إلى أخبار اقتصادية سارة أخرى مثل تراجع كبير في الضرائب، تباطؤ وتيرة التضخم، هل تسمع أيها الاحتياطي الفيدرالي". 
 

مقاضاة أوبك

من ناحية أخرى، يسعى الكونغرس إلى تمرير قانون يسمح بمقاضاة منظمة "أوبك" بتهمة التواطؤ، ويجعل تقييد إنتاج النفط أو الغاز أو تحديد أسعارهما مخالفا للقانون، ويزيل الحصانة السيادية، التي تقضي المحاكم الأميركية بوجودها بموجب القانون الحالي.

ولطالما كان الترحيب بانخفاض أسعار النفط سيد الموقف من جانب دونالد ترامب، متخوفاً على الأرجح من تأثر المستهلك الأميركي بهذه الزيادات المتتالية لأسعار الخام.

ومن المتوقع أن تستحوذ الولايات المتحدة على معظم النمو في إنتاج النفط العالمي على مدى السنوات الخمس المقبلة حتى عام 2024، وفقاً لتقرير النفط لعام 2019 الصادر عن وكالة الطاقة الدولية.

وأوضح التقرير أن الزيادة في إنتاج النفط الأميركي ستعادل نحو 4 ملايين برميل يومياً، وهذا يأتي بعد نمو هائل بلغ 2.2 مليون برميل يومياً في العام الماضي.

التقرير يتوقع أن تصبح "واشنطن" مُصدراً صافياً للنفط في 2021، حيث تتجاوز صادراتها من الخام والمنتجات النفطية وارداتها.

وبنهاية فترة السنوات الخمس حتى عام 2024 سيصل إجمالي صادرات النفط في البلاد إلى 9 ملايين برميل يومياً لتتجاوز روسيا.

فيما خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط الخام الذي تنتجه منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) خلال العام 2019، وذلك نتيجة لتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وخفض الإنتاج القسري لدى أعضاء في المنظمة، مثل إيران، وفنزويلا وليبيا.

وبدأت "أوبك +" تتألف من 24 دولة هم أعضاء المنظمة إضافة إلى منتجين مستقلين - تنفيذ اتفاق جديد لخفض إنتاج النفط، بنحو 1.2 مليون برميل يوميا، اعتبارا من مطلع 2019، ولمدة 6 أشهر.

وكان الأعضاء في "أوبك" والمنتجون المستقلون قد بدأوا مطلع 2017، بتنفيذ اتفاق خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل، على أن ينتهي أجل الاتفاق في ديسمبر/كانون الأول 2018. 

من جهة أخرى، كانت خيارات أسواق النفط العالمية هذا الأسبوع الأكثر ازدحامًا منذ نوفمبر/ تشرين الثاني، بعد موجة من الشراء تُظهر أن المنتجين الكبار يسعون للتحوط من انخفاض الأسعار.

تحوط من الانخفاض

في تداولات يوم الاثنين، تمت 60 صفقة شراء آجلة، مع ما مجموعه 16 مليون برميل تسليم يونيو/حزيران وأغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2019، وفق بيانات الأسواق الأوروبية، وسط وجود أكثر من 8 ملايين برميل من العقود المماثلة المتداولة في السوق خارج البورصة، وفق مصادر "بلومبيرغ".

استمرت موجة الشراء يوم الثلاثاء، مع ارتفاع معدل التذبذب الضمني لبرنت تسليم آب/ أغسطس بمقدار 60 دولارًا. وكان حجم عمليات البيع هو الأعلى منذ نوفمبر/ تشرين الثاني. وقال الوسطاء والتجار إن زيادة النشاط الذي شوهد في بيانات المقايضة الأميركية في الجلسات الأخيرة كان على الأرجح مرتبطًا ببرنامج تحوط كبير.

ويربط عدد من المتابعين بين هذه العمليات وبرنامج شركة بتروبراس البرازيلية التي تحوطت بـ128 مليون برميل من النفط الخام بسعر متوسط ​​قدره 65 دولاراً للبرميل. في حين أنفقت المكسيك 1.2 مليار دولار العام الماضي لحماية عائداتها النفطية لعام 2019 من انخفاض الأسعار.

وقال روبرتو كاستيلو برانكو، الرئيس التنفيذي لشركة بتروبراس، الأحد، إن أفضل حماية للشركة ضد فترات الأسعار المنخفضة في السوق الدولية هي تكاليف الإنتاج المنخفضة. لكن الشركة مستعدة لمواصلة استخدام أدوات التحوط لحماية جزء من الإنتاج من التغيرات في الأسعار.

وقال في مقابلة مع "بلومبيرغ": "إذا تحوطت الشركة بسعر 60 دولارًا للبرميل وغدًا وصل سعر البرميل إلى 80 دولارًا، سأكون حزينًا. ولكن بما أننا لا نتوقع تسارعًا للاقتصاد العالمي ولا تسارعًا في الطلب على النفط، فنحن بحاجة إلى الاستعداد لانخفاض الأسعار".


(العربي الجديد، الأناضول)

المساهمون