تدفق المليارات .. هل يحل مشاكل إيران؟

17 يوليو 2015
تدفق السيولة بحجم كبير يخلق اختلالات في الاقتصاد الإيراني(Getty)
+ الخط -
فيما تستعد السوق الإيرانية لاستقبال الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك الغربية والأسيوية التي تقدرها مصادر أميركية في إفادة بالكونغرس بين 80 إلى 100 مليار دولار، تُثار مخاوف في طهران من التأثيرات السالبة لهذه الأموال على التضخم والنشاط الاقتصادي في البلاد. ومعظم هذه الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج تعود إلى عائد المبيعات النفطية المتراكم في الخارج منذ حظر البنك المركزي الإيراني في العام 2012.
ورغم أن الحكومة بحاجة إلى تحديث معظم البنى التحتية في إيران، إلا أن البلاد تعاني من سوء الإدارة والفساد، وربما تتحول هذه التدفقات المالية الهائلة إلى نقمة أكثر منها نعمة.
وقال يحيى آل إسحاق رئيس غرفة طهران للتجارة والصناعة والمناجم والزراعة "ما بين 15 و 30% فقط من مشاكلنا الاقتصادية ترجع إلى العقوبات. أما نسبة السبعين في المائة الباقية فسببها سوء الإدارة. ولذلك فإن رفع العقوبات لن يكون نهاية لمشاكلنا".
وقال لنشرة نسيم الإخبارية المحلية الأسبوع الماضي "إيران لن تصبح جنة عدن بعد العقوبات".
وربما تكون إدارة التدفقات المالية العائدة إلى البلاد من الخارج أول التحديات التي ستواجه فريق روحاني. ويقول مسؤولون أميركيون إن ايران سيتاح لها التصرف في أكثر من 100 مليار دولار من الأرصدة المجمدة في الخارج أي ما يعادل ربع ناتجها السنوي. وقد يبدأ تدفق الأموال قرب نهاية العام الجاري بعد أن يؤكد المفتشون الدوليون التزام ايران بالاتفاق.
والحكومة في أمس الحاجة لهذه الأموال لسداد التزاماتها وإقامة مشروعات للبنية التحتية لكن ضخ هذه الأموال في الاقتصاد سيكون مهمة صعبة.

ضغوط سياسية

سيتعرض المسؤولون لضغوط سياسية هائلة لتسريع معدلات النمو ورفع مستويات المعيشة. وفي الوقت نفسه من المحتمل أن يتسبب إنفاق الاحتياطيات بسرعة في اختناقات في الاقتصاد الايراني المتعثر وينذر بارتفاع آخر في التضخم الذي لم تستطع السلطات خفضه، إلا في الآونة الأخيرة. وتراجع التضخم في إيران خلال الشهور الأخيرة إلى نحو 16% من أكثر من 40% قبل عامين.

وقال آل اسحاق "الإفراج عن أرصدتنا فرصة كبيرة، لكن إذا أسيئت إدارة هذه الأموال فقد يكون الضرر الناجم أسوأ من العقوبات نفسها". وربما يستجيب الايرانيون العاديون لجو التفاؤل الجديد بإعادة مدخراتهم إلى الريال بعد أن حولوها بمليارات الدولارات للعملات الأجنبية والذهب عندما كان الريال ينهار خلال سنوات العقوبات.
وسيفرض ذلك ضغوطاً تصاعدية على العملة الايرانية التي تبلغ الآن 32700 ريال مقابل الدولار في السوق الحرة. ويجبر الريال السلطات النقدية في إيران على اتخاذ قرار صعب لتحديد المدى الذي يريدونه لقوة العملة.
ومن شأن ارتفاع الريال الحد من التضخم وربما يسعد الطبقات المتوسطة في ايران من خلال تسهيل شراء السلع الاستهلاكية الأجنبية والسفر للخارج. أما ضعف العملة فسيعمل على تنشيط الصادرات خاصة في القطاع الزراعي ويؤدي لخلق فرص عمل. ولكل من الخيارين مناصرون أقوياء في ايران.
وقال مدير تنفيذي في شركة بقطاع التكنولوجيا في طهران رفض نشر اسمه بسبب حساسيات سياسية معلقاً على سياسة النقد الإيرانية "السؤال المطروح هو ما إذا كان روحاني يريد استراتيجية قصيرة الأجل للفوز في الانتخابات المقبلة من خلال تخفيض معدل التضخم أو ما إذا كان يريد التفكير في الأجل الطويل وتحقيق إنجاز ما فيما يتعلق بالكساد".
ولحرص المصدرين الايرانيين على العودة إلى الأسواق الخارجية بعد رفع العقوبات فهم يريدون من البنك المركزي مساعدتهم على المنافسة بخفض أسعار الفائدة في البنوك التي مازالت أعلى من 20%.
ومع ذلك يرفض البنك المركزي تقديم تيسيرات سريعة وربما يظل على هذا الحال حتى بعد رفع العقوبات. فمع تدفق الأموال على إيران وتسارع معدلات النمو من الممكن أن يؤدي الخفض السريع في أسعار الفائدة إلى تكوين فقاعات في أسواق الأصول.

