تجار المرض

21 ديسمبر 2014
رجال أعمال يتحكمون بسوق العقاقير في مصر (أرشيف/getty)
+ الخط -

تظل اقتصاديات الدواء غامضة لكثير من المصريين، وتبقى العلاقة بين مستوردي العقاقير وموزعيها، والمسؤولين الحكوميين، من الأسرار غير المرغوب في الحديث عنها، كونها يشوبها الفساد وتعتريها المصالح الشخصية.
 
مثل غيره من القطاعات في مصر، يسيطر عدد قليل من رجال الأعمال على سوق العقاقير في البلاد، يتحكم هؤلاء في إنتاج وتسعير الدواء ومدى توافره في الأسواق، ورغم وجود أجهزة رقابية متخصصة في وزارة الصحة، إلا أن الفساد يطال القطاع مثلما يطال غيره من القطاعات، كونه أحد أكثر المجالات ربحا.

في الشهر الأخير غاب نحو ألف صنف دوائي من الأسواق المصرية، معظمها أدوية مستوردة، تخص أمراضاً مزمنة، ويؤكد غالبية الصيادلة أن السبب في اختفاء الأدوية تجاري بحت، حيث يواصل المستوردون ضغوطهم على الحكومة لرفع أسعار العقاقير، عن طريق ما يسمونه "تعطيش السوق".

جرب المستوردون الأمر سابقاً مرات عدة، ونجحوا في مساعيهم، ويعرف المصريون ارتفاعات مفاجئة في أسعار الكثير من العقاقير، دون سبب واضح إلا استغلال مرض الفقراء لتحقيق الربح.

يمكنك فقط كمثال، أن تعرف أن في مصر نحو 10 ملايين مصاب بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي "سي"، بينهم أكثر من 17 ألف طبيب وفقا لإحصائيات رسمية.

التأثير التنموي الخطير للمرض، ومحاولات الحكومة الحالية للتغطية على فضيحة "الكفتة"، دفعها إلى الإعلان عن برنامج علاج باستخدام عقار أميركي لم يتم إقراره في بلد إنتاجه، اسمه "سوفالدي"، تكلفة العلاج مدعوما من الحكومة نحو 13 ألف جنيه (1800 دولار)، بينما تبلغ تكلفته غير الحكومية أكثر من 90 ألف جنيه (12.5 ألف دولار)، وهو أمر لا يقدر عليه الغالبية العظمى من المرضى.

في المقابل، يظل خيار تصنيع بديل محلي قائما، لكن هناك من يعطله، ربما عن قصد، ليستمر الربح من العقار المستورد، البديل المحلي الذي يطلق عليه إعلاميا اسم "سوفوسبوفير" هو نسخة من عقار "سوفالدي"، والحجة لرفض إنتاجه محليا هو عدم التعدي على حقوق الملكية الفكرية للشركة المنتجة للعقار الأميركي، لكن الواقع أن الشركة المنتجة لـ "سوفالدي" لم تحصل على حقوق ملكيته بعد، كونه لم يتم إقرار استخدامه رسميا، ما يجعل مبرر رفض إنتاج البديل المحلي غير مقبول، إلا في إطار تبادل المصالح بين الحكومات ومستوردي الأدوية.

حكاية "سوفالدي" وحدها دليل واضح على تحكم التجارة ومنطق الربح في صحة المصريين، وخضوع الحكومة لضغوط رجال الأعمال، كونهم يدعمون مساعيها للبقاء.​

دلالات
المساهمون