تحركات الموصل: مأزق العبادي يتّسع... وتهديد المستثمرين الأتراك

07 ديسمبر 2015
العبادي في موقف لا يُحسد عليه(ستيفان دو ساكوتين/فرانس برس)
+ الخط -
تتزايد الضغوط السياسية الداخلية والخارجية على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الساعي إلى البقاء في "منطقة رمادية" بين الطموحات الإيرانية في بلاده، ومتطلبات التحالف الدولي وبلدان الخليج وتركيا التي باشرت تحركات على الحدود العراقية تستهدف محاربة "داعش" ودعم من يحاربه في محافظة نينوى، واستباق أي تمدد لحزب العمال الكردستاني على حدودها من تلك المنطقة، وثالثاً مساندة، ولو معنوياً، حلفاءها العراقيين الأكراد في أزمتهم مع مليشيات الحشد الشعبي الحليفة لطهران.

ووفقاً لقيادي بارز في "التحالف الوطني"، فإن اجتماعاً ضمّ 13 قيادياً من التحالف وعدداً من قادة المليشيات، عُقد، أمس الأحد، طالبوا العبادي من خلاله، بتفسير حول تصريحات رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، أوّل من أمس السبت، والتي قال فيها، إنّ "دخول القوات التركية تم بالتنسيق مع وزارة الدفاع العراقية"، وإنّها "جاءت لتقديم الدعم للقوات التي تحارب إرهابيي داعش".

ويضيف القيادي التابع لكتلة "الأحرار"، أنّ "العبادي بموقف لا يحسد عليه"، مرجّحاً استقالته "أو قد يُقال بسبب هذا الأمر". ويشير القيادي إلى أنّه "على الرغم من نفي العبادي مطالبته بتدخل تركي لدعم مقاتلين محليين أو أكراد أو حماية الشريط الحدودي الشمالي الرابط بين البلدين، يتهمه عدد من قيادات التحالف باللفّ والدوران وعدم الصراحة معهم".

ويضيف القيادي ذاته، أنّ قيادات في "التحالف" من الجناح الموالي لإيران، وأبرزهم زعيم مليشيا "بدر"، هادي العامري، وزعيم مليشيا "عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، ونائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي وموفق الربيعي، طالبوا العبادي خلال الاجتماع بتدخل روسي مباشر على غرار ما يحدث في سورية، رداً على التحرك العسكري التركي والحراك السياسي السعودي الخليجي، إلّا أنّ العبادي رفض ذلك، وأكّد أنّ "النار ستصل إلى بغداد، وهناك أمور لا يمكنكم فهمها حتى الآن".

وأعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أنّ قواته موجودة في البلاد بطلب من محافظ نينوى السابق (أثيل النجيفي)، وبتنسيق كامل مع وزارة الدفاع العراقية في بغداد، مبيّناً أنّ "معسكر بعشيقة الذي يبعد 30 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من الموصل مركز نينوى ويضم مدربين تركيين، أُقيم منذ نحو عام بناء على طلب من النجيفي وبالتنسيق مع وزارة الدفاع في بغداد". وأضاف: "أقيم هذا المعسكر ليكون معسكر تدريب لقوة من المتطوعين المحليين في مكافحة الإرهاب"، مشيراً إلى أنّه "تم تدريب أكثر من ألفَي عنصر فيه للمساهمة في تحرير الموصل من تنظيم داعش الإرهابي".

في غضون ذلك، جدّد رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم ووزراء عراقيون، أمس الأحد، دعوتهم إلى سحب القوات التركية من العراق في الوقت الذي أعلنت فيه قيادات سنيّة وكردية ترحيبهما بأي جهود دولية وإقليمية لمساعدة العراق أمنياً. واستدعت وزارة الخارجية العراقية، أوّل من أمس السبت، السفير التركي في بغداد، فاروق قايماقجي لتسليمه مذكرة احتجاج بشأن دخول قوات تركية إلى العراق.

اقرأ أيضاً: 3 أهداف للتحرّك التركي في شمال العراق

واتهم نواب في "التحالف الوطني" العبادي بالازدواجية وممارسة اللعب على حبلَين (التحالف وإيران). ويقول عضو "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي في مدينة بابل، جعفر الحسيني لـ"العربي الجديد"، إن "رئيس الوزراء يكذب على الجميع ويكشف لنا غير ما يسير به من اتفاقيات مع الأميركيين وحلفائهم"، معتبراً أنّ بيان العبادي حول التدخل التركي، "كلام فارغ وذرّ رماد في العيون". ويضيف الحسيني أنّ "العبادي يفضّل التحالف الدولي والاقتراب من الخليج وتركيا، لكنّه لا يفصح عن ذلك خوفاً من تداعيات نيّته، ونرى أنه غير صالح للمرحلة الحالية لقيادة العراق"، مبيّناً أنّ "التحالف مع إيران وروسيا لا يعني تخندقاً طائفياً بقدر ما هو حماية لمصالح جمهورنا".

في المقابل، يعيد النائب عن "تحالف القوى العراقية"، مطشر السامرائي، "دخول القوات البرية التركية إلى الأراضي العراقية، إلى تقصير الحكومة المركزية"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أنّ "الجميع يعلم أنّ الجيش العراقي تشكّل بطريقة خاطئة وعلى أساس طائفي، ما أدى إلى إضعافه والحكومة معاً وعدم السيطرة على أراضي البلاد". ويقول السامرائي إنّ "الأتراك يريدون مصلحة العراقيين وليس الإضرار بهم، ودخول القوات التركية إلى سهل نينوى، أمر طبيعي ويساعد القوات العراقية على تحرير مدينة الموصل التي لا تزال تحت سيطرة داعش".

من جانبه، يرحّب النائب العراقي، عادل المحلاوي بـ"الجهود الدولية التي تقف مع العراق في حربه ضد عصابات داعش الإرهابية"، مستغرباً رفض الوجود التركي والترحيب بالروسي والإيراني اللذين يساعدان فصائل الحشد الشعبي، ما يثير الريبة والدهشة لدينا من مغزى ذلك".

ويضيف المحلاوي لـ"العربي الجديد"، أنّ "أبناء المحافظات المنكوبة عانوا الأمرَّين على يد عصابات داعش من قتل وتهجير الملايين وتدمير للبنى التحتية لتلك المحافظات، لذلك نحن نرحب بالجهود الدولية والعربية والإقليمية الساعية لمساعدة العراق للقضاء على داعش من خلال إرسال مستشارين يزوّدون القوات الأمنية والعشائر العراقية، وخصوصاً في محافظة الأنبار، بالخبرات والتدريب لما تمتلكه تلك القوات من كفاءة عالية في مواجهة الاٍرهاب".

وتحسباً لردود فعل مليشيات "الحشد الشعبي"، تجاه الشركات ورجال الأعمال الأتراك في بغداد ومناطق أخرى، شدّدت الشرطة حمايتها في مناطق وجودهم، فيما سجّلت مغادرة عدد منهم بعد منشورات وزّعتها عناصر حزب الله و"العصائب"، أخيراً، قالت فيها، إنّها سترد على التدخل التركي في حال لم تنسحب من العراق. وتؤكد مصادر أمنية عراقية لـ"العربي الجديد"، أنّ مقرات الشركات التركية أُحيطت بإجراءات أمنية واسعة، أمس الأحد، وغادر عدد من المستثمرين البلاد تحسُّباً لعمليات إرهابية تطاولهم بعد تهديد المليشيات.

اقرأ أيضاً العراق: التلويح بطلب تدخل روسيا رداً على القوات التركيّة