أثارت توقعات صندوق النقد الدولي بتضاعف نسبة الدين الخارجي متخطيا 20.8% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر خلال العام المالي السابق، مقابل 10.1% في توقعات سابقة للصندوق، قلقا داخل الأوساط الاقتصادية يلوّح بأزمة مالية لم تكن في الحسبان.
وأكد محللو اقتصاد لـ"العربي الجديد"، أن تفاقم الديون يورّط مصر في التزامات مالية قد تؤثر سلباً على العديد من القطاعات الاقتصادية والخدمات المقدمة للمواطن.
وقفز الدين الخارجي لمصر، حسب بيانات البنك المركزي المصري، إلى نحو 73.9 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام الجاري، مقابل 67.3 مليار دولار في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2016، بزيادة 6.6 مليارات دولار.
وقال الخبير الاقتصادى وائل النحاس، لـ"العربي الجديد"، إن الوضع في مصر كارثي، والمجموعة التي تدير الاقتصاد لا تصلح في تلك الفترة الصعبة، محذّراً من تفاقم الدين الخارجي بشكل أكبر الفترة المقبلة، ما يهدّد بدخول مصر إلى النفق الذي دخلته اليونان وعدد من الدول الأخرى.
وأضاف أن صندوق النقد الدولي وللمرة الثانية يعلن فشله في توقع نسبة الدين العام بالتقرير الذي نشره منذ يومين، مثلما حدث مع سعر الصرف.
وقال إن الجنيه تراجعت قيمته أكثر مما توقع خبراء الصندوق، وهو ما يكشف صعوبة الموقف.
وكانت مصر أعلنت تعويم الجنيه في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ما رفع سعره من 8.88 جنيهات آنذاك إلى نحو 17.6 جنيهاً حالياً.
وتضاربت توقعات الصندوق بشأن الدين العام (المحلي والخارجي)، إذ توقع في وقت سابق تراجعه إلى 85% بنهاية برنامج الاقتراض من الصندوق خلال 3 سنوات مقابل أكثر من 100% حاليا، مثلما أخطأ في توقعاته بشأن سعر صرف الجنيه وتبعات قرار التعويم.
ومن جانبه، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، فرج عبد الفتاح، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة يجب أن تعمل على وضع خطة للاستفادة من السندات الجديدة المطروحة والقروض بحيث لا تستهدف عجز الموازنة فقط بل تتم إدارتها بما يخلق موارد تسهم في سداد الديون وتقليل عبئها المستقبلي.
وحذر عبد الفتاح من استمرار سياسة الحكومة في التوسع في الاقتراض بشقية المحلي والخارجي، معتبرا ذلك حرمانا للأجيال القادمة من التمتع بثروات البلاد، لما يمثله الاقتراض وسداد الديون من تآكل في بنية الاقتصاد.
ورغم القلق بالأوساط الاقتصادية، إلا أن الحكومة لا ترى حرجاً في زيادة معدل الاقتراض الخارجي عبر سندات جديدة في طريقها للطرح وقروض سيتم الحصول عليها تباعا خلال الأشهر القليلة المقبلة للوفاء بالتزامات تصل إلى 11 مليار دولار، خلال العام المالي الجاري، حسب محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر.
وقال مسؤول بارز في الحكومة المصرية، لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع معدلات الدين الخارجي لا يشكل قلقا على الاقتصاد المصري، مشيرا إلى أنه ما زال في حدود الأمان الدولية في ما يخص الديون، حيث يسجل حاليا 17% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، حسب الإحصائيات الرسمية.
وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن نسب الخطر العالمية للدين الخارجى 30% من الناتج المحلي، متوقعا أن تنخفض قيمة الدين الخارجي مع سداد أقساط الديون والسندات المستحقة خلال العام الجاري. وتابع أن كلفة الاقتراض الخارجي أقل بكثير من الاقتراض المحلي.
ومن جانبه، أكد مسؤول بالبنك المركزي المصري لـ"العربي الجديد"، أن العام الحالي يشهد ارتفاعا في الالتزامات المالية سواء أكانت قروضا أو سندات أو ديونا قصيرة الأجل ستحل محلها القروض الجديدة، الأمر الذي يقلل من أعباء الدين الخارجي. وقال إن التوقعات تشير لتراجع نسبة الدين العام للناتج المحلي إلى 97% من الناتج المحلي بسبب سداد عدد من المديونيات.
وقال محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، يوم الاثنين الماضي، إن بلاده ستسدد 5.2 مليارات دولار لبنك التصدير والاستيراد الأفريقي قبل نهاية ديسمبر/ كانون الأول المقبل.