هدم مقابر المماليك في القاهرة (فيسبوك)
20 يوليو 2020
+ الخط -

استيقظ المصريون، صباح اليوم الاثنين، على صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لبدء عمليات هدم منطقة "جبانة المماليك" الممتدة على طريق صلاح سالم الرئيسي، والمعروفة بمقابر المماليك، بما فيها من مقابر تاريخية وآثار إسلامية تعود لنحو 5 قرون. وجاءت عملية الهدم هذه بهدف إنشاء طريق جديد اسمه محور الفردوس، في إطار توسعة شبكات الطرق والجسور في مصر.

ويخشى علماء الآثار أن تطاول عمليات الهدم قبة قنصوه التي يعود تاريخها إلى أكثر من 900 عام، بالتزامن مع هدم حوالي 100 مدفن، بينها مدافن تعود لشخصيات معروفة في الذاكرة الثقافية والتاريخية المصرية.

ومع تعبير مصريين عن غضبهم من أعمال الهدم تلك التي تمحي الحجر والأثر معًا، كان الغضب والحزن مضاعفًا لدى أساتذة التاريخ والعمارة. فعلى سبيل المثال، علّقت أستاذة العمارة سهير زكي حواس، وهي أيضًا رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث والسياسات في الجهاز القومي للتنسيق الحضاري (مؤسسة حكومية مصرية)، عن حزنها جراء هدم تلك المنطقة، بكتابة "هذه المنطقة بالمقابر تدخل في نطاق القاهرة التاريخية المعتبرة تراثا عالميا طبقا لمنظمة اليونسكو، ومسجلة منطقة حماية طبقا للقانون رقم 119 لسنة 2008، والعديد من المقابر والأحواش خاصة المرتبطة بشخصيات تاريخية أو ذات الطراز المعماري المتميز مسجلة تراثا طبقا للقانون رقم 144 لسنة 2006. وقد سبق، من عدة سنوات، طرح تنفيذ المحور وتم إيقافه من قبل الجهاز القومي للتنسيق الحضاري الذي كنت أمثله خلال اجتماعات مناقشة هذا الأمر".

وأضافت حواس في سلسلة منشورات عبر حسابها الخاص على "فيسبوك"، أن "القاهرة التاريخية المسجلة ذات قيمة تراثية عالمية في عام 1979 من قبل منظمة اليونسكو، ومسجلة منطقة ذات قيمة تاريخية طبقا للقانون المصري 119 لسنة 2008، ومعتمدة من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية في يوليو/تموز 2009. وقد أصدر الجهاز القومي للتنسيق الحضاري كُتيبا لأسس ومعايير التنسيق الحضاري للمباني والمناطق التراثية وذات القيمة المتميزة في 2010، وكتيبا آخر للاشتراطات العامة لحماية نطاقات الحماية في القاهرة التاريخية يتضمن هذه الخريطة، وتم اعتماده أيضا من قبل المجلس الأعلى في عام 2011".

وعلّق الكاتب الصحافي يحيى وجدي، وكان مسؤولًا عن إصدار جريدة "منطقتي" المحلية المعنية بنشر أخبار وسط القاهرة وحي الزمالك، "مدينة القاهرة كموقع تراث عالمي مسجل في اليونسكو عام 1979، تشمل ضمن حدودها القرافة أو الجبانات.. المقابر كما نعرفها على جانبي صلاح سالم والأوتستراد، ولما دخل العرب مصر وجدوها ساحة (أو ساحات) للدفن، وقيل لهم إن الأجساد لا تبلى تحت سفح المقطم، والأجساد لا تبلى بسهولة فعلا بسبب طبيعة التربة، لكن أحدا لم يعمل حسابا للبلدوزرات. البلدوزرات التي تهدم الآن المبنى على المعنى، والشاهد على الشهيد. لا يتعلق الأمر فقط برفات السابقين، ولا بأثرية المنطقة ومبانيها، إذ إننا أمام سلطة ترى القاهرة على اتساعها محفظة أراضٍ، من مناطق الأحياء (ماسبيرو ومجرى العيون) حتى مدينة الموتى التاريخية، فلا شيء بإمكانه الوقوف أمام البلدوزر، مهما كانت قيمته".

وعلّق الكاتب الصحافي إلهامي الميرغني "من يزيل مقابر المماليك ليشق طريقًا؛ يريد إزالة جزء من تاريخ مصر وطمس هويتها لتسهل السيطرة على شعب بلا هوية وبلا تاريخ. خائن كل من يدمر معالم تاريخ مصر وكفاحها".

ووفقًا لمنشور على موقع وزارة الآثار المصرية، تعد مدينة القاهرة التاريخية من أهم وأكبر المدن التراثية في العالم؛ حيث إنها "مدينة حية تتميز بثراء نسيجها العمراني، بالإضافة إلى تعدد الآثار والمباني التاريخية، بما يعبر عن تاريخ القاهرة الطويل بصفتها عاصمة سياسية وثقافية وتجارية ودينية مهيمنة ورائدة في الشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط". وتُعد هذه المدينة نموذجاً متميزاً للمعمار الإسلامي؛ حيث جمعت العديد من الأمثلة المعمارية الفريدة من عصور الأمويين والطولونيين والفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين، ونظراً لوفرة وثراء هذا المعمار الذي يزين سماء القاهرة، فقد عرّفها العلماء والمؤرخون والجمهور باسم "مدينة الألف مئذنة".

تشمل القاهرة التاريخية عدة مواقع تمثل شكلاً فريداً من أشكال الاستيطان البشري يمزج بين الاستخدامات الدينية والعمرانية السكنية للمكان، وهي: الفسطاط، مصر العتيقة، والمنطقة الوسطى التي تشمل القطائع، والمدينة الملكية الطولونية، ومنطقة القلعة، والدرب الأحمر، والنواة الفاطمية، وميناء بولاق، وجامع الجيوشي.

دلالات
المساهمون