01 نوفمبر 2024
ترامب ومأدبة رمضان.. هل يتصالح مع المسلمين؟
أوردت صحيفة نيويورك تايمز أنَّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قرّر دعوة مسلمين إلى مأدبة إفطار رمضاني، اليوم الأربعاء، مستعيدا بذلك تقليدا كان بدأه الرئيس بيل كلينتون، ثم حافظ عليه الرئيسان من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، جورج بوش وباراك أوباما. وبذلك، يعود ترامب بهذا الموقف عن عدم إقامته المأدبة، في رمضان العام الماضي؛ ما عرّضه لانتقاداتٍ، فهل يمثِّل هذا القرار بداية تحوّل نحو العلاقة مع المسلمين، وبالذات مسلمي أميركا؟
كان ترامب صريحا في هجومه على المسلمين، وفي تصوُّراته السلبية تجاههم، وهو قال، في أثناء حملته الانتخابية، إنه يعتقد أن "الإسلام يكرهنا"، ولم يقتصر على المواقف في حطبه، لكنه تعدَّاها إلى مواقف عملية، حين قرَّر حظر سفر رعايا عدّة دول إسلامية إلى الولايات المتحدة، علما أنه كان قد قال في 2016 إنه يحبُّ المسلمين، ويعتقد أنهم بشر رائعون.
صحيحٌ أنَّ مقرَّبين من ترامب لم يشتهروا بالتعاطف مع المسلمين، ومِن أهمِّهم وزير الخارجية، مايك بومبيو، الذي وصفته وسائلُ إعلام أميركية بلقب "محارب الإسلام"؛ على خلفية تصريحاته عنهم، حين هاجم قيادات المجتمع الإسلامي في أميركا، بعد تفجير ماراثون بوسطن، عام 2013، ورأى أن صمتهم يرجّح أن تكون متواطئة مع تلك الممارسات. علما أن قيادات إسلامية عديدة أصدرت بيانات دانت تلك التفجيرات. وهكذا مستشار الأمن القومي، جون بولتون، الذي يرتبط مع بومبيو، بحسب "نيويورك تايمز"، بعلاقات مع منظمات ومواطنين لا يعترفون بالإسلام دينا، بل يصفونه بأنه أيديولوجيا سياسية تسلَّلت إلى الولايات المتحدة، وغيرها، بغرض تطبيق الشريعة.
على الجانب الآخر مقرَّبون يختلفون عن هؤلاء في النظرة إلى المسلمين، مِن أهمِّهم وزير الدفاع، جيمس ماتيس، الذي قال إن "الجماعات الجهادية" ترتدي لباسا دينيا كاذبا. وكان قبل انضمامه إلى فريق ترامب قد عارَض مقترح الأخير منع دخول رعايا دول إسلامية إلى الولايات المتحدة، وقال: إن المقترح "يسبِّب لنا ضررا كبيرا، الآن، وهو يبعث برجّات خطيرة إلى النظام الدولي".
ومِن المُرجَّح أنَّ ترامب أنصت إلى نصائح شخصيات واقعية في إدارته، حين عدَلَ عن قراره السابق، برفض إقامة مأدبة إفطار رمضاني. ووراء هذا الموقف دوافعُ واقعية غيرُ قليلة، فبحسب دراسة أجراها مركز أبحاث "بيو" الأميركي، غير الحزبي، وغير الحكومي، فإنه بحلول عام 2040 سيصبح الإسلام في أميركا ثاني أكبر ديانة، بعد المسيحية، وأن عدد المسلمين البالغ 3.45 ملايين نسمة، سيصل، وقتَها، إلى 8.1 ملايين. فليس من الحكمة، ولا من المفيد، معاداة هؤلاء الأميركيين، بسبب دينهم، وليس ممَّا يتوافق مع الدستور والقيم الأميركية الديمقراطية التمييزُ بين المواطنين على أساس الدين.
وفي دراسة كان قد أجراها المركز أيضا، العام الماضي، إشارةٌ واضحة إلى هذا العامل، وهو الشعور بالتمييز، وأظهرت أن 75% من المستطلَعة آراؤُهم يرون أن هناك "كثيرا من التمييز" ضد المسلمين في أميركا. وعلى الرغم من المخاوف والتحدِّيات التي يواجهها المسلمون في أميركا، فإن 89% منهم يقولون إنهم فخورون بأن يكونوا أميركيين، وفخورون بأن يكونوا مسلمين، وغالبية كبيرة من المسلمين في الولايات المتحدة لا تزال تؤمن بالحلم الأميركي. وهذا يظهر أنّ المسلمين الأميركيين الذي ينزعون نحو التطرّف، أو حتى الذين لا يندمجون في المجتمع الأميركي، ولا يشعرون بالانتماء إلى أميركا، هم قلّة. وغنيٌّ عن البيان أنَّ المسلمين، في المجمل، وفي المعظم، من شتّى الأصول، يشغلون، وينشطون، في الدولة والمجتمع والجيش، من دون إحجام منهم، أو شعور أَقَلَّوِيٍّ يُقصيهم.
