تحدَّثنا عن صحراء أتاكاما

23 اغسطس 2018
هيرفيه بورديال/ فرنسا
+ الخط -

تحدَّثنا عن صحراء أتاكاما، عن أشجار صحراء أتاكاما. كان صباحاً. ضبابٌ عبَّأ المكان، ولم نهتم.

نحو الضباب، جاءت جِمال غواناكو، هبط نسر عن علوِّه المعتاد، اشرأبَّت أعناق الصبار. "لأن الضباب ماءٌ في صحراء أتاكاما"، قال رجل الأيمارا بلغة لا نعرفها، وانصرف.

اقتربنا من جَمل الغواناكو، فتحنا أفواهنا كما يفعل، لكن الضباب لم يتكاثف في أفواهنا. كانت ألسنتنا باردة مثل كلماتنا، وأخرجنا قوارير المياه الصحية من أمتعتنا.

تحدثنا عن مطر لا يهطل في صحراء أتاكاما، ولم نسأل: كيف تنبتُ حياةٌ في صحراء؟ "كلُّنا يعرف الجواب"، قُلْنَا معاً، بعد أن ابتلعنا ورقتين من موسوعة.

رأينا نسراً يحلِّق فوق فريسة، وتحدَّثنا عن السرعة. رأينا ورق الصبار مائلاً عكس اتجاه الشمس، وتحدّثنا عن الزوايا. رأينا بطريقاً يُطعم صغاره، وتحدّثنا عن أزمة الموارد. طرحنا على بَعضنا أسئلة سخيفة، وفكَّرنا جيِّداً بالإجابات.

وكان رجل صامت بيننا، تختفي عيناه كلَّما تحدّثنا. لم نهتم. لم نكن نعرف حتَّى أسماء بَعضنا. كنّا مشغولين برؤية جمل الغواناكو، حين نطق الرجل الصامت: للجمل سنام، ورأينا سناماً يخرج من ظهر الغواناكو. ثم نطق الرجل الصامت: هناك شلال. ورأينا شلالاً منهمراً من ساق الصبار، فركضنا أنا وأنا نحو الشلال، وافترش الرجل الصامت صحراء أتاكاما، ونام.


* كاتبة ومترجمة فلسطينية أردنية، وأتاكاما هي صحراء في تشيلي تعدّ أكثر الصحارى جفافاً في العالم، والأيمارا من شعوب البلد الأصليين

المساهمون