وفي تقرير الوظائف الأميركية، الذي يصدر يوم الجمعة الأول من كل شهر، قالت وزارة العمل إن الشركات الأميركية واصلت الإضافة إلى الوظائف للشهر رقم 103 على التوالي، وأن معدل البطالة انخفض مرةً أخرى، ليصل إلى 3.6%، وهو الأقل منذ شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 1969.
وبعدما أعلنت وزارة التجارة الأميركية الأسبوع الماضي أن الاقتصاد الأميركي نما في الربع الأول من العام الحالي بمعدل 3.2%، أكد تقرير، الجمعة، أن ذلك النمو كان مصحوباً بارتفاع في أجر الساعة للعامل الأميركي، الأمر الذي كانت له انعكاسات إيجابية على سوق الأسهم، يوم الجمعة، حيث ارتفع مؤشر داو جونز للأسهم الأميركية ما يقرب من مائتي نقطة، أو 0.75%، بينما ارتفع مؤشر اس آند بي بنسبة 0.96%، ومؤشر ناسداك الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا بنسبة 1.58%، مسجلاً رقماً قياسياً جديداً.
ووفقا للتقرير، فقد وصلت التأثيرات الإيجابية للعديد من الفئات المهمشة، والتي عانت منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث شمل ارتفاع الأجور الموظفين الذين يحصلون على أقل الرواتب، كما انخفضت البطالة بين من لم يحصلوا إلا على القدر اليسير من التعليم.
وأشار التقرير أيضاً إلى ارتفاع أجور العاملين لدى القطاع الخاص بنسبة 3.2% مقارنةً بالعام الماضي، وهو ما يعني زيادة حقيقية في مستويات معيشتهم، خاصة مع انخفاض معدل التضخم تحت مستوى 2%.
وقال مايك لوينجارت، مسؤول الاستثمار بشركة اي تريد فاينانشيال: "إنها إشارة أخرى مدوية وواضحة على أن الاقتصاد في حالة جيدة حقاً. لقد وصلنا إلى نقطة يصعب أن تجد عندها شيئاً يدعو للقلق".
وخلال اجتماعاتهم على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، أشار مسؤولو بنك الاحتياط الفيدرالي إلى أنهم لن يرفعوا أو يخفضوا معدلات الفائدة على المدى القريب، وأنهم مستمرون في مراقبة الأسواق كما فعلوا منذ بداية العام الحالي.
تأثير وقتي
من جانبه، اعتبر مركز الأبحاث الشهير كابيتال إيكونوميكس، في مذكرة أرسلها لعملائه، أن التقرير لم يكن كله إيجابياً، وأشار إلى التراجع في ساعات العمل، واستمرار الضعف في مقياس استقصاء البطالة للأسر، وأكد أن هذين المؤشرين يوحيان بأن سوق العمل ليست بالقوة التي تشير إليها نسبة البطالة وأرقام الوظائف المضافة.
وقال مايكل بيرس، الاقتصادي المختص بالشأن الأميركي لدى المركز: "بشكل عام، تضيف القوة المستمرة لنمو الوظائف، بالإضافة إلى التسارع في نمو الإنتاجية، إلى الانطباع بأن هذه الدورة لا يزال أمامها طريق طويل".
وأكد أنهم في المركز ما زالوا يتوقعون أن "يؤدي انحسار تأثير حزم السياسات المالية، ويقصد بها زيادة الإنفاق الحكومي والإعفاءات الضريبية، بالإضافة إلى تلاشي تأثير ما بعد رفع معدلات الفائدة الذي تم خلال العام الماضي، إلى التأثير على النمو في وقت لاحق من هذا العام، وهو ما سيؤدي، مع ضعف معدل التضخم، إلى دفع بنك الاحتياط الفيدرالي إلى خفض معدلات الفائدة".
ورغم تمسكه بالرؤية السلبية للاقتصاد الأميركي، إلا أن بيرس أكد أيضاً أن "استمرار قوة سوق العمل خلال شهر إبريل/نيسان المنتهي يبرز احتمالات المخاطر لتلك النظرة المتشائمة نسبياً".
ومع الانقسام الحاد في واشنطن حالياً بين الحزبين، حيث يتم تحويل كل شيء إلى صراع بينهما، اعتبر ترامب وفريقه من الجمهوريين أن "الأداء المبهر" للاقتصاد الأميركي ناتج عن السياسات الناجحة للرئيس الأميركي، بينما رأيُ فريق الديمقراطيين أن كل ما هو إيجابي في الاقتصاد الأميركي حالياً يرجع لسياسات وقرارات اتخذت قبل يناير/كانون الثاني 2017، وقت تسلم ترامب المسؤولية، وربما يكون لدى الفريقين بعض الحق.
وبعد مرور ما يزيد عن عامين على وجود ترامب في البيت الأبيض، تلاشت التحذيرات في الداخل الأميركي من التأثيرات السلبية للنزاعات مع أغلب شركاء الولايات المتحدة التجاريين أمام الأرقام الجيدة للاقتصاد والبورصة الأميركيين، وبدا أغلب المحللين، من الحزبين، مقتنعين بالتأثير الإيجابي للإعفاءات الضريبية، وحزم الإنفاق الحكومي، وتخفيف القيود على أغلب أنشطة المؤسسات المالية، على معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة التي تم تحقيقها خلال العام الماضي، والفترة التي مضت من العام الحالي.
وفي خضم كل ذلك، انحسرت المخاوف من حدوث ركود اقتصادي قرب نهاية العام الحالي، أو مطلع العام القادم، وبدأ الكثير من الاقتصاديين يتجاهلون العديد من النظريات الاقتصادية القديمة، التي دحضها انتعاش اقتصادي استمر لعقدٍ كاملٍ من الزمان، دون أن يتسبب في ارتفاع معدل التضخم، أو أي من المؤشرات السلبية الأخرى.
وكالعادة، لم يفوت ترامب الفرصة، واحتفل بأرقام وزارة العمل، ومنها معدل البطالة، وارتفاع متوسط أجر الساعة، مشيراً إلى سوق الأسهم "التي لا تتوقف عن الارتفاع"، ومعدل تأييده الذي وصل إلى 50%، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مضيفاً "يمكننا أن نتفق جميعاً على أن أميركا أصبحت الآن رقم 1. العالم كله يحسدنا، والأفضل لم يأت بعد!".