"ما يخلولناش حالنا (لا يتركوننا وشأننا). كل يوم، أسمع كلاماً وسخاً وبعضهم يمدّون أيديهم علينا في الشارع". تشكو فاطمة (27 عاماً) من الإساءات التي تتعرّض لها في أثناء تنظيف أحد أحياء شمالي صنعاء، وهي تنظر إلى كومة من النفايات وتمسك مكنستها وكيساً مخصصاً لجمع العلب البلاستيكية.
وتتعرّض النساء العاملات في مجال النظافة، وهنّ من فئة المهمّشين أصحاب البشرة السوداء أو الأخدام، للتحرّش وأشكال مختلفة من المضايقات بسبب عملهنّ في هذا المجال أو اضطرار بعضهنّ إلى التسول. وتخبر فاطمة "العربي الجديد" أنّها "في صباح كلّ يوم، أخرج للعمل وأعرف أنّني سوف أضطر إلى مواجهة من يضايقني. تعوّدت على ذلك". وتشير إلى أنّها تواجه من يتعرّض لها "بصلابة، عن طريق الصراخ وسبّ كلّ من يحاول الاقتراب منّي، بخلاف بعض زميلاتي اللواتي يخفنَ من أيّ رد فعل قد يضرّ بهنّ". تضيف فاطمة: "لأنّنا من فئة المهمشين، يعتقد بعضهم أنّ لا قبيلة ولا أهل لنا ولا عار يلحق بنا في حال تعرّض لنا أحد كما هي الحال في بقية القبائل. لكنّ هذا الأمر غير مقبول لدينا ونحن نواجهه بقوة". لكنّها تلفت إلى "عدم وجود سلطة تحفظ لنا حقوقنا إذا تعرّضنا لمثل هذه الاعتداءات. وهذا ما يساعد على استمرار الإساءة".
اقــرأ أيضاً
من جهتها، تقضي أماني (20 عاماً) معظم وقتها في الشوارع وتسكن في خيمة متواضعة على جسر السائلة في منطقة الحصبة وسط صنعاء، وهي منطقة مخصصة للأسر المهمشة. تقول لـ"العربي الجديد": "لم أسلم من التحرّش من قبل المارة أو أصحاب السيارات، سواء بالكلام أو بمحاولة اللمس. وأنا أتلقى عروضاً من قبل أصحاب السيارات لمرافقتهم في سياراتهم في مقابل مبلغ مالي أو وجبة غداء". ولا تخفي أماني أنّها تضطر إلى التسوّل في أيام كثيرة، إذ إنّ "الراتب الذي أحصل عليه لا يكفي لتلبية احتياجات أسرتي. وهو الأمر الذي يجعل كثيرين يتحرّشون بي".
ولا تقتصر المعاناة على عاملات النظافة في الشوارع، بل تطاول كذلك عاملات النظافة في الشركات الخاصة اللواتي يتعرّضنَ كذلك للتحرّش ولانتهاك حقوقهنّ من قبل المشرفين عليهنّ في أماكن عملهنّ. لطيفة على سبيل المثال، تعمل مساء في أحد المرافق الخاصة إلى جانب عملها الصباحي في الشارع، وتشكو من أنّها تتعرض لمضايقات وتحرّش من قبل العاملين في المرفق ومن المواطنين الذين يقصدونه. تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "حقوقنا تنتهك من قبل المشرفين علينا، وكثيرات يتعرّضنَ إلى الفصل من العمل لأسباب تافهة، لا سيّما المتزوجات والمرضعات منهنّ، من دون مراعاة الجانب الإنساني". تضيف لطيفة: "ولأنّ بشرتنا سوداء، يتعاملون معنا كعبيد بلا قيمة. وعندما يسيئون إلينا لا يخشون من العقاب لأنّ لا أحد يحاسبهم".
ليس التحرّش فقط ما تواجهه المهمّشات في اليمن، فثمّة شركات خاصة متخصصة في أعمال النظافة في صنعاء تتلاعب بأجورهنّ وتجبر بعضهنّ على التنازل عن حقوقهنّ المالية، من قبيل مستحقاتهنّ في نهاية الخدمة أو أجزاء من رواتبهنّ، أو تفصلهنّ تعسفياً من أعمالهنّ. وهو ما تؤكده زهرة، وهي عاملة نظافة في إحدى الشركات الخاصة في صنعاء. تقول لـ"العربي الجديد": "نحن لقمة سائغة لدى أصحاب الشركات الذين لا يهمهم سوى جمع المال من خلال الجهد الذي نبذله. الشركة تتعاقد مع مستشفيات وشركات وبنوك وترسلنا للعمل في تلك المرافق مقابل أجور ضئيلة، في حين تنصّ عقودها على مبالغ كبيرة. كذلك لا نحصل على أيّ حقوق أخرى أو تأمين صحي".
