تدخل عمليات "عاصفة الحزم"، أسبوعها الثاني، بعد أن أعادت خلط الأوراق في اليمن، تزامناً مع تكريس الأبعاد الإقليمية لتطورات الأوضاع في البلاد على مدى أشهر طويلة، تغول فيها الحوثيون على السلطة، قبل أن يتوجّوا سلوكهم بالانقلاب على الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، وينطلقوا في محاولة اجتياح عدن.
وفيما يحفظ اليمنيون جيداً موعد بدء "عاصفة الحزم" قبل أسبوع، بمشاركة عشر دول، لا يعرفون موعد نهايتها ومداها، وتحديداً إذا ما كانت ستقتصر على التدخل الجوي والبحري، كما هو الوضع الآن، أم ستنقل إلى تدخل بري لا يبدو مستبعداً، وخصوصاً أن الحرب تتسع مع كل يوم يمرّ وتأخذ أبعاداً إقليمية ودولية أوسع نطاقاً.
فعمليات "عاصفة الحزم"، التي تركز منذ انطلاقها على قصف مراكز الحوثيين العسكرية، بما في ذلك معسكرات الجيش التي أخضعوها لنفوذهم، لم تفض حتى اللحظة إلى أي اختراق سياسي يعيد الأطراف السياسية إلى طاولة الحوار.
أما حديث الوساطات فاقتصر على بلدين حتى اللحظة، هما سلطنة عمان التي لم تدخل في "التحالف العشري"، والجزائر التي تبدو مبادرتها أنها أتت في الوقت الضائع، إذ تستمر العمليات العسكرية، ويدفع المدنيون جزءاً من فاتورتها ليس فقط عبر نزوحهم من بعض المناطق، بل بتحولهم إلى ضحاياها في بعض الأحيان.
وخلال أسبوع من عمليات "عاصفة الحزم" أصبحت البلاد أمام احتمالات متعددة، بعد أن انتقل الحوار من الطاولات إلى القذائف والضربات الجوية، وانتقلت جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) من موقع التوسّع والتغول إلى موقع المدافع في أماكن محددة، في ظل حصار بري وبحري وجوي شامل في البلاد، وطائرات حربية تحلق على مدار الساعة، وتقصف الأهداف العسكرية الخاضعة لنفوذ الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وبينما أصبح نحو عشر محافظات يمنية على صفيح ساخن، دمرت ضربات الأسبوع الأول، القوات الجوية التي سيطر عليها الحوثيون وعطلت ألوية الصواريخ الباليستية إلى حد كبير، فيما تعرضت أغلب معسكرات الجيش الخاضعة لنفوذ الحوثيين وصالح لضربات، في محافظات صنعاء وذمار وصعدة والحديدة وتعز وإب ولحج والضالع وعدن وأبين ومأرب، تسبّبت بخسائر متفاوتة، بقيت قيد الكتمان، من قبل الجهات الرسمية. غير أن معلومات "العربي الجديد" تشير إلى أن الخسائر المادية والدمار في الآليات متفاوتة، فيما الخسائر البشرية محدودة.
على صعيد التنظيم المسلح لجماعة الحوثيين، فقد عادت المعركة إلى معقلها الأول، بعد أن كانت تتمدد في المدن واحدة تلو الأخرى، إذ كانت صعدة أقصى شمالي البلاد، والتي تقع على الحدود الجنوبية للسعودية، هدفاً لضربات جوية، استهدفت مواقع ومعسكرات تدريبية للحوثيين في العديد من المديريات، وفي مقدمتها "مران" معقل الحوثي، و"كتاف" التي أجرى فيها الحوثيون مناورات، بالإضافة إلى استهداف الضربات معسكرات الجيش في صعدة، والتي باتت منذ سنوات تحت نفوذ وسيطرة الحوثي.
اقرأ أيضاً: ساحة الحرب اليمنية تتسع: مواجهات حدودية وإِشارات سياسية
وفي موازاة الضربات، لم يكف الحوثيون وحلفاؤهم في حزب "المؤتمر الشعبي" عن تغولهم، فلجأوا إلى إجراءات عديدة في المواجهة، فطالبوا القرى بتقديم مجندين، وأعلنوا إعادة المسرحين والمتقاعدين من الجيش والأمن إلى الخدمة، كما لجأوا إلى إغلاق مقرات العديد من الوسائل الإعلامية، وهددوا بإجراءات ضد الإعلاميين المناوئين لهم. كما حاولوا عسكرياً فتح جبهة على الحدود مع السعودية، حيث يتعرض العديد من المناطق لقصف مدفعي من القوات البرية السعودية، بالإضافة إلى القصف الجوي.
وكان لافتاً استماتة القوات الخاضعة لنفوذ صالح والحوثيين للسيطرة على مدينة عدن، على الرغم من المقاومة الشديدة التي تبديها اللجان الشعبية الموالية للرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، بالإضافة إلى الضربات الجوية لقوات التحالف التي تركزت على محيط عدن في الأيام الماضية.
ولم يُقدّم الحوثيون أي مبادرات، واقتصر ردهم على النشاط الميداني والتعبوي، فيما لم تُعرف حجم الخسائر التي تعرضوا لها جراء الضربات المركزة في معقلهم بمحافظة صعدة.
من جهته، لجأ الريس المخلوع إلى المناورة في اتجاهين، الأول عبر محاولة فاشلة للتأقلم مع الحرب، من خلال إعادة ترتيب المعسكرات الخاضعة لنفوذه ومحاولة إحكام السيطرة على عدن، والآخر هو الجانب السياسي، إذ حاول استغلال التطورات والنأي بنفسه عن كونه أحد أهم مسببات الأزمة.