وعلى صعيد سياسات واشنطن في الشرق الأوسط، أو العالم الإسلامي والعربي، فإن إدارة ترامب محتاجة، على الأقل، إلى مواقف ذات دلالات معنوية، تلقي بظلِّها، لصالح حدٍّ أدنى من التوازن، أو التلطيف؛ حتى لا يبدو، وكأنه يميل كلَّ الميل، لصالح دولة الاحتلال الإسرائيلي، والأمر الذي لا يتجسّد شيء منه في مواقف سياسية، تجاه القضية الفلسطينية، وهي التي تشغل شعوبا إسلامية قلقة على مصير القدس، بعد نقل السفارة الأميركية إليها، والأمر الذي لا يفعله، أو يقوله، ممثلون لإدارته، كما السفير ديفيد فريدمان في إسرائيل، ونيكي هيلي في الأمم المتحدة.
وأخيرا، أصبح ترامب، أكثر احتمالا للمسلمين، في وقت يتراجع فيه خطرُ جماعاتٍ متطرّفة، مِن أهمِّها "داعش"، وفي وقت يدشِّن فيه ترامب حروباً تجارية مع حلفائه الأوروبيين، وحتى مع جارته المهمة كندا، ويسعى إلى لقاء مصالحة مع عدوّه اللدود، كيم جونغ- أون. وهو في العموم، لا ينطلق من منطلقاتٍ أيديولوجية، بقدر ما يتسم بسماتٍ هجومية، تهدف، كما يقول، إلى إعادة عظمة أميركا، بعيدا عن التحالفات، إذا تعارضت مع تصوُّراته، مع أنْ تكون "أميركا أولا"، فهل يقبل بأنّ المسلمين الأميركيين جزءٌ من أميركا تلك، وهو الذي صرّح الشهر الماضي أنَّ "رمضان يذكّرنا بالثراء الذي يضيفه المسلمون إلى النسيج الديني للحياة الأميركية"، ظاهريا، وإلى حين، على الأقل؟ يبدو الجواب: نعم.
كان ترامب صريحا في هجومه على المسلمين، وفي تصوُّراته السلبية تجاههم، وهو قال، في أثناء حملته الانتخابية، إنه يعتقد أن "الإسلام يكرهنا"، ولم يقتصر على المواقف في حطبه، لكنه تعدَّاها إلى مواقف عملية، حين قرَّر حظر سفر رعايا عدّة دول إسلامية إلى الولايات المتحدة، علما أنه كان قد قال في 2016 إنه يحبُّ المسلمين، ويعتقد أنهم بشر رائعون.
صحيحٌ أنَّ مقرَّبين من ترامب لم يشتهروا بالتعاطف مع المسلمين، ومِن أهمِّهم وزير الخارجية، مايك بومبيو، الذي وصفته وسائلُ إعلام أميركية بلقب "محارب الإسلام"؛ على خلفية تصريحاته عنهم، حين هاجم قيادات المجتمع الإسلامي في أميركا، بعد تفجير ماراثون بوسطن، عام 2013، ورأى أن صمتهم يرجّح أن تكون متواطئة مع تلك الممارسات. علما أن قيادات إسلامية عديدة أصدرت بيانات دانت تلك التفجيرات. وهكذا مستشار الأمن القومي، جون بولتون، الذي يرتبط مع بومبيو، بحسب "نيويورك تايمز"، بعلاقات مع منظمات ومواطنين لا يعترفون بالإسلام دينا، بل يصفونه بأنه أيديولوجيا سياسية تسلَّلت إلى الولايات المتحدة، وغيرها، بغرض تطبيق الشريعة.
على الجانب الآخر مقرَّبون يختلفون عن هؤلاء في النظرة إلى المسلمين، مِن أهمِّهم وزير الدفاع، جيمس ماتيس، الذي قال إن "الجماعات الجهادية" ترتدي لباسا دينيا كاذبا. وكان قبل انضمامه إلى فريق ترامب قد عارَض مقترح الأخير منع دخول رعايا دول إسلامية إلى الولايات المتحدة، وقال: إن المقترح "يسبِّب لنا ضررا كبيرا، الآن، وهو يبعث برجّات خطيرة إلى النظام الدولي".
