تخوّفات مصرية من خطف إيران الاستثمارات الأجنبية

22 يوليو 2015
الطاقة أكبر القطاعات الإيرانية الجاذبة للاستثمارات الأجنبية (فرانس برس)
+ الخط -
أعرب محللون عن قلقهم من خطف إيران استثمارات أجنبية، عقب الاتفاق النووي مع الغرب، كانت تأمل مصر في جذبها، خلال الفترة المقبلة، ويأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه القاهرة، مثل باقي دول المنطقة، إلى الاستفادة اقتصادياً من إيران، عبر الحصول على جزء من كعكة الأموال المجمدة لطهران المتوقع الإفراج عنها، في الفترة المقبلة، والبالغة قيمتها 80 مليار دولار، حسب تقديرات غربية، و29 مليار دولار، حسب البنك المركزي الإيراني.
وافتتح الوفد الألماني، الذي وصل طهران الأحد الماضي، طابور الدول الغربية التي تسعى إلى عقد صفقات كبرى مع الإيرانيين. وحسب محللين، يتوقع أن يتضاعف التبادل التجاري بين البلدين 4 مرات، خلال الثلاثة أعوام المقبلة.
وتعكس رئاسة وزير الاقتصاد الألماني، سيغمار غابريال، وفد بلاده، مدى اهتمام برلين بانتزاع أكبر حصة من الكعكة الإيرانية.
كما انضم الأميركان إلى طابور الدول التي تسعى إلى الاستفادة من الوضع الجديد، حيث نقل موقع اقتصاد نيوز الإيراني أن وفدا اقتصاديا أميركيا سيزور طهران في المستقبل القريب.
وفي هذا الإطار، أكد مستثمرون مصريون تخوفهم من سحب السوق الإيراني المتعطش للاستثمارات الأجنبية منذ سنين، البساط من استثمارات كانت في طريقها إلى مصر.
وكانت الأمم المتحدة فرضت، في عام 2006، عقوبات اقتصادية للمرة الأولى على إيران، للاشتباه في تخطيطها لتطوير قنبلة ذرية تحت غطاء برنامج نووي سلمي.

نحو طهران

وقال نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، محمد المصري، لـ"العربي الجديد"، إنه من المتوقع أن يفضّل المستثمرون الأجانب التوجه إلى السوق الإيراني لكبر حجمه واستقراره وتعطشه لاستثمارات جديدة، ما قد يؤثر ذلك على الاستثمارات المزمع إقامتها في مصر. غير أنه أكد في الوقت نفسه أن هذا الأمر لن يحدث في المستقبل القريب، مرجعا ذلك إلى استمرار التخوف من السياسة الإيرانية وعدم استقرار الأوضاع هناك.
وأشار المصري إلى أن رفع العقوبات تدريجياً عن إيران سيكون له أثر إيجابي على تحسن العلاقات التجارية والاقتصادية لها.

سوق متعطش

وفي نفس السياق، أكد الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، لـ"العربي الجديد"، أن الشركات الأجنبية لديها رغبة كبيرة في الاستثمار في السوق الإيراني، نظرا لوجود ركود كبير في السوق الأوروبية. وأشار إلى أن شركات المواد الاستهلاكية والبترول ستكون الأسرع في الدخول إلى السوق الإيراني.
وأوضح أن المستهلك الإيراني متعطش إلى التنوع، بعد سنوات كبيرة من العزلة الاقتصادية.
وأضاف أن الاقتصاد المصري سيفقد مزيدا من الاستثمارات الغربية، حيث إن المناخ في البلاد طارد للاستثمارات، خاصة في ظل معدل تضخم مرتفع جداً وسعر صرف متقلب، وصعوبة خروج رأس المال، والقوانين البيروقراطية، بالإضافة إلى الاضطرابات الأمنية، وعدم الاستقرار السياسي الذي زاد منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز عام 2013.

