تشهد الكويت حراكاً حقوقياً نسائياً لإنهاء زواج القاصرات والمطالبة بتغيير قانون الأحوال الشخصية الذي حدد توثيق سن الزواج القانوني بالنسبة للفتاة (بخمسة عشر عاماً)، ما يعد أمراً غير قانوني وغير أخلاقي، كما تقول الناشطات الحقوقيات النسويات. وتنص المادة 26 من قانون 51 لعام 1984 (قانون الأحوال الشخصية) على "منع توثيق عقد الزواج أو المصادقة عليه، ما لم تتم الفتاة الخامسة عشرة ويتم الفتى السابعة عشرة وقت التوثيق". أمر يراه قانونيون مخالفاً للمادة الأولى من قانون الطفل في الكويت، الذي تم تمريره في عام 2015، وينص على أن "الطفل هو كل من لم يتجاوز عمره 18 عاماً".
ويصطدم قانون الأحوال الشخصية أيضاً مع اتفاقية حماية الطفل التي وقعتها الكويت عام 1991، وتنص على حماية الأطفال ومنع تزويجهم تحت السن القانونية. في هذا السياق، تقول المحامية دلال العلي لـ "العربي الجديد": "هناك مشكلة كبيرة في ما يتعلق بموضوع زواج القاصرات، لأن القانون يسمح به وبشكل رسمي، وهناك من يطبقه في الكويت من دون أدنى اعتبار لسن الفتاة الصغيرة، وأخذ موافقتها بحسب ما ينص قانون الأحوال الشخصية الكويتي".
وترى العلي أنّ الحلّ يكمن في تمرير تعديلات في مجلس الأمة على قانون الأحوال الشخصية ترفع السن القانوني للزواج من 15 عاماً إلى سنّ تجاوز مرحلة الطفولة بحسب القانون الكويتي وهو 18 عاماً. كما طالبت بتعديلات أخرى في قانون الأحوال الشخصية، منها سن قوانين ضد الاغتصاب الزوجي، وتعريف العنف المنزلي بشكل أوضح وإنهاء قوامة الرجل على المرأة. وفي حال زواج القاصر في الكويت، فإنّ قوانين وزارة التربية تلزمها الخروج من المدرسة "كي لا تؤثر على التلميذات"، وتُنقل إلى التعليم المسائي الذي تدرس فيه النساء الكبار في السن اللواتي يطمحن لتعلم القراءة والكتابة، ما يؤثر على تحصيل الطفلة العلمي، بحسب الناشطة بتول العنزي.
وينتشر زواج القاصرات في المجتمعات الريفية أو البدوية بحسب العنزي. ولدى ولادة الطفلة، تحدّد هوية زوجها الذي غالباً ما يكون قريباً لها أو ابن عمها، ما يعني أن خياراتها في اختيار الزوج معدومة بسبب ضغط الأهل النفسي والقانون، من دون أن تتخذ الحكومة أية إجراءات لكبح هذه الزيجات أو إيقافها ما يشكل انتهاكاً لقوانين الطفولة والاتفاقيات التي وقعتها الكويت المتعلقة بالطفل والمرأة، منها اتفاقية "سيداو" التي وقعتها عام 1994.
الحلّ يكمن في تمرير تعديلات بمجلس الأمة على قانون الأحوال الشخصية
وأعربت لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة عن أسفها للجهود المحدودة التي بذلتها الكويت للقضاء على زواج الأطفال، لكن الكويت التزمت أمام اللجنة بمراجعة القوانين في عام 2015.
ولا توجد إحصائيات رسمية لعدد القاصرات المتزوجات في الكويت. إلا أن مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث، وهو مركز دراسات كويتي، قال في دراسة له إن نسبة زواج القاصرات في الكويت هي 6 في المائة في عام 2019 في مقابل 40 في المائة في عام 1970.
ويعزو عميد كلية العلوم الاجتماعية السابق حمود القشعان في دراسة له انخفاض نسبة زواج القاصرات إلى ارتفاع نسبة التعليم في المجتمع ورغبة المرأة في الحصول على شهادة ووظيفة قبل الزواج، وهو أمر طبيعي في المجتمعات المتعلمة، كما هو الحال مع المجتمع الكويتي الذي يسجّل انخفاضاً كبيراً في نسبة الأمية. كما يعزو القشعان وجود زواج القاصرات اليوم إلى رغبة الأهالي من الاستفادة من المميزات المالية التي توفرها الدولة للمتزوجين، رافضاً تسميتها بالظاهرة ومؤكداً على أنها مشكلة تستوجب الحل.
وتمنح الحكومة الكويتية المتزوّج حق الحصول على قطعة أرض وقرض سكني، وتتولى دفع مهر الزواج له على شكل قرض حسن، إضافة إلى زيادة راتبه من خلال "علاوة الزوجية". ويتولى الكثير من الكويتيين تزويج أبنائهم وبناتهم من الأقارب على الورق بهدف الحصول على الميزات المالية. ولا يتم عقد الزواج الحقيقي إلا بعد تخرج الفتاة من الجامعة وحصولها على وظيفة، وكذلك بالنسبة للشاب. ولا تملك الفتاة الحق في اختيار زوجها بحسب قانون الأحوال الشخصية الكويتي، إذ يمكن لولي أمرها تزويجها من دون إذن منها، وهو ما يحدث غالباً في زواج أبناء العم، ما يعني الحاجة إلى وجود قوانين تنظم الزواج والاغتصاب الزوجي.
وتقول المحامية دلال العلي إن الخطورة لا تتعلق بزواج القاصرات ممن هن في عمر الـ 15 عاماً، بل من هن أصغر سناً. وسجلت المحاكم الكويتية قضايا تتعلق بقيام بعض الأشخاص بتزويج بناتهم دون السن القانونية الكويتية لبعض الأشخاص بحجة "العادات والتقاليد والدين".
وإذ تشير العلي إلى عدم تفشي هذه الظاهرة، تقول إن الإجراءات والقوانين في الكويت ليست حاسمة تجاه هذا الزواج، وتتساهل مع ولي الأمر بحجة أنه يعرف مصلحة ابنته أكثر منها. كما أن بعض ولاة الأمور يستغلون المادة 24 في قانون الأحوال الشخصية الكويتي، والذي ينص على أن شروط الزواج هي البلوغ والأهلية، فتُزوج الابنة بعقد غير رسمي. وعند بلوغها سن الـ 15 عاماً، يوثق العقد في المحكمة من دون أن يُحاسب على تزويجها وهي صغيرة.