تواجه "أكاديمية فنون السينما وعلومها" في هوليوود تحدّياً لن يكون سهلاً عليها. فالمأزق الأخلاقي، الذي تعاني تداعياته في دورة العام المنصرم، بخصوص جوائز "أوسكار"، يتمثّل باستبعادها عاملين سوداً (أفرو أميركيين) في صناعة السينما عن لائحة الترشيحات الرسمية، ما يؤدّي بها إلى إعادة النظر في المسألة، قبل أن تستقبل أعضاءً جدداً، غالبيتهم من الشباب والنساء والملوّنين والمتحدّرين من أصول مختلفة. والمأزق الثقافي، الذي يواجهها في دورة العام الحالي، يتشكّل من أمرين اثنين: كثرة الترشيحات المتعلّقة بالفيلم الموسيقيّ الغنائيّ "لا لا لاند" لداميان شازيل، والتوقّعات الكثيرة بفوزه بجوائز عديدة؛ وارتفاع حدّة التشنّج الداخلي الأميركي، بسبب التصرّفات العنصرية التي يمارسها الرئيس دونالد ترامب، بناءً على خطاب شعبوي تحريضي خطر.
وإذْ تحرص الأكاديمية، في دورة عام 2017، على ترشيحات رسمية أكثر انفتاحاً ومساواة، كنوعٍ من تغيير في سلوكها، لن يبتعد (نوع التغيير نفسه) كثيراً عن نَفَسٍ عنصريّ مبطّن، لكونه ردّة فعلٍ لا فعلاً متكاملاً؛ فإن المأزق الجديد يكمن في أن الاستعادة السينمائية لزمن الأفلام الموسيقية الراقية يُواجه مواقفَ مناهضة للرئيس الأميركي يُطلقها مُرشَّحون بيض، وكثرة السود في الترشيحات، في فئات بعضها أساسيّ (أفضل فيلم، أفضل تمثيل، أفضل إخراج، إلخ.)، ما يضع السينما ـ وإن يصنعها سودٌ كثيرون برقيّ إبداعيّ ـ في مواجهة السياسة.
أي أن فوزَ سودٍ بجوائز أساسية، وإنْ يُشكّل انعطافةً ما في المسار الأخلاقيّ لـ "أكاديمية فنون السينما وعلومها"، سيبقى أكثر ارتباطاً بالسياسة منه إلى جماليات سينماهم، في لحظة تاريخية حرجة لـ "أميركا". كأن الأكاديمية، في حال فوز كهذا، تنفض يديها من عار عنصريتها السابقة، وتُعلن ـ في الوقت نفسه ـ موقفاً مناهضاً لرئيسٍ يأخذ البلاد إلى مزيدٍ من التمزّقات الداخلية.
وهذا كلّه لن يتغاضى عن الأهمية السينمائية لأفلامٍ يصنعها سودٌ، وتتناول مواضيع مرتبطة بهم، ما يُعزِّز موقف الأكاديمية، في حال فاز سودٌ بجوائز مختلفة. ذلك أن الأكاديمية، بالفوز المذكور، تستفيد من إيجابية إضافية، تتمثّل بكونها مهتمة، أيضاً، بالجانب السينمائيّ البحت. فالسود يصنعون أفلامهم، فعلياً، ببناء درامي وفني وجمالي مثير للاهتمام والمتابعة والمتع البصرية، ويُساهمون في إضاءة جوانب مختلفة من تاريخهم وذاكرتهم، وفي نبش المخبّأ، وسرده بصرياً، وصونه من مزيدٍ من الاندثار. وإنْ تكن بعض القصص متخيّلة، أي أنها غير مستلّة من حقائق ووقائع، إلّا أن المتخيّل يشبه كثيراً حقائق ووقائع معلومة.
هذا كلّه مجرّد تساؤلٍ يسبق الحفلة الـ 89 للجوائز (26 فبراير/ شباط 2017). لكنه تساؤلٌ منبثقٌ من واقعٍ يشهد غلياناً حادّاً في الاجتماع الأميركي، لن تبقى هوليوود، وأكاديميتها الأشهر في المشهد السينمائي الدولي، بمنأى عنه.
اقــرأ أيضاً
أي أن فوزَ سودٍ بجوائز أساسية، وإنْ يُشكّل انعطافةً ما في المسار الأخلاقيّ لـ "أكاديمية فنون السينما وعلومها"، سيبقى أكثر ارتباطاً بالسياسة منه إلى جماليات سينماهم، في لحظة تاريخية حرجة لـ "أميركا". كأن الأكاديمية، في حال فوز كهذا، تنفض يديها من عار عنصريتها السابقة، وتُعلن ـ في الوقت نفسه ـ موقفاً مناهضاً لرئيسٍ يأخذ البلاد إلى مزيدٍ من التمزّقات الداخلية.
وهذا كلّه لن يتغاضى عن الأهمية السينمائية لأفلامٍ يصنعها سودٌ، وتتناول مواضيع مرتبطة بهم، ما يُعزِّز موقف الأكاديمية، في حال فاز سودٌ بجوائز مختلفة. ذلك أن الأكاديمية، بالفوز المذكور، تستفيد من إيجابية إضافية، تتمثّل بكونها مهتمة، أيضاً، بالجانب السينمائيّ البحت. فالسود يصنعون أفلامهم، فعلياً، ببناء درامي وفني وجمالي مثير للاهتمام والمتابعة والمتع البصرية، ويُساهمون في إضاءة جوانب مختلفة من تاريخهم وذاكرتهم، وفي نبش المخبّأ، وسرده بصرياً، وصونه من مزيدٍ من الاندثار. وإنْ تكن بعض القصص متخيّلة، أي أنها غير مستلّة من حقائق ووقائع، إلّا أن المتخيّل يشبه كثيراً حقائق ووقائع معلومة.
هذا كلّه مجرّد تساؤلٍ يسبق الحفلة الـ 89 للجوائز (26 فبراير/ شباط 2017). لكنه تساؤلٌ منبثقٌ من واقعٍ يشهد غلياناً حادّاً في الاجتماع الأميركي، لن تبقى هوليوود، وأكاديميتها الأشهر في المشهد السينمائي الدولي، بمنأى عنه.