في سوق واقف في قطر محال تعرض الحرف الشعبية التقليدية التي تذكّر بالماضي والتراث، في تحدٍّ للعولمة وما حملته معها من منتجات، وما زال المواطنون والسياح يقبلون على شراء هذه المنتوجات الحرفية
في زقاق متفرّع من سوق واقف الشهير وسط العاصمة القطرية الدوحة، يوجد أكثر من 25 محلاً تعرض منتجات من الحرف الشعبية التقليدية القطرية، وتستقطب المواطنين والمقيمين والسياح. الزقاق الذي أطلق عليه اسم "مركز الحرف"، ينقل الزائر في رحلة تاريخية للتعرّف على أبرز الحرف والصناعات التقليدية التي كانت سائدة قديماً في هذه الدولة التي أصبحت من أوائل الدول المنتجة للغاز الطبيعي المسال في العالم. وعلى الرغم من أنّ غالبية الحرف والصناعات الشعبية قد اندثرت، إلّا أن حرفاً عدة صمدت وبقيت تُقاوم العولمة، منها صناعة السفن، وهي مهنة كانت منتشرة في قطر ومنطقة الخليج بشكل عام، لكنها شهدت تراجعاً ملحوظاً في مرحلة اكتشاف البترول وتطور نمط الحياة الاقتصادية، وكذلك "السدو" أي حياكة الصوف، وهي من الحرف التقليدية التي انتشرت في البادية. موادها هي الصوف والوبر وشعر الماعز والقطن، وأدواتها هي النول والمغزل والمنشزة. ومن أهم منتجاتها بيت الشعر والقاطع والعدول والمزاود والسفايف والزولية والبساط والمساند. وثمة حرف أخرى منها الزخرفة الجبسية والدرزي والنداف والحبّال وصناعة الربابة وغيرها.
وحول مدى اهتمام قطر بالحرف الشعبية وأهمية مركز واقف، يقول الباحث في التراث الشعبي والإعلامي صالح غريب، لـ "العربي الجديد": "اهتمت قطر بالحرف والصناعات الشعبية منذ القدم، لأنها كانت مصدراً للدخل قبل اكتشاف النفط. واليوم، نجد اهتماماً ملحوظاً من قبل الدولة بهذه الحرف، سواء في المهرجانات الداخلية أو الخارجية، أو من خلال تأسيس مراكز تعنى بها"، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه في عام 2017، وافق وزير الثقافة والرياضة القطري على إنشاء المركز الوطني للحرف والصناعات التقليدية، على أمل أن يرى المركز النور قريباً، ما يؤكد الاهتمام بهذه الحرف وتقديمها إلى المجتمع وتطويرها مثل السدو وصناعة السيوف والربابة ودلال القهوة. يضيف: "نجد المجتمع، خصوصاً المواطنين، يبحثون عن هذه المنتجات بهدف اقتنائها، ويكاد لا يخلو مجلس أو بيت قطري من منتجات هذه الحرف كالسيوف ودلال القهوة والسدو على سبيل المثال.
اقــرأ أيضاً
ويرى غريب أن الحفاظ على هذه الحرف والصناعات الشعبية هو حفاظ على الهوية الوطنية وحماية للموروث الثقافي والحضاري، فضلاً عما تشكله هذه الحرف من جذب للسياح. يضيف أن قطر مقبلة على حدث عالمي، وهو مونديال عام 2022، أي أن القادم إلى قطر لحضور هذه الفعالية الكبرى التي تستمر شهراً كاملاً، يُفضّل أن يصطحب معه تذكاراً من قطر، ليجد هذه الحرف الشعبية متوفرة سواء في مركز سوق واقف أو في المجمعات التجارية أو في المهرجانات المتنوعة. من هنا، تأتي أهمية مركز الحرف في سوق واقف الذي يجمع هذه الحرف في موقع واحد، ويستطيع الزائر والمواطن والمقيم إيجاد كل ما يرغب به.
ويلفت غريب إلى اهتمام الدولة أيضاً بتدريب الشباب للعمل في هذه الحرف التقليدية، مشيراً إلى البرنامج الذي أطلقته المؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا"، والذي يهدف إلى تأهيل وتخريج حرفيين مدركين لأهمية وقيمة الحرف الشعبية، ويمتلكون ثقافة الجودة والإتقان والتميز، وقد شمل البرنامج 28 حرفة تقليدية.
