أظهرت بيانات لوزارة المالية المصرية تراجع قيمة المنح في إيرادات الموازنة العامة خلال الفترة من يوليو/تموز إلى نهاية سبتمبر/أيلول، إلى 66 مليون جنيه فقط (9.2 مليون دولار)، مقابل سبعة مليارات جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي، التي شهدت تدفقاً لمنح خليجية عقب انقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسي.
وتلقّت مصر مساعدات من السعودية والإمارات والكويت تتجاوز 20 مليار دولار، حسب ما ذكر الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي كان وزيراً للدفاع، حينما انقلب الجيش على مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013.
ويقول محللون اقتصاديون إن نظام السيسي يواجه مأزق استمرار المساعدات الخليجية، ولا سيما بعد تراجع أسعار النفط عالمياً، ما أدى إلى ضغوط مالية على أغلب دول الخليج المصدرة للنفط والداعمة له على مدار أشهر عدة.
وهوت أسعار النفط العالمية من مستويات 112 دولارا للبرميل قبل نحو أربعة أشهر، إلى 77 دولاراً في تعاملات أمس، بتراجع بلغت نسبته 31.2%.
وقال أحمد إبراهيم، المحلل الاقتصادي المصري، إن الحكومة الحالية في مصر تعاني تراجعاً في مواردها ما يزيد عجز الموازنة، الأمر الذي دفعها إلى إسراع وتيرة الاقتراض محليا والتوجه نحو الاستدانة أيضا خارجياً.
وأضاف "يبدو أن المانحين الخليجيين سيتحسسون جيوبهم الفترة المقبلة، في ظل التراجع المتواصل في إيرادات النفط بسبب انخفاض الأسعار عالمياً، كما أنهم متأكدون أن استمرار دعم مصر لن يظل للأبد".
وأشار إلى أن الكويت منحت مصر مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري نحو مليار دولار، لإخراج الحكومة من مأزق تدبير الوديعة القطرية المستحق ردها نهاية هذا الشهر، والبالغة 2.5 مليار دولار.
وتدهورت علاقات القاهرة مع قطر، بعد أن أطاح الجيش المصري بالرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013، عقب عام واحد من وصوله الحكم، عبر أول انتخابات رئاسية تشهدها البلاد منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، حيث اتهمت مصر الدوحة بالتدخل في شؤونها الداخلية.
وكانت قطر قدمت مساعدات في صورة منح وودائع في البنك المركزي تصل قيمتها إلى نحو 7.5 مليار دولار، فيما ردت مصر إلى الدوحة حتى الآن نحو 3.5 مليار دولار منذ يونيو/حزيران 2013 وباقي 500 مليون دولار من المقرر سدادها منتصف 2015 .
وتسارع مصر الزمن لرد الوديعة القطرية، فيما أجرت مفاوضات على مدار الأسابيع الماضية للحصول على مزيد من المساعدات من السعودية والإمارات والكويت؛ وهي الدول الثلاث التي قدمت دعماً سخياً للقاهرة في أعقاب إطاحة الجيش بمرسي، الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وتظهر بيانات وزارة المالية عن أداء الموازنة خلال الربع الأول من العام المالي الحالي 2014 /2015، الذي بدأ يوليو/تموز، أن العجز الكلي بالموازنة بلغ 65.8 مليار جنيه (9.2 مليار دولار)، مقابل 59.9 مليار جنيه (8.3 مليار دولار)، خلال نفس الربع من العام المالي السابق.
وتتنافى هذه المؤشرات، حسب المحللين، مع وعود وزير المالية هاني قدري دميان، بخفض العجز بالموازنة من 12.8% بالعام المالي السابق، إلى 10% فقط خلال العام المالي الحالي. وتواجه مصر مأزق سداد التزاماتها تجاه الدائنين سواء مؤسسات دولية أو شركات أجنبية عاملة في البلاد.
وتعتزم حكومة إبراهيم محلب، اقتراض نحو 2.8 مليار دولار لتمويل سداد ديون مستحقة لشركات نفط وغاز أجنبية وجهات أخرى، وحسب بيان لشركة هيل آند نولتون للعلاقات العامة، نيابة عن وزارة البترول المصرية مساء الخميس الماضي، فإن الوزارة ستقترض ملياري دولار بضمان مبيعات آجلة من النفط الخام على مدى خمس سنوات.
كما ذكر المصرف المركزي المصري يوم الخميس، أنه سيطرح للبيع أذون خزانة لأجل سنة بقيمة 650 مليون يورو (825 مليون دولار) في 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.