تدمر وحدها

23 مايو 2015
معبد بعل في واحة مدينة تدمر (تصوير: جوزيف عيد)
+ الخط -

في مايو/أيار من كل سنة وفي مثل هذه الأيام، بداية الصيف قبل أن يشتد قيظ بلاد الشام، كنا نسهر أمام التلفزيون لمشاهدة مقاطع وحفلات من لياليها، بعضنا من ميسوري الحال كان يسافر من البلدان المجاورة ليحضر عرضاً أو فعالية من مهرجان مدينة "تدمر"، الـمدينة الـ"معجزة"، كما يعني اسمها بالآرامية، والتي اقترنت بـ"معجزة" أخرى في زمننا هذا، أي سجنها الرهيب.

في الأمس "سهرنا" أمام شاشة التلفزيون أيضاً، ولكن قابضين على قلوبنا، يعتصرنا قهر وجزع لا قرار له؛ على مدينة زنوبيا التي قيل إنها فضّلت تجرع السم لدى أسرها من قبل الغزاة الرومان، محتلّي بلادها.

نتابع الأحداث الجارية، وصور كثيرة لا تفارق أذهاننا، منها ما حل أخيراً بالموصل وآثارها وسجلّات حضارتها.

توقف مهرجان تدمر عام 2011، قلنا وقتها عاماً أو عامين على الأكثر ويعود، وتعود تدمر مدينة بلا سجن. كنا نحلم بمستقبل أفضل لسورية، خاب ظنّنا، وكنا مخطئين كالعادة. إذ يبدو أننا الآن على موعد مع مهرجان من نوع آخر.. مهرجان للخراب.

لا كلمات عزاء قد تسعفها الآن، لا صراخ، أو بكاء، أو نواح. لا مناشدات، ولا مؤتمرات، ولا تحليلات سياسيين أو استذكارات مثقفين.. وحتى هذه الكلمات نخجل منها أمام هول وفداحة ما يجري.

الحقيقة الأوضح الآن، أن تدمر تقف وحدها لتواجه مصيرها، بعد أن خذلها الجميع.
المساهمون