وتشير زهرة إلى أنّها كبقية زميلاتها "محرومة من حقي في الإجازات، سواء السنوية منها أو المرضية أو الرسمية، التي تكون مدفوعة الأجر مثل أيّ عاملة في قطاع حكومي أو خاص. ونحن لا نحصل إلا على الإجازة الأسبوعية، فضلاً عن تعرّضنا للتحرّش والابتزاز من قبل المعنيين، في مقابل غضّ النظر في حال قصّرنا في عملنا".
اقــرأ أيضاً
في السياق، تقول الاختصاصية الاجتماعية هيفاء محمد لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه التعديات ما كانت لتستمر لولا أنّ الأجهزة الأمنية والرقابة المجتمعية غائبة ولا تؤدّي دورها. ففي الوضع الطبيعي، يساق من يتحرّش بامرأة إلى السجن لتأديبه، أو يصار إلى إيجاد من يردعه من أفراد المجتمع. لكنّ هذا لا يحدث". تضيف أنّ "ثمّة يمنيين يتعاملون مع فئة المهمّشين أصحاب البشرة السوداء بعنصرية واضحة. وعلى الرغم من أنّ التحرّش ظاهرة تعاني منها اليمنيات عموماً، وإن بنسب متفاوتة، فإنّ التحرّش الذي يطاول عاملات النظافة يأتي بنسبة أكبر، لأنّ كثيرين ممن يمارسون تلك الأفعال الشنيعة يدركون أنّهم لن يتعرّضوا للعقاب ويستغلون ظروف هؤلاء النسوة المعيشية". وتوضح محمد أنّ "الحرب ساهمت بصورة كبيرة في نشر العنصرية على مستوى واسع، بما في ذلك العنصرية تجاه المهمّشين، وهو ما ساهم في انتشار الانتهاكات ضد النساء في هذه الشريحة المجتمعية".
تجدر الإشارة إلى أنّ عدد المهمّشين في اليمن يقدّر بنحو 3.3 ملايين شخص، أي 11 في المائة من إجمالي سكان البلاد، بحسب بيانات اتحاد المهمشين اليمنيين. ويعيش هؤلاء في مدن عشوائية معزولة في أغلب المحافظات اليمنية، ويعمل معظمهم في قطاع النظافة وفي مهن هامشية أخرى.
وتتعرّض النساء العاملات في مجال النظافة، وهنّ من فئة المهمّشين أصحاب البشرة السوداء أو الأخدام، للتحرّش وأشكال مختلفة من المضايقات بسبب عملهنّ في هذا المجال أو اضطرار بعضهنّ إلى التسول. وتخبر فاطمة "العربي الجديد" أنّها "في صباح كلّ يوم، أخرج للعمل وأعرف أنّني سوف أضطر إلى مواجهة من يضايقني. تعوّدت على ذلك". وتشير إلى أنّها تواجه من يتعرّض لها "بصلابة، عن طريق الصراخ وسبّ كلّ من يحاول الاقتراب منّي، بخلاف بعض زميلاتي اللواتي يخفنَ من أيّ رد فعل قد يضرّ بهنّ". تضيف فاطمة: "لأنّنا من فئة المهمشين، يعتقد بعضهم أنّ لا قبيلة ولا أهل لنا ولا عار يلحق بنا في حال تعرّض لنا أحد كما هي الحال في بقية القبائل. لكنّ هذا الأمر غير مقبول لدينا ونحن نواجهه بقوة". لكنّها تلفت إلى "عدم وجود سلطة تحفظ لنا حقوقنا إذا تعرّضنا لمثل هذه الاعتداءات. وهذا ما يساعد على استمرار الإساءة".
من جهتها، تقضي أماني (20 عاماً) معظم وقتها في الشوارع وتسكن في خيمة متواضعة على جسر السائلة في منطقة الحصبة وسط صنعاء، وهي منطقة مخصصة للأسر المهمشة. تقول لـ"العربي الجديد": "لم أسلم من التحرّش من قبل المارة أو أصحاب السيارات، سواء بالكلام أو بمحاولة اللمس. وأنا أتلقى عروضاً من قبل أصحاب السيارات لمرافقتهم في سياراتهم في مقابل مبلغ مالي أو وجبة غداء". ولا تخفي أماني أنّها تضطر إلى التسوّل في أيام كثيرة، إذ إنّ "الراتب الذي أحصل عليه لا يكفي لتلبية احتياجات أسرتي. وهو الأمر الذي يجعل كثيرين يتحرّشون بي".
