تجدد القتال في جوبا، عاصمة جنوب السودان، اليوم الأحد، وقالت قوات موالية لنائب الرئيس رياك مشار إن قوات الرئيس هاجمت مقر إقامته، مما أثار المخاوف من العودة إلى صراع شامل في الدولة الفتية، والتي تبلغ من العمر خمس سنوات فقط.
ولم يصدر رد فوري من حكومة الرئيس سلفا كير على بيان المتحدث باسم مشار. وفي وقت سابق قال وزير الإعلام في حكومة كير، ميشيل ماكوي، إن الوضع تحت السيطرة وحث السكان على البقاء في منازلهم، بحسب وكالة "رويترز".
إلى ذلك، قالت مصادر متطابقة لـ"العربي الجديد" إن التيار الذي يقود العمليات العسكرية حاليا بجوبا يمثل تيارا معارضا داخل الجيش لرياك مشار واتفاقية السلام التي وقعها مع الحكومة في أغسطس/ آب الماضي، والتي بموجبها تقلد منصبه نائباً للرئيس. وأكدت المصادر أن التيار يقوده رئيس هيئة الأركان بول ملونق في الخفاء، بعدما جاهر برفضه الاتفاقية.
ووجه الزعيمان اللذان تقاتلا في حرب أهلية دامت عامين وبدأت في أواخر عام 2013 دعوة مشتركة للهدوء بعد اندلاع اشتباكات بين الفصيلين المتناحرين في وقت متأخر يوم الخميس. وقال مصدر من وزارة الصحة لرويترز في وقت مبكر اليوم إن 272 شخصاً على الأقل قتلوا في الاشتباكات.
وبدأ القتال عند الثامنة صباحاً بمنطقة الجبل، والتي تبعد 5 كيلومترات عن القصر الرئاسي، ولكنه سرعان ما امتد نحو جوبا بالقرب من المطار، الأمر الذي قاد شركات طيران لتعليق رحلاتها إلى جوبا إلى حين استقرار الأوضاع، فضلاً عن الأحياء القريبة من الجبل.
وذكر سكان منطقتي جوديل وجبل في جوبا أن اشتباكات بالأسلحة الثقيلة وقعت قرب ثكنات للجيش تضم المقر الرئيسي لمشار وقواته. ورأى شاهد من رويترز طائرات هليكوبتر تحلق على ارتفاع منخفض لكنه لم يرها تطلق ناراً.
وقال مصدر من وزارة الصحة إن 33 مدنياً كانوا بين القتلى في الاشتباكات الأخيرة التي أذكت المخاوف من تجدد الصراع وأثارت القلق بشأن قدرة الزعيمين على السيطرة على قواتهما.
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اليوم إن على رئيس جنوب السودان ونائبه اتخاذ "إجراء حاسم" لاستعادة السيطرة على الأمن في العاصمة جوبا، وحثهما على إصدار أوامر لقواتهما بوقف الاشتباكات والعودة إلى الثكنات.
وأضاف بان في بيان "أشعر بإحباط شديد جراء استئناف القتال رغم التعهدات التي قدمها قادة جنوب السودان"، وتابع "هذا العنف الذي لا معنى له غير مقبول وقد يقوض التقدم الذي أحرز حتى الآن في عملية السلام".
وقالت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (يونميس) إنها "غاضبة من استئناف العنف" الذي تقول إنه دفع المئات من سكان جوبا إلى طلب اللجوء في قاعدتها. وأضافت أن مجمع البعثة في جوبا تعرض لهجمات بأسلحة خفيفة ونيران أسلحة ثقيلة.
وقال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إنه سيجتمع في وقت لاحق اليوم الأحد لبحث العنف. ودعا الاتحاد الأوروبي، أحد كبار المانحين، وكينيا إلى عودة سريعة للنظام.
إلى ذلك هاتف الرئيس السوداني عمر البشير، اليوم، كلاً من سلفا كير ونائبه رياك مشار وطالبهما بوقف القتال وضبط النفس.
وطالبت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا "ايغاد" الفرقاء الجنوبيين بوقف الاقتتال قبل وصول وزراء خارجيتها إلى جوبا غداً الإثنين لعقد اجتماع طارئ لبحث الأزمة.
وينتظر أن يصدر مجلس الأمن الدولي في جلسته الطارئة اليوم عدة قرارات تتصل بالأزمة في دولة جنوب السودان؛ بينها عقوبات جديدة على المتسببين في زعزعة السلام وأخرى متصلة بتدخل دولي إقليمي لإجبار الأطراف على وقف الاقتتال.
وقال المتحدث باسم مشار لرويترز "مقر إقامة الدكتور مشار تعرض للهجوم مرتين اليوم بينهما واحدة باستخدام دبابات وطائرات هليكوبتر. هاجمت طائرات من الجانب التابع لكير مقر الإقامة مرتين". مضيفاً أنه يتحدث من خارج البلاد لكنه على اتصال بمشار.
وأضاف أن الوضع في جوبا هدأ بعد ذلك، مكرراً تعليقات من سكان قالوا إن النيران تراجعت في وقت لاحق اليوم بعد بضع ساعات من تبادل إطلاق النار.
وبدأت أعمال العنف لفترة وجيزة يوم الخميس حين حاول جنود موالون لكير تفتيش مركبات تابعة لأنصار مشار فتحولت المواجهة إلى اشتباكات.
واندلع القتال مرة أخرى يوم الجمعة الماضي بين الحرس الشخصي لنائب الرئيس وحرس الرئاسة، في حين كان الرجلان يجريان محادثات لنزع فتيل التوتر. ودعا الاثنان للهدوء وقالا إنهما لا يعرفان سبباً للمعارك التي اندلعت.