فخلال فترة الفوضى التي تلت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق في 2003، أُسس فصيل منشق عن تنظيم "القاعدة" هناك وغيّر اسمه في 2006 إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق"، ليؤسس زعيمه أبو بكر البغدادي في أواخر عام 2011 بدعم من "القاعدة" مجموعات في سورية كانت نواة لتنظيم "جبهة النصرة" التي قادها أبو محمد الجولاني، مع قياديين آخرين من القاعدة، وعقب خلافات بين الطرفين أعلن الجولاني انشقاقه عن البغدادي، فيما بدأت الخلافات تظهر بين البغدادي وزعيم "القاعدة" أيمن الظواهري، فبات اسم التنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام".
في نهاية عام 2012، نشبت معارك عنيفة بين "جبهة النصرة" و"الجيش الحر" من جهة، و"داعش" من جهة ثانية في ريف ديرالزور والرقة وريف حلب، وامتدت إلى مناطق أخرى تمكن خلالها التنظيم من السيطرة على جميع معاقل "النصرة" و"الجيش السوري الحر" في شمال شرق سورية، ابتداءً من الرقة وصولاً إلى الباب وجرابلس في ريف حلب ومناطق أخرى في حمص وريف دمشق.
مع تنامي قوة التنظيم في سورية، بدأ بالتوسع على حساب المناطق التي تسيطر عليها المليشيات الكردية حيث وصل إلى مدينة عين العرب "كوباني"، ومناطق سيطرة المليشيات التابعة للنظام السوري.
وعام 2014، احتل التنظيم الموصل وتكريت في يونيو/ حزيران، واجتاح الحدود مع سورية.
ومن منبر مسجد النوري الكبير في الموصل، أعلن البغدادي قيام دولة "خلافة" في المناطق التي سيطر عليها التنظيم الذي غيّر اسمه لـ"الدولة الإسلامية".
وفي العراق ذبح الآلاف من اليزيديين في سنجار وأجبر أكثر من سبعة آلاف امرأة وفتاة على الرقّ الجنسي. وهو ما حدث أيضاً في سورية، حيث ذبح التنظيم مئات من أفراد عشيرة الشعيطات، وقطع التنظيم رؤوس رهائن أجانب في مقاطع مصورة اتسمت بالعنف.
وفي سبتمبر/ أيلول من العام ذاته، شكلت الولايات المتحدة تحالفاً لمحاربة "داعش"، بدأ بتنفيذ ضربات جوية لوقف زحفه وساعد "وحدات حماية الشعب الكردية" السورية على إجباره على التقهقر من مدينة كوباني على الحدود مع تركيا.
غير أن امتداد التنظيم لم يقف عند سورية والعراق، ففي عام 2015 شنّ متشددون في باريس هجوماً على جريدة ساخرة ومتجر لبيع الأطعمة اليهودية، في بداية دامية لسلسلة من الهجمات التي أعلن التنظيم مسؤوليته عنها في أنحاء العالم. وقطع متشددون في ليبيا رؤوس مسيحيين وبايعوا "داعش"، وتلى ذلك مبايعات من جماعات في دول أخرى، لكنها بقيت مستقلة في تنفيذ العمليات. وفي مايو/ أيار سيطر "داعش" على الرمادي في العراق ومدينة تدمر الأثرية في سورية، لكن زحفه بدأ في التقلص بنهاية العام في الدولتين إثر الضربات الجوية.
ففي عام 2016، تمكن الجيش العراقي والمليشيات المحلية من استعادة السيطرة على الفلوجة في يونيو/ حزيران، التي كانت أول مدينة يسيطر عليها التنظيم في بداية انتصاراته. وفي أغسطس/ آب، تمكنت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة التي تقودها "وحدات حماية الشعب الكردي"، من السيطرة على منبج في سورية. لكن تقدم المسلحين الكرد في مناطق محاذية للحدود أقلق تركيا، ما دفعها لشنّ هجوم داخل سورية ضد "وحدات حماية الشعب" وتنظيم "داعش". واستمر العداء بين تركيا ووحدات حماية الشعب في تعقيد العمليات العسكرية ضد "داعش".
في عام 2017، مني التنظيم بهزائم منكرة. فقد خسر سيطرته على الموصل بالعراق في يونيو/ حزيران، في عملية شنتها القوات العراقية بعد أشهر من القتال الشرس، وأعلنت بغداد إثر ذلك انتهاء دولة "الخلافة" التي أعلنها التنظيم. في العام ذاته في سورية وفي سبتمبر/ أيلول، توجهت قوات النظام بدعم روسي وإيراني نحو دير الزور، وسيطرت في نوفمبر/ تشرين الثاني على كامل مدينة دير الزور وريف دير الزور الجنوبي، وريف حماة الشرقي وريف حمص الشرقي الذي يضم مدناً بارزة مثل القريتين وتدمر، وفي ذلك الوقت فقد التنظيم جميع المناطق التي يسيطر عليها غرب الفرات، باستثناء بعض الجيوب. وفي أكتوبر/ تشرين الأول من العام ذاته، تمكنت "قوات سورية الديمقراطية" من طرد "داعش" من الرقة.
في عام 2018، استعادت قوات النظام السوري السيطرة على جيوب لـ"داعش" في حوض اليرموك جنوبي دمشق وغرب درعا، وعلى الحدود مع هضبة الجولان المحتلة، وعلى جيوب في ريف السويداء جنوب شرق البلاد. في حين واصلت "قوات سورية الديمقراطية" في هذا العام تقدمها بمحاذاة الفرات، فيما سيطرت القوات العراقية على باقي المنطقة الحدودية. وتعهدت الولايات المتحدة بسحب قواتها.
وخلال الشهر الحالي، أعلنت "قوات سورية الديمقراطية" وحليفتها واشنطن هزيمة مسلحي التنظيم المتشدد، في آخر جيب على نهر الفرات في قرية الباغوز، وزوال "دولة الخلافة" المزعومة، باستثناء بقاء بعض الخلايا النائمة التي يصعب القضاء عليها كلياً.