حذرت منظمات إغاثة ومراكز دراسات يمنية من نفاد المواد الغذائية في اليمن خلال شهر، مع استمرار المواجهات المسلّحة وتوسعها إلى مناطق جديدة، على عكس تأكيدات رسمية تشير إلى أن المخزون يكفي لمدة 3 أشهر.
وأدت الاضطرابات الأمنية وتعطل العديد من الموانئ إلى تراجع الكميات المستوردة من السلع الضرورية، وبالتالي تراجع الاحتياطي منها ليكفي حتى نهاية شهر يوليو/تموز الجاري، حسب خبراء.
وأعلن "مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني، "أن اليمن يحتاج بصورة عاجلة إلى 256 ألف طن من المساعدات لتغطية احتياج شهر واحد فقط من المواد الغذائية الأساسية (أرز – سكر – قمح – زيت طبخ – حليب مجفف) .
وأشار المركز في دراسة مسحية أجراها مؤخراً بعنوان "مصفوفة للحاجات الأساسية العاجلة"، إلى أن عدد المحتاجين إلى مساعدات عاجلة وكافية 2.8 مليون أسرة، ما يمثّل 75% من إجمالي عدد السكان الذي يقدّر بـ25 مليون شخص.
تعز الأكثر تضرراً
وأظهرت الدراسة، التي حصل "العربي الجديد" على نسخة منها، أن محافظة تعز كانت الأكثر حاجة نظراً إلى ارتفاع عدد سكانها. ولفتت إلى أن المساعدات التي وصلت فعلاً إلى المواطنين، هي من مبادرات محلية كان للقطاع الخاص الدور الأكبر فيها، في حين قدّرت أن 50% من إجمالي المساعدات الخارجية التي توزّعت بين المخازن، استهدفت وأحرقت، أو تم بيعها في السوق السوداء.
وشدّدت على ضرورة "تغيير استراتيجية" توصيل المساعدات قبل البحث في إرسال مساعدات جديدة، لا سيّما أن النموذج السابق أثبت فشله، إذ تعمّد الكثير من المنظّمات الدولية رفع تقارير قد لا تكون مبنية على الواقع المعاش، وتقديم مساعدات أشبه بوجبات يومية لا تعني شيئاً للأسر المنكوبة، وتسويقها على عكس ذلك تماماً.
وأشارت الدراسة إلى أن تسريح نحو 60% من عمال القطاع الخاص فاقم الأزمة الاقتصادية في اليمن، وذكرت أن السلطة المحلية في مدينة تعز تقول إنه لم يصل أي من المساعدات الإنسانية إلى المدينة.
احتياطيات غير كافية
وفي هذا الإطار يحذر الخبير الاقتصادي عبد المجيد البطلي، في تصريحات لـ"العربي الجديد" من نفاد مخزون الطعام بمختلف المحافظات المشتعلة، مضيفاً أن أسعار القمح تضاعفت ست مرات منذ اندلاع الحرب، وتوجيه تحالف بقيادة السعودية ضربات لمليشيات الحوثيين.
وقال البطلي "اليمن لم تتخذ أية احتياطات لمواجهة الأزمات والحروب ولم تضع أي خطط للحفاظ على مخزون استراتيجي من السلع الأساسية والمواد الغذائية لمواجهة الظروف الطارئه او انقطاع الواردات، وظل اعتماد الاسواق المحلية على التدفق المباشر لكافة السلع والمواد الغذائية والبضائع المختلفة دون وجود احتياطيات كافية".
وأوضح أن الحرب أدت إلى نقص حاد في المحاصيل والمنتجات الزراعية المحلية، واليمن يعتمد على الاستيراد بنسبة 90% من المواد الغذائية لتغطية الاستهلاك المحلي وتوفير احتياجات المواطنين المختلفة، ومع حالة الهلع التي أصابت المواطنين والتوجه الى تخزين المواد الغذائية، من الطبيعي أن مخزون الغذاء لا يكفي ".
اقرأ أيضاً: اليمن: الحرب تنتج فقراء جدداً
ويشير البطلي، الى أنه على مستوى الأسر اليمنية، فإن مخزونها من الطعام تأثر بالحرب، وأغلبية اليمنيين لا تملك احتياطياً من المخزون الغذائي، ومع استمرار الحرب واختفاء السلع والحظر البحري ستصبح غالبية الأسر اليمنية بدون طعام.