ومِن المُرجَّح أنَّ ترامب أنصت إلى نصائح شخصيات واقعية في إدارته، حين عدَلَ عن قراره السابق، برفض إقامة مأدبة إفطار رمضاني. ووراء هذا الموقف دوافعُ واقعية غيرُ قليلة، فبحسب دراسة أجراها مركز أبحاث "بيو" الأميركي، غير الحزبي، وغير الحكومي، فإنه بحلول عام 2040 سيصبح الإسلام في أميركا ثاني أكبر ديانة، بعد المسيحية، وأن عدد المسلمين البالغ 3.45 ملايين نسمة، سيصل، وقتَها، إلى 8.1 ملايين. فليس من الحكمة، ولا من المفيد، معاداة هؤلاء الأميركيين، بسبب دينهم، وليس ممَّا يتوافق مع الدستور والقيم الأميركية الديمقراطية التمييزُ بين المواطنين على أساس الدين.
وفي دراسة كان قد أجراها المركز أيضا، العام الماضي، إشارةٌ واضحة إلى هذا العامل، وهو الشعور بالتمييز، وأظهرت أن 75% من المستطلَعة آراؤُهم يرون أن هناك "كثيرا من التمييز" ضد المسلمين في أميركا. وعلى الرغم من المخاوف والتحدِّيات التي يواجهها المسلمون في أميركا، فإن 89% منهم يقولون إنهم فخورون بأن يكونوا أميركيين، وفخورون بأن يكونوا مسلمين، وغالبية كبيرة من المسلمين في الولايات المتحدة لا تزال تؤمن بالحلم الأميركي. وهذا يظهر أنّ المسلمين الأميركيين الذي ينزعون نحو التطرّف، أو حتى الذين لا يندمجون في المجتمع الأميركي، ولا يشعرون بالانتماء إلى أميركا، هم قلّة. وغنيٌّ عن البيان أنَّ المسلمين، في المجمل، وفي المعظم، من شتّى الأصول، يشغلون، وينشطون، في الدولة والمجتمع والجيش، من دون إحجام منهم، أو شعور أَقَلَّوِيٍّ يُقصيهم.
وعلى صعيد سياسات واشنطن في الشرق الأوسط، أو العالم الإسلامي والعربي، فإن إدارة ترامب محتاجة، على الأقل، إلى مواقف ذات دلالات معنوية، تلقي بظلِّها، لصالح حدٍّ أدنى من التوازن، أو التلطيف؛ حتى لا يبدو، وكأنه يميل كلَّ الميل، لصالح دولة الاحتلال الإسرائيلي، والأمر الذي لا يتجسّد شيء منه في مواقف سياسية، تجاه القضية الفلسطينية، وهي التي تشغل شعوبا إسلامية قلقة على مصير القدس، بعد نقل السفارة الأميركية إليها، والأمر الذي لا يفعله، أو يقوله، ممثلون لإدارته، كما السفير ديفيد فريدمان في إسرائيل، ونيكي هيلي في الأمم المتحدة.
وأخيرا، أصبح ترامب، أكثر احتمالا للمسلمين، في وقت يتراجع فيه خطرُ جماعاتٍ متطرّفة، مِن أهمِّها "داعش"، وفي وقت يدشِّن فيه ترامب حروباً تجارية مع حلفائه الأوروبيين، وحتى مع جارته المهمة كندا، ويسعى إلى لقاء مصالحة مع عدوّه اللدود، كيم جونغ- أون. وهو في العموم، لا ينطلق من منطلقاتٍ أيديولوجية، بقدر ما يتسم بسماتٍ هجومية، تهدف، كما يقول، إلى إعادة عظمة أميركا، بعيدا عن التحالفات، إذا تعارضت مع تصوُّراته، مع أنْ تكون "أميركا أولا"، فهل يقبل بأنّ المسلمين الأميركيين جزءٌ من أميركا تلك، وهو الذي صرّح الشهر الماضي أنَّ "رمضان يذكّرنا بالثراء الذي يضيفه المسلمون إلى النسيج الديني للحياة الأميركية"، ظاهريا، وإلى حين، على الأقل؟ يبدو الجواب: نعم.
دلالات
مقالات أخرى
01 أكتوبر 2024
15 سبتمبر 2024
27 اغسطس 2024