تجدد الخلافات حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الجمركي الأوروبي

05 فبراير 2018
مناصرو البقاء في الاتحاد الأوروبي (دانيال أوليفاس/ فرانس برس)
+ الخط -
تعود الخلافات الداخلية في صفوف حزب المحافظين لتطغى على الساحة السياسية البريطانية كلما طرحت على الطاولة مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وليعود معها الجدل حول قدرة رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، على البقاء في منصبها.

وكانت الانقسامات في حزب المحافظين بين المعسكر اليميني القومي وندّه الوسطي الليبرالي قد تجددت في الأيام القليلة الماضية حول عضوية بريطانيا المحتملة في الاتحاد الجمركي الأوروبي.

فقد خرج متحدث باسم الحكومة البريطانية لينفي إمكان عضوية بريطانيا في الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي وسط تخبط بين وزرائها حول هذه المسألة.

وتأتي هذه التصريحات لتغضب المعسكر المؤيد للاتحاد الأوروبي في حكومتها، بينما ترضي الطرف المؤيد لـ"بريكست"، والذي أعد العدة لإطاحة ماي من زعامة الحزب والحكومة.

وجاء هذا التوضيح أيضاً عشية زيارة الوفد الأوروبي المفاوض إلى لندن، بزعامة ميشيل بارنييه، لبدء المحادثات حول المرحلة الانتقالية التي ستلي خروج بريطانيا رسمياً من الاتحاد الأوروبي في مارس/ آذار 2019.

وكانت وزيرة الداخلية، آمبر رود، قد خرجت، يوم أمس، بتصريحات مفادها أن بريطانيا ستسعى للبقاء في نوع من التوافق الجمركي مع الاتحاد الأوروبي، وهي رؤية تشاركها فيها رئيسة الوزراء، وفقاً لرود.

إلا أن وزير الإسكان، دومينيك راب، وهو من مؤيدي سياسة الخروج من الاتحاد الأوروبي المعروفة اختصارا باسم "بريكست"، ناقض تصريحات رود كلية عندما نفى إمكان أن تجمع بريطانيا أي ترتيبات جمركية مستقبلية مع الاتحاد الأوروبي بعد موعد "بريكست".

وتأتي هذه التصريحات المتضاربة قبيل اجتماعين مهمين للجنة "بريكست" الحكومية الفرعية هذا الأسبوع للبت في رؤية الحكومة البريطانية لمستقبل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بالعضوية في السوق الأوروبية المشتركة والاتحاد الجمركي.

وتسعى الحكومة البريطانية للحفاظ على تجارة سلسة مع الاتحاد الأوروبي من خلال تجنب فرض الرسوم الجمركية على السلع المتبادلة بين الطرفين، وخاصة عند النظر إلى حجم التبادل التجاري بينهما.

وهو ما أكدت عليه رود بقولها "لا نريد فرض تعرفة جمركية على الحدود، ويعني ذلك وجود ترتيب أو اتفاقية أو شراكة جمركية. وعلى الأغلب سيكون ضمن الإطار الجمركي الحالي".
 
إلا أن راب نفى هذا الاحتمال لكونه سيقيد قدرة بريطانيا على الدخول في اتفاقيات تجارية مع دول خارج الاتحاد الأوروبي بقوله "إذا بقينا (في الاتحاد الجمركي) ستكون أيدينا مقيدة خلال التفاوض على اتفاقيات تجارة حرة مع الدول الأخرى، سواء كانت البرازيل أم الصين أو الهند".



كما أن زعماء التيار المؤيد لـ"بريكست" في الحكومة، مثل بوريس جونسون وليام فوكس ومايكل غوف، يرفضون رفضاً قاطعاً أي عضوية بريطانية في الاتحاد الجمركي.

ويعارض هؤلاء جناح آخر في الحكومة البريطانية يضم وزراء مثل آمبر رود وفيليب هاموند وغريغ كلارك، الذين يرون أن فرض التعرفة الجمركية على البضائع الأوروبية سيضر بالاقتصاد البريطاني. 

وتضع هذه المواقف حكومة ماي في وضع صعب يتطلب منها حنكة سياسية تقضي بطرح أفكار جديدة ترضي الطرفين وتحافظ على التوازن القائم بينهما، وتنعش آمال حكومتها في الاستمرار.

وكانت ماي قد نجحت حتى الآن في تفادي الصدام بين الطرفين المكونين لحكومتها، لكن مع تقدم مفاوضات "بريكست"، وضرورة الإجابة عن الأسئلة المؤجلة، والتي تميز بين المعسكرين، تزداد التحديات صعوبة أمام ماي.

فقد لوح وزير التجارة الخارجية ليام فوكس بالاستقالة من الحكومة، حيث قال "يصعب علي جداً أن أرى كيف سيكون البقاء في الاتحاد الجمركي متوافقاً مع سياسة تجارية مستقلة".

أما مؤيدو "بريكست"، وعلى رأسهم جونسون، فكانوا قد لوّحوا بإمكان الانقلاب على زعامة ماي للحزب والحكومة، مهددين بتشكيل فريق مؤيد كلياً لـ"بريكست" بزعامة جونسون للحكومة، وغوف كنائب له، وجاكوب ريس موغ كوزير للمالية.

إلا أن وزيرة الداخلية صرحت بأنها متفائلة بإمكان التوصل إلى تفاهم يرضي معسكري الحزب عندما قالت "لدي مفاجأة لمؤيدي (بريكست)، وهي أن اللجنة التي ستلتقي لوضع هذه القرارات أكثر توافقاً مما يظنون". وأضافت "أعتقد أننا سنصل إلى حل يرضي الجميع".

ويعتقد أن ماي ستقوم بطرح تسوية تطلب فيها من مؤيدي "بريكست"، مثل جونسون وغوف بالموافقة على تمديد محدود لبعض أوجه الاتحاد الجمركي.

وتهدف هذه الخطوة إلى استمالة غوف بعيداً عن تحالفه مع جونسون، حيث إن الأخير يرفض أي تمديد للاتحاد الجمركي بعد الفترة الانتقالية، بينما يرى غوف أن الحكومة تفتقد للدعم البرلماني للخروج الكلي من الاتحاد الجمركي في الوقت الحالي.

المساهمون