منتجات تراثية
زائر مركز الحرف تستهويه المنتجات التي تتصدر الواجهات على جانبي الطريق. وداخل المحل صناعات تراثية عادة ما تكون موجودة في المجمعات التجارية الحديثة في الدوحة. لكن خلف جدران المحل ما يشبه ورشة تصنيع متكاملة. وبطبيعة الحال، لا يمكن للزوار التوجه إلى هذه الأمكنة. في محل "بركات للأشدة والربابة"، يتحدث أحمد، وهو مدير المحل، عن الربابة بوصفها آلة موسيقية تراثية. يقول إن الربابة السائدة في الخليج ذات صندوق خشبي مستطيل. أما ذات الشكل البيضاوي، فتنتشر في المغرب العربي، ومنها ما هو على شكل دائري كما في العراق ومصر.
ويوضح أحمد أن صناعة الربابة في محله كانت تقتصر على جلد الماعز فقط. وقبل نحو عامين، بدأنا تصنيعها من جلد الغزال والذئب ما يجعلها أغلى سعراً، لافتاً إلى أن الأسعار تتراوح بين 200 ريال (نحو 54 دولاراً) و3400 ريال (نحو 933 دولاراً)، بحسب الجلد والشعر المستخدمين. ويوضح أن أبرز زبائنه هم المواطنون القطريون ثم الأوروبيون.
وثمّة محل يعرض ملابس تقليدية للصغار والكبار، وفي مقدمتها "البشت" (العباءة). ويقول مديره إقبال علي لـ "العربي الجديد"، إن "البشت" من الأزياء التقليديه المعروفه في قطر والخليج العربي. وكان الرجال في الماضي يرتدونه معظم الأوقات. أما حالياً، فقد درجت العادة أن يرتدي الرجال "البشت" في الأعراس والأعياد والمناسبات الرسمية والخاصة.
وننتقل من محال الملابس التقليدية إلى نوع آخر من الحرف التراثية في "دروازة الفريج". ويقول مدير المحل إن دروازة كلمة تراثية كانت تطلق قديماً على البوابة الكبيرة للمنازل والأسواق وأسوار المدن، وهي مشتقة من كلمتين وتعني "الباب المفتوح". أما "الفريج" فتعني الحي. وهناك أشكال مختلفة من "الدروازات"، وأحجامها متنوعة، غالبيتها من الجبس "الجص"، وتستخدم كلوحات تزين واجهات وجدران البيوت أو المكاتب.
اقــرأ أيضاً
ويستعمل الجبس أيضاً في صناعة القوالب التي تنقش عليها الزخارف الهندسية والنباتية المجردة التي تزين البيوت التقليدية في قطر. ويشير أحد العاملين إلى أنها تلقى رواجاً من المقيمين والسياح الذين يعتبرونها بمثابة تذكار من قطر.
في زقاق متفرّع من سوق واقف الشهير وسط العاصمة القطرية الدوحة، يوجد أكثر من 25 محلاً تعرض منتجات من الحرف الشعبية التقليدية القطرية، وتستقطب المواطنين والمقيمين والسياح. الزقاق الذي أطلق عليه اسم "مركز الحرف"، ينقل الزائر في رحلة تاريخية للتعرّف على أبرز الحرف والصناعات التقليدية التي كانت سائدة قديماً في هذه الدولة التي أصبحت من أوائل الدول المنتجة للغاز الطبيعي المسال في العالم. وعلى الرغم من أنّ غالبية الحرف والصناعات الشعبية قد اندثرت، إلّا أن حرفاً عدة صمدت وبقيت تُقاوم العولمة، منها صناعة السفن، وهي مهنة كانت منتشرة في قطر ومنطقة الخليج بشكل عام، لكنها شهدت تراجعاً ملحوظاً في مرحلة اكتشاف البترول وتطور نمط الحياة الاقتصادية، وكذلك "السدو" أي حياكة الصوف، وهي من الحرف التقليدية التي انتشرت في البادية. موادها هي الصوف والوبر وشعر الماعز والقطن، وأدواتها هي النول والمغزل والمنشزة. ومن أهم منتجاتها بيت الشعر والقاطع والعدول والمزاود والسفايف والزولية والبساط والمساند. وثمة حرف أخرى منها الزخرفة الجبسية والدرزي والنداف والحبّال وصناعة الربابة وغيرها.
وحول مدى اهتمام قطر بالحرف الشعبية وأهمية مركز واقف، يقول الباحث في التراث الشعبي والإعلامي صالح غريب، لـ "العربي الجديد": "اهتمت قطر بالحرف والصناعات الشعبية منذ القدم، لأنها كانت مصدراً للدخل قبل اكتشاف النفط. واليوم، نجد اهتماماً ملحوظاً من قبل الدولة بهذه الحرف، سواء في المهرجانات الداخلية أو الخارجية، أو من خلال تأسيس مراكز تعنى بها"، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه في عام 2017، وافق وزير الثقافة والرياضة القطري على إنشاء المركز الوطني للحرف والصناعات التقليدية، على أمل أن يرى المركز النور قريباً، ما يؤكد الاهتمام بهذه الحرف وتقديمها إلى المجتمع وتطويرها مثل السدو وصناعة السيوف والربابة ودلال القهوة. يضيف: "نجد المجتمع، خصوصاً المواطنين، يبحثون عن هذه المنتجات بهدف اقتنائها، ويكاد لا يخلو مجلس أو بيت قطري من منتجات هذه الحرف كالسيوف ودلال القهوة والسدو على سبيل المثال.