إصلاحات

وسيواجه فريق روحاني مواقف مماثلة وهو يحاول جذب رأس المال الأجنبي والتكنولوجيا من الخارج إلى إيران وهو ما يمثل جانباً رئيسياً في الاستراتيجية الاقتصادية للحكومة فيما بعد العقوبات.

وتضع الخطة الخمسية للفترة 2016-2021 تصوراً لاستثمارات قدرها 361 مليار دولار لتحقيق معدل نمو سنوي يبلغ 8.0 % على أن يتحقق أكثر من 40% من هذا المبلغ من مصادر خارجية.
غير أن إيران غير مستعدة لا لإغراء الاستثمارات الأجنبية بالقدوم ولا للاستفادة منها إذا جاءت. فقوانين العمل الصارمة التي كانت من نتائج الثورة الاسلامية لعام 1979 تجعل من الصعب الاستغناء عن العاملين كما أن النظام القانوني المتقلب يزيد المخاطر التي تواجه الشركات الأجنبية.
ويتحدث المسؤولون عن إصلاح اللوائح التي تنظم سوق العمل وقطاع الأعمال لزيادة جاذبيتها للمستثمرين لكن هذه المهمة ستكون لها حساسيتها السياسية، خاصة إذا ظهر أن الحكومة تساعد الشركات الأجنبية التي تتمتع بسيولة عالية على الفوز بحصة من السوق على حساب الشركات الايرانية التي أضعفتها العقوبات.
وقال آل اسحاق إن الأجانب "عطشى للسوق الايرانية. ومن الممكن أن تفلس مصانعنا المحلية في هذه الموجة".
وللتصدي لهذا الإحساس من المتوقع أن تشترط الحكومة على كبار المستثمرين الأجانب نقل التكنولوجيا إلى الشركات الايرانية والحصول على قدر كبير مما تحتاج إليه من مواد من السوق المحلية. لكن هذا قد يحد من جاذبية ايران في عيون الأجانب.
وتتدفق الوفود التجارية على إيران، ويعتزم وزير الاقتصاد الألماني سيغمار غابرييل التوجه إلى إيران يوم الأحد المقبل لبحث الفرص التجارية الجديدة السانحة في سوق تغيبت عنها طويلاً، وتركت فراغاً ملأته شركات من الصين وكوريا والشرق الأوسط وأطراف أخرى. وسيصحب الوزير الألماني وفد كبير من ممثلي الشركات والأعمال التجارية الألمانية.
وترغب الشركات الألمانية سواء الكبرى منها مثل فولكسفاغن وسيمنس أو المتوسطة وحتى آلاف الشركات الصغيرة ذات الملكية العائلية في استعادة دورها السابق في التصدير إلى إيران. وتوقع غريلو أن ترتفع الصادرات الألمانية إلى إيران إلى إلى 11 مليار دولار من 2.4 مليار دولار العام الماضي.

اقرأ أيضا: إيران: صيد ثمين للصفقات الغربية
المساهمون