ويؤكد الخبير الاقتصادي أحمد شماخ لـ"العربي الجديد"، أنه لا يوجد مخزون غذائي حكومي كاف، مشيراً إلى أن معظم المخزون الموجود يعود للقطاع الخاص الذي تأثر بالحظر البحري.
الحظر البحري
وأدى الحظر البحري إلى تعطّل استيراد المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية، حسب نائب رئيس الغرفة التجارية في صنعاء، محمد صلاح، الذي أكد لـ"العربي الجديد" أن هناك أكثر من 970 حاوية لا تزال عالقة في موانئ جيبوتي وجدة وصلالة منذ شهور. وأكد وجود شحّ في مادة الدقيق (الطحين) وبعض متطلّبات شهر رمضان.
وقال صلاح، إن شركات الشحن البحري استغلّت الحظر برفع تكاليف الرسوم والشحن "بطريقة انتهازية وغير قانونية".
وأشار صلاح إلى أن إطالة أمد الصراع وانعدام السلع الأساسية، يجعل المواطن يقدم على شراء مواد غذائية ومتطلّبات فوق حاجته بهدف تخزينها، ما يتسبب في ارتباك الأسواق، واختفاء بعض المواد الاستهلاكية.
ويؤكد أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز محمد قحطان، أن مخزون الغذاء يكفي حتى نهاية يوليو/تموز بالكاد، وأنه إذا طالت الحرب شهراً أو شهرين، فإن هذا المخزون من المواد الغذائية سوف ينفد.
وقال قحطان لـ"العربي الجديد"، "إن المصادر الرسمية تؤكد أن هناك ما يكفي من مواد غذائية نحو ثلاثة أشهر، وهذا غير دقيق. ففي تقديري أنها لا تكفي سوى لمدة شهر".
وأعلنت وزارة الصناعة اليمنية، مع بدء الحرب في مارس/آذار الماضي، أن مخزون البلاد من المواد الغذائية الأساسية، يكفي لتلبية احتياجات 6 أشهر في جميع المحافظات، وذكرت الوزارة آنذاك أن إجمالي مخزون القمح بلغ 930 ألفا و100 طن.
وقال وكيل وزارة الصناعة والتجارة اليمني، عبدالله نعمان، في تصريحات سابقة، إن 660 ألفا و275 طنا من القمح دخلت البلاد في الفترة من يناير/كانون الثاني، حتى 25 مارس/آذار من العام الجاري.
وكان مدير الهيئة الطبية الدولية في اليمن، جوناثان كانلايف، أكد أن مخزونات الطعام نفدت. في عدن ولم يتبق شيء فعليا. أسعار القمح زادت أربع مرات في البلاد كلها. وانه لا توجد قوة شرائية.
وقال كانلايف "الخط الفاصل هو أن كل وكالات الإغاثة في العالم حتى لو عملت بأقصى طاقة لها لا يمكنها أن تحل بشكل كامل محل القطاع التجاري داخل اليمن. لا نستطيع أن نفعل.
وقالت الأمم المتحدة إن الوضع الغذائي في اليمن بلغ مستويات تقترب من المجاعة في كثير من المحافظات.
وحذر المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة "استيفان دوغريك"، في تصريحات سابقة من التداعيات الصحية والإنسانية والاجتماعية الخطيرة جراء استمرار الأزمة الحالية في اليمن.
وقال إن بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أظهرت أنه منذ تصعيد النزاع، ازداد متوسط السعر الوطني لغاز الطهي بنسبة 153 %، والديزل بنسبة 478%، والبنزين بنسبة 389%، وكان لذلك أثر كبير على انعدام الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات الأساسية بما في ذلك المياه، والصرف الصحي والرعاية الصحية".
اقرأ أيضاً:
الحرب تغلق مخابز اليمن.. تفاقم الجوع
اليمن: الحوثيون يحاصرون عدن اقتصادياً
تجار الموت والتعذيب يحصدون الأرباح على حساب الأرواح