توتر سياسي

أما رئيس اتحاد الصناعات المصرية، محمد السويدي، فأكد لـ"العربي الجديد"، أن العلاقات السياسية مع إيران ليست في الوضع الأمثل، إلا أن هناك علاقات تجارية محدودة، فضلا عن وجود استثمارات إيرانية في مصر، مستبعداً تأثر الاقتصاد المصري سلباً برفع العقوبات والاتفاق النووي.
وحسب إحصاءات وزارة التجارة والصناعة المصرية، بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وإيران نحو 100 مليون دولار فقط، خلال الـ9 أشهر الأولى من عام 2013، لتبلغ قيمة الصادرات المصرية نحو 57.6 مليون دولار.
وتتركز الصادرات المصرية لإيران في 3 سلع هي: البرتقال والدخان والزجاج، بينما تتركز الواردات من إيران في بعض منتجات البتروكيماويات، مثل الميثانول والبولي إيثلين، حسب وزارة التجارة.

اقرأ أيضا:  جنود مجهولون لإيران

وبدأت استثمارات الحكومة الإيرانية في مصر، خلال عهد الرئيس الراحل أنور السادات، في إطار اتفاق التعاون الاقتصادي بين حكومتي القاهرة وطهران عام 1974، ولكن تدهورت العلاقات الاقتصادية والسياسية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك وحتى الآن.
وقال السويدي إن المستثمر الأوروبي والآسيوي لن يخاطر في الوقت القريب بالاستثمار في إيران، وسينتظر إلى حين التأكد من جدية التزام طهران بالاتفاق مع الدول الغربية وأميركا.

ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي عبدالخالق فاروق، لـ"العربي الجديد" أن رفع الحظر قد يدفع عدداً كبيراً من الشركات الخليجية والعالمية إلى الاستثمار في إيران، والاستفادة المبكرة من السوق الإيراني الكبير، وهو ما يشكل عنصر ضغط على جذب الاستثمارات إلى السوق المصري، خاصة في عدد من المجالات المرتبطة بقطاعي الطاقة والغاز، في ظل توافر البنية التحتية التكنولوجية الإيرانية، وتوافر الأيدي العاملة الماهرة، ما يجعل إيران أكثر جذبا للمستثمرين، حسب فاروق.
وتطمح الحكومة المصرية إلى جذب استثمارات جديدة لإنعاش اقتصاد البلاد المتراجع، فيما كثفت من حملاتها الترويجية لاستقطاب رؤوس الأموال، وآخرها مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، والذي نظمته منتصف مارس/آذار الماضي، وأعلنت خلاله عن إبرام اتفاقات باستثمارات جديدة تصل إلى 92 مليار دولار.
وكان وزير التخطيط المصري، أشرف العربي، قد قال في ختام المؤتمر، إن بلاده تستهدف جذب استثمارات أجنبية بقيمة 60 مليار دولار في الأربع سنوات المقبلة، إلا أن الحكومة لم تبدأ بعد في أي مشروع تم الاتفاق عليه خلال المؤتمر.
وأشار إلى أن نجاح التعاون الاقتصادي المصري الإيراني يتوقف على ما ستؤول إليه الشؤون السياسية بين البلدين.
وأضاف أن هناك مجالات يمكن التعاون مع طهران بشأنها، أبرزها قطاع التكنولوجيا والاتصالات بجانب الطاقة النووية، وأشار فاروق إلى إمكانية التعامل مع الإيرانيين لتشغيل محطة الضبعة النووية للاستخدام السلمي.
وقال رئيس بنك مصر إيران للتنمية والمحافظ السابق للبنك المركزي المصري، إسماعيل حسن، في تصريحات صحافية، إن العلاقات الاقتصادية بين مصر وإيران شبه مجمدة، فهي تقتصر على استثمارات محدودة موجودة منذ أكثر من 30 عاما بدون تحريك لها.
وأضاف حسن أنه كلما يحدث نوع من التقارب في الملف الاقتصادي بين الحين والآخر، تنشأ بعض المشاكل السياسية التي تعيد الأمور إلى حالة الجمود من جديد.
وأشار إلى أن الاستثمارات الإيرانية في مصر ليست بالكبيرة، وتقتصر على 3 مشروعات مشتركة، تتمثل في بنك مصر إيران للتنمية، وشركة مصر إيران للغزل والنسيج، وأخرى في قطاع الملاحة.

اقرأ أيضا: توقعات باستفادة الإمارات وعُمان من الاتفاق النووي الإيراني
المساهمون