ويرى غريب أن الحفاظ على هذه الحرف والصناعات الشعبية هو حفاظ على الهوية الوطنية وحماية للموروث الثقافي والحضاري، فضلاً عما تشكله هذه الحرف من جذب للسياح. يضيف أن قطر مقبلة على حدث عالمي، وهو مونديال عام 2022، أي أن القادم إلى قطر لحضور هذه الفعالية الكبرى التي تستمر شهراً كاملاً، يُفضّل أن يصطحب معه تذكاراً من قطر، ليجد هذه الحرف الشعبية متوفرة سواء في مركز سوق واقف أو في المجمعات التجارية أو في المهرجانات المتنوعة. من هنا، تأتي أهمية مركز الحرف في سوق واقف الذي يجمع هذه الحرف في موقع واحد، ويستطيع الزائر والمواطن والمقيم إيجاد كل ما يرغب به.
ويلفت غريب إلى اهتمام الدولة أيضاً بتدريب الشباب للعمل في هذه الحرف التقليدية، مشيراً إلى البرنامج الذي أطلقته المؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا"، والذي يهدف إلى تأهيل وتخريج حرفيين مدركين لأهمية وقيمة الحرف الشعبية، ويمتلكون ثقافة الجودة والإتقان والتميز، وقد شمل البرنامج 28 حرفة تقليدية.
منتجات تراثية
زائر مركز الحرف تستهويه المنتجات التي تتصدر الواجهات على جانبي الطريق. وداخل المحل صناعات تراثية عادة ما تكون موجودة في المجمعات التجارية الحديثة في الدوحة. لكن خلف جدران المحل ما يشبه ورشة تصنيع متكاملة. وبطبيعة الحال، لا يمكن للزوار التوجه إلى هذه الأمكنة. في محل "بركات للأشدة والربابة"، يتحدث أحمد، وهو مدير المحل، عن الربابة بوصفها آلة موسيقية تراثية. يقول إن الربابة السائدة في الخليج ذات صندوق خشبي مستطيل. أما ذات الشكل البيضاوي، فتنتشر في المغرب العربي، ومنها ما هو على شكل دائري كما في العراق ومصر.
ويوضح أحمد أن صناعة الربابة في محله كانت تقتصر على جلد الماعز فقط. وقبل نحو عامين، بدأنا تصنيعها من جلد الغزال والذئب ما يجعلها أغلى سعراً، لافتاً إلى أن الأسعار تتراوح بين 200 ريال (نحو 54 دولاراً) و3400 ريال (نحو 933 دولاراً)، بحسب الجلد والشعر المستخدمين. ويوضح أن أبرز زبائنه هم المواطنون القطريون ثم الأوروبيون.
وثمّة محل يعرض ملابس تقليدية للصغار والكبار، وفي مقدمتها "البشت" (العباءة). ويقول مديره إقبال علي لـ "العربي الجديد"، إن "البشت" من الأزياء التقليديه المعروفه في قطر والخليج العربي. وكان الرجال في الماضي يرتدونه معظم الأوقات. أما حالياً، فقد درجت العادة أن يرتدي الرجال "البشت" في الأعراس والأعياد والمناسبات الرسمية والخاصة.
وننتقل من محال الملابس التقليدية إلى نوع آخر من الحرف التراثية في "دروازة الفريج". ويقول مدير المحل إن دروازة كلمة تراثية كانت تطلق قديماً على البوابة الكبيرة للمنازل والأسواق وأسوار المدن، وهي مشتقة من كلمتين وتعني "الباب المفتوح". أما "الفريج" فتعني الحي. وهناك أشكال مختلفة من "الدروازات"، وأحجامها متنوعة، غالبيتها من الجبس "الجص"، وتستخدم كلوحات تزين واجهات وجدران البيوت أو المكاتب.
ويستعمل الجبس أيضاً في صناعة القوالب التي تنقش عليها الزخارف الهندسية والنباتية المجردة التي تزين البيوت التقليدية في قطر. ويشير أحد العاملين إلى أنها تلقى رواجاً من المقيمين والسياح الذين يعتبرونها بمثابة تذكار من قطر.