كشف المغرب عن اعتزامه تأهيل نظامه الضريبي، لتجنب قائمة أوروبية سوداء، لدول الملاذات الضريبية، التي تجذب أموال الأثرياء حول العالم من الراغبين في التهرب الضريبي.
وأعلن وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، مساء السبت، في نهاية مؤتمر وطني حول الجباية (الضرائب)، أنه سيتم فرض ضرائب تدريجية على الشركات المستفيدة من إعفاءات وضرائب مخفضة، لا سيما في قطاعات التصدير.
وينتقد الاتحاد الأوروبي، تبني المغرب سياسة ضريبية تفضيلية للمستثمرين الصناعيين في المناطق الحرة، عبر إعفائهم ضريبياً خلال الأعوام الخمسة الأولى من بدء النشاط، قبل إخضاعهم لضريبة بنسبة 8.75 في المائة لمدة عشرين عاماً، في حين أن النسبة المعمول بها في المملكة خارج هذه المناطق تصل إلى 31 في المائة.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي أن منح إعفاءات ضريبية لشركات مثل صناعة السيارات، تقوم بتصدير منتجاتها إلى الأسواق الأوروبية، يشكل نوعاً من المنافسة غير المتكافئة، غير أن محللين اقتصاديين يعتبرون أن الضغط الأوروبي سيهدد نحو 550 ألف فرصة عمل في تلك المناطق الجاذبة للمستثمرين.
وقال وزير الاقتصاد والمالية المغربي، في ختام المؤتمر الوطني حول الجباية الذي استمر في الفترة من الثالث إلى الخامس من مايو/أيار الجاري، إن النسبة المستهدفة لضرائب المناطق الحرة ستصل إلى 15 في المائة، وسيتم إدراج ذلك في قانون الجباية الذي ينتظر أن يعرض على البرلمان، ويسري لمدة خمسة أعوام.
وحضر المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، بيير موسكوفيسي، أعمال المؤتمر الوطني حول الجباية، ورأى مراقبون في ذلك رغبة في خروج المغرب من القائمة الرمادية.
وصرح موسكوفيسي، بأنه تم العمل بشكل كبير مع وزير المالية المغربي من أجل عدم ضم المغرب للقائمة السوداء للملاذات الضريبية، مشيرا إلى أنه من المهم أن يتبني المغرب معايير الحوكمة الجبائية الجيدة، وأن العديد من البلدان أهلت أنظمتها الجبائية، كي تتوافق مع المعايير الدولية.
وصنف الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار الماضي، المغرب ضمن القائمة الرمادية لدول الملاذات الضريبية، معتبرا أن الرباط اعتمدت جباية "ضارة" تنعكس سلبا على الشركات العاملة في أوروبا.
ورأى مسؤولون مغاربة في مطالبة الأوروبيين بملاءمة النظام الجبائي، نوعا من التدخل غير الوجيه، مشيرين إلى أن العديد من البلدان الأوروبية تخفض الضرائب من أجل جذب المستثمرين، مثل أيرلندا.
وسبق لمحافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، أن عبر عن ارتياحه لعدم ضم المغرب إلى اللائحة السوداء، مشيرا إلى أن المباحثات مع الأوروبيين يجب أن تكون ذات طابع شامل.
وأعرب مسؤول مغربي فضل عدم ذكر اسمه عن تخوفه من عدم مغادرة القائمة الرمادية والانزلاق إلى القائمة السوداء، لافتا إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يعمد إلى تضييق شراكاته مع المغرب وتقليص استثماراته، وتراجع التعامل مع المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين.
وينتج عن تصنيف بلد ضمن القائمة السوداء تشديد رقابة الاتحاد الأوروبي على الشركات متعددة الجنسيات، إذ تخضع تلك الشركات التي تريد الاستثمار في تلك البلدان إلى لائحة فحص دقيق ومتشدد، كما يؤدي إلى منع التمويل عنها من قبل مؤسسات التمويل الأوروبي.
وكان الاتحاد الأوروبي، قد تبنى في مارس/آذار الماضي، قائمة سوداء موسعة للملاذات الضريبية، ضمت الإمارات ومناطق تابعة لبريطانيا وهولندا إلى القائمة السوداء، وذلك بعد الكشف عن انتشار عمليات للتهرب الضريبي على نطاق واسع، تستخدمها الشركات والأفراد الأثرياء حول العالم.