يتحول الموقف الرسمي التونسي بسرعة نحو التماهي مع الموقف الشعبي والحزبي، بعد تردد في محاولة للتأكد من هوية القتلة في اغتيال الشهيد مهندس الطيران محمد الزواري.
وبعد جدل حول توصيف العملية سياسياً ودبلوماسياً، واتهامات للحكومة بالتأخر في اتخاذ موقف سياسي واضح من العملية، أعلن رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، أول من أمس، أن الزواري شهيد وأن تونس لن تتوانى عن حقه وحق البلاد. وجاء تصريحه بعد لقاء الرئيس الباجي قائد السبسي، ما يعني أن كل مؤسسات الدولة تتبنى نفس الموقف.
وتأكد هذا الموقف بعدما أوفدت الحكومة، أمس الأربعاء، مبعوثها إلى بيت الشهيد في صفاقس، وزير الوظيفة العمومية، عبيد البريكي، الذي أكد من جديد أن الحكومة لن تتسامح مع مرتكبي جريمة اغتيال الزواري، "محليين كان الجناة أو أجانب". وأضاف في تصريحات صحافية على هامش الزيارة أن "منح الجنسية التونسية والإقامة لأرملة الشهيد حق مكفول".
وأفاد البريكي أن البحث جار للكشف عن ملابسات "هذه الجريمة النكراء التي استهدفت العلم الذي كرسه الشهيد خدمة لأبناء غزة في مواجهة عدوان الكيان الصهيوني"، لافتا إلى أنه "في حال التأكد في القريب العاجل من طبيعة الجناة فإننا سنتخذ إجراءات أكثر تشدداً وتطوراً لمعاقبة الجناة ولحماية تونس وأبنائها وتحصينهم من كل محاولات الاعتداءات".
وأشار إلى أن "هذه الجريمة النكراء جعلتنا نقف عند حقائق عدة لنتخذ عدداً من الإجراءات، لكن دون التراجع عن مبدأي الحرية والديمقراطية".
وجاءت عملية الاغتيال، بالفعل، لتلقي الضوء على نقاط الضعف في المنظومة الاستخباراتية، ولشكل التعاطي الأمني مع القضية محلياً ووطنياً. وقررت رئاسة الحكومة، اليوم الخميس، إقالة محافظ صفاقس وعدداً من القيادات الأمنية المحلية في المحافظة، وهما مدير إقليم الأمن الوطني بمحافظة صفاقس ورئيس منطقة الأمن الوطني بصفاقس الجنوبية، على خلفية الحادثة.
وقال مصدر مسؤول في رئاسة الحكومة لـ"العربي الجديد" إن الإقالة جاءت بسبب التقصير.
لكن القرار الأهم لحكومة الشاهد، جاء خلال مجلس وزاري مضيق، أول من أمس الثلاثاء، بإرسال المركز الوطني للاستخبارات، الذي أعدت مشروعه رئاسة الجمهورية وأحالته إلى رئاسة الحكومة، ليتولى مهمة تجميع المعلومات والتنسيق بين مختلف الأجهزة الاستخباراتية وضبط الخيارات الاستراتيجية في مجال الاستعلامات وتحليلها.
وأفاد بيان لرئاسة الحكومة، أن المركز الوطني للاستخبارات يتعهد بتحديد التعاون الدولي في مجال الاستعلام وضبط المخطط الوطني للاستعلامات، وسيتم إحداثه بأمر بعد عرضه على مجلس الوزراء المقبل.
وعلى الرغم من تعافي المنظومة الاستخباراتية منذ مدة، ونجاحها في عمليات استباقية مكنت من كشف مخططات إرهابية كبيرة، فإن هذا القرار جاء ليغطي فراغاً كبيراً في هذا المجال منذ سنوات عدة بعد التغييرات الكثيرة التي شهدتها وزارة الداخلية التونسية بعد الثورة.
من جهة أخرى، قررت الحكومة إعداد مشروع "قانون مكافحة جرائم شبكات الاتصال"، نظراً لكون 90 في المائة من الجرائم يتم الإعداد لها عبر هذه الشبكات، وتحويل إدارة الحدود والأجانب إلى إدارة عامة مع وضع جميع الإمكانيات لفائدتها، فضلاً عن تنظيم عمل شركات الإنتاج التلفزي التي تتولى إنتاج المواد التلفزية والإخبارية وغيرها لفائدة القنوات الأجنبية.
محلياً، أعلن رئيس النيابة الخصوصية لبلدية العين بصفاقس، خالد معلى، في تصريح إذاعي، أنه سيتم إطلاق اسم الشهيد محمد الزواري على الشارع الذي يقطن فيه وإطلاق اسمه على أكبر الساحات بالجهة. وأضاف أن اسم الشهيد سيطلق أيضاً على أكبر ساحة ببلدية العين، وسيتم إنجاز تمثال يجسّد طائرة دون طيار أو غواصة تزامناً مع ذكراه الأولى عام 2017.