ترامب والإعلام الأميركي.. من يكسب المعركة؟

03 فبراير 2017
+ الخط -
الرئيس الأميركي المثير للجدل، دونالد ترامب، في تغريدةٍ له، يعرُض شراء صحيفة "نيويورك تايمز" لتصحيح خط تحريرها، وترشيده بما يتناسب مع السياسة الأميركية الجديدة، ومع مصالح "أميركا ترامب" التي يضيق صدرها بالنّقد وبالإعلام المعارض.

 

ليست مزحةً أو نكتةً، إنَّها الحقيقة، أميركا سيدة العالم وأم الديمقراطيات وراعيةُ الحقوق، والمتحدِّثُ الأوَّل باسم الحريات والإعلام الحر، لم تعد كما كانت، تغيَّر وجهها، وتبدَّلت ملامحها منذ صعود هذا الديمقراطي المتعجرف، أصبحت تضيق بالإعلام وبالنقد، وبمن يخالف ترامب وحلفاؤه، أصبحت دولة "وان مان شو" بعدما كانت أو كما كانت تظهر للجميع، الوجه المناهض لكل المستبدين في العالم، والداعي إلى تفعيل الديمقراطية وترسيخها في كل أنحاء العالم. أي وجه تظهر به "أميركا ترامب" اليوم؟ وإلى أين هي ماضية؟

 

تغريده ترامب القوية جداً، والرسالة الواضحة التي وجهها إلى صحيفة "نيويورك تايمز"، جاءت بعدما وصفت الصحيفة الأميركية قرار، ترامب، بمنع سبع دول إسلامية من السفر إلى أميركا، ووضعها ضمن قوائم الإرهاب، بالجبان والخطير والمضر بالمصالح الأميركية.

 

ويبدو أنّ الصحيفة اختارت المواجهة مع الرجل، والوقوف في الصف المعارض لسياسة الرجل، وإعلانها صراحة بعدما ما كانت ممزوجة بشعار احترام صناديق الاقتراع.

 

ترامب، ليس الأصلح لقيادة بلد بحجم الولايات المتحدة الأميركية، هكذا بدت صحيفة "نيويورك تايمز" وخطّها التحريري، ومن ورائهم آلاف الأميركيين الذين يملؤون شوارع الولايات الأميركية تنديداً بترامب وفوزه وتنصيبه. والأهم من ذلك كله، سياساته المضرة باسم أميركا، وقيمتها في العالم.

 

الصراع بين ترامب ووسائل الإعلام الأميركية ليس وليد اللحظة، فقد بدأ منذ إعلانه ترشيحه ومشروعه الانتخابي الصادم للجميع والمنفِّر للكثيرين. منذ ذلك اليوم، بدأت الحرب بين ترامب ووسائل الإعلام الأميركية، ومن أهمها "نيويورك تايمز"، فاستخدمت كل وسائل الدعاية التي لم تخل من بعض الحقائق ضده، وجنَّدت الصحف والقنوات ومراكز استطلاع الرأي ضده، لكن ذلك لم يسقط ترامب، والذي بدى مستنداً على قوة داخليّة شعبية، وقوى سياسة تعمل في الخفاء من أجل إنجاح الرجل.

 

ظلت المعركة دائرة بين الإعلام وترامب، انحاز فيها الإعلام الأميركي انحيازاً تاماً ضد الرئيس، الآن، وليس فقط المترشح، كما انحاز من قبل في انتخابات الأربعينيات أيام الرئيس الراحل، روزفلت، وفاجأ الجمهور الأميركي يومها الجميع، وأعاد انتخاب الرئيس المريض يومها مرة أخرى.

 

في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 2016، التاريخ يعيد نفسه، ولكن مع اختلاف الشخصيات، روزفلت كان حكيماً جداً، بينما ترامب يبدو في نظر كثيرين مُتهوِّراً ومجنوناً في كل تصرُّفاته وتصريحاته. ورغم كل ذلك كسب الجولة ضد هيلاري كلنتون أولاً، وضد الإعلام ثانياً.

 

اعتذرت وسائل الإعلام الأميركية يومها علناً لجمهورها عن توقعاتها الخاطئة بعدم فوز ترامب، في محاولة هي أقرب لجس نبض الرجل اتجاهها، ومحاولة فتح صفحة جديدة مع ترامب، وكسب ودَّه وتجنُّب شروره، لم تجد نفعاً فيما يبدو من المواجهة الأخيرة بين ترامب والإعلام.

 

ومع تنصيب ترامب في 20 يناير/كانون الثاني 2017، وبدئه تنفيذ سياسته التي وعد بها، ومُخطَّطه الذي جاء من أجله، وخروج المظاهرات المنددة به، واتساعها يوماً بعد يوم، عادت وسائل الإعلام الأميركية لتهاجم الرجل.

ترامب والإعلام الأميركي في مواجهة مباشرة، وشتاء أميركي ساخن، فمن سيكسب الرهان في الأخير؟

 "أميركا ترامب" بوجه غير الذي عرفه العالم عنها، تبدو فيه منقسمة وعنصرية، والتطرف أقرب منها للسياسة والديمقراطية، وقيادة العالم وسيادته، كما كانت تلقب دائماً بالولايات المتحدة الأميركية، سيدة العالم والحاكم الفعلي له.

 

 

D127B5A7-B6C4-4CC3-AB0D-021CE7601547
الشيخ محمد المختار دي

صحافي بفضائية القناة التاسعة وكاتب بمواقع عربية. حاصل على إجازة أساسية في علوم الإعلام والاتصال من معهد الصحافة بتونس، وعلى بكالوريوس أداب من جامعة نواكشوط، ومقيم في إسطنبول.