ولا تقتصر المعاناة على عاملات النظافة في الشوارع، بل تطاول كذلك عاملات النظافة في الشركات الخاصة اللواتي يتعرّضنَ كذلك للتحرّش ولانتهاك حقوقهنّ من قبل المشرفين عليهنّ في أماكن عملهنّ. لطيفة على سبيل المثال، تعمل مساء في أحد المرافق الخاصة إلى جانب عملها الصباحي في الشارع، وتشكو من أنّها تتعرض لمضايقات وتحرّش من قبل العاملين في المرفق ومن المواطنين الذين يقصدونه. تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "حقوقنا تنتهك من قبل المشرفين علينا، وكثيرات يتعرّضنَ إلى الفصل من العمل لأسباب تافهة، لا سيّما المتزوجات والمرضعات منهنّ، من دون مراعاة الجانب الإنساني". تضيف لطيفة: "ولأنّ بشرتنا سوداء، يتعاملون معنا كعبيد بلا قيمة. وعندما يسيئون إلينا لا يخشون من العقاب لأنّ لا أحد يحاسبهم".
ليس التحرّش فقط ما تواجهه المهمّشات في اليمن، فثمّة شركات خاصة متخصصة في أعمال النظافة في صنعاء تتلاعب بأجورهنّ وتجبر بعضهنّ على التنازل عن حقوقهنّ المالية، من قبيل مستحقاتهنّ في نهاية الخدمة أو أجزاء من رواتبهنّ، أو تفصلهنّ تعسفياً من أعمالهنّ. وهو ما تؤكده زهرة، وهي عاملة نظافة في إحدى الشركات الخاصة في صنعاء. تقول لـ"العربي الجديد": "نحن لقمة سائغة لدى أصحاب الشركات الذين لا يهمهم سوى جمع المال من خلال الجهد الذي نبذله. الشركة تتعاقد مع مستشفيات وشركات وبنوك وترسلنا للعمل في تلك المرافق مقابل أجور ضئيلة، في حين تنصّ عقودها على مبالغ كبيرة. كذلك لا نحصل على أيّ حقوق أخرى أو تأمين صحي".
وتشير زهرة إلى أنّها كبقية زميلاتها "محرومة من حقي في الإجازات، سواء السنوية منها أو المرضية أو الرسمية، التي تكون مدفوعة الأجر مثل أيّ عاملة في قطاع حكومي أو خاص. ونحن لا نحصل إلا على الإجازة الأسبوعية، فضلاً عن تعرّضنا للتحرّش والابتزاز من قبل المعنيين، في مقابل غضّ النظر في حال قصّرنا في عملنا".
في السياق، تقول الاختصاصية الاجتماعية هيفاء محمد لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه التعديات ما كانت لتستمر لولا أنّ الأجهزة الأمنية والرقابة المجتمعية غائبة ولا تؤدّي دورها. ففي الوضع الطبيعي، يساق من يتحرّش بامرأة إلى السجن لتأديبه، أو يصار إلى إيجاد من يردعه من أفراد المجتمع. لكنّ هذا لا يحدث". تضيف أنّ "ثمّة يمنيين يتعاملون مع فئة المهمّشين أصحاب البشرة السوداء بعنصرية واضحة. وعلى الرغم من أنّ التحرّش ظاهرة تعاني منها اليمنيات عموماً، وإن بنسب متفاوتة، فإنّ التحرّش الذي يطاول عاملات النظافة يأتي بنسبة أكبر، لأنّ كثيرين ممن يمارسون تلك الأفعال الشنيعة يدركون أنّهم لن يتعرّضوا للعقاب ويستغلون ظروف هؤلاء النسوة المعيشية". وتوضح محمد أنّ "الحرب ساهمت بصورة كبيرة في نشر العنصرية على مستوى واسع، بما في ذلك العنصرية تجاه المهمّشين، وهو ما ساهم في انتشار الانتهاكات ضد النساء في هذه الشريحة المجتمعية".
تجدر الإشارة إلى أنّ عدد المهمّشين في اليمن يقدّر بنحو 3.3 ملايين شخص، أي 11 في المائة من إجمالي سكان البلاد، بحسب بيانات اتحاد المهمشين اليمنيين. ويعيش هؤلاء في مدن عشوائية معزولة في أغلب المحافظات اليمنية، ويعمل معظمهم في قطاع النظافة وفي مهن هامشية أخرى.