وكان 6 من أعضاء المجلس هم: جمال عبد الرحيم، ومحمد خراجة، وحسين الزناتي، ومحمد سعد عبد الحفيظ، وعمرو بدر، ومحمود كامل، قد تقدموا بطلب إلى نقيب الصحافيين عبد المحسن سلامة للدعوة إلى جمعية عمومية طارئة لبحث اتخاذ موقف ضد القانون، وهددوا بتقديم استقالات جماعية. وعقد، الثلاثاء الماضي، اجتماع مجلس النقابة الأسبوعي، والذي كان ينتظر أعضاء المجلس الستة المعترضين على القانون أن يخرجوا منه بقرار حول دعوة الجمعية العمومية الطارئة إلى الانعقاد، لكن ذلك لم يحدث، إذ طلب عبد المحسن سلامة (النقيب المحسوب على أجهزة النظام) من أعضاء المجلس الانتظار لأسبوع آخر من أجل إعطاء فرصة لبحث القانون مع مجلس النواب، بحجّة أنه أرسل طلباً إلى رئيس مجلس النواب علي عبد العال، من أجل عقد لقاء لمناقشة اعتراضات الصحافيين على القانون.
وكان نصف أعضاء مجلس نقابة الصحافيين قد لوحوا بالاستقالة احتجاجاً على القانون الذي اعتبروه بمثابة "إعدام للمهنة" بعد استقالة العضو أبو السعود محمد، وطالبوا بعقد جمعية عمومية طارئة لإعلان موقف واضح يعبر عن الجماعة الصحافية، واعتبروا، بحسب بيان أصدروه الأسبوع الماضي، أن "ذلك بات أمراً ملحاً وضرورياً، بعد أن صدرت جميع التصريحات من المسؤولين عن التعديلات المطلوبة لتؤكد أن القانون المشبوه باق بنصوصه الكارثية وأن أي تعديلات ستحدث، إن حدثت، ستكون شكلية وغير مؤثرة، وهو ما يعني عملياً أننا وصلنا إلى طريق مسدودة بات معه استدعاء الجمعية العمومية للنقابة سبيلاً لا مفر منه، وذلك بعد أن تأكد لنا وصول القانون إلى البرلمان بعد مراجعته من مجلس الدولة".
وأضاف البيان أن "المجلس الأعلى للإعلام بدأ في تطبيق هذا القانون بالفعل بقرار غير مسبوق يحظر النشر في قضية مستشفى 57357 التي أثارتها الصحافة مؤخراً".
وقال الأعضاء الستة في بيانهم، إنه "إزاء الحصار الذي تتعرض له الصحافة والرغبة في تمرير قانون تدمير المهنة، أضحت الجماعة الصحافية تنتظر صوت مجلسها المنتخب الذي يعبر عنها، وقد تكون استقالتنا من المجلس أشرف مئات المرات من تمرير هذا القانون من دون موقف واضح". ويبدو من خلال الأحداث أن تلويح نصف أعضاء المجلس بالاستقالة هو مجرد تهديد لن يتحول إلى فعل، والذي يؤكد ذلك البيان "الهزيل" الذي صدر عن المجلس بعد اجتماعه الأخير والذي اكتفى بأن أشار فقط إلى عقد مجلس نقابة الصحافيين اجتماعه، الثلاثاء 10 يوليو/ تموز، الذي ناقش "مستجدات" مشروع تنظيم الصحافة والإعلام، واطلع على ملاحظات مجلس الدولة على مواد مشروع القانون المقر بصفة مبدئية من مجلس النواب. وأكد البيان "احترام مجلس نقابة الصحافيين لمؤسسات الدولة المصرية، وأنه يمد يده لجميع المؤسسات المعنية بالتشريع المقترح للحوار الهادف والبناء، حول صياغات المواد التي أبدت النقابة تحفظها عليها في خطابها المرسل لمجلس النواب".
وشدد مجلس النقابة في بيانه، على أن "مقترحاته بصياغات بديلة لعدد من مواد القانون، إنما تستهدف الصالح العام وضمان بيئة عمل إيجابية تحقق صالح المجتمع والمؤسسات الصحافية، ومن ثم فإنه يجدد بالإجماع تأكيد رؤيته بشأن تلك المواد والملاحظات حولها". وقال المجلس إن "ملاحظات مجلس الدولة بشأن عدم دستورية بعض مواد القانون، فرصة لإعادة الحوار حوله وعدم التعجل في إقراره قبل إعادة التداول على المواد الخلافية".
ودعا المجلس إلى "لقاء يجمعه برئيس مجلس النواب علي عبد العال، ووزير شؤون مجلس النواب عمر مروان، ولجنة الإعلام والثقافة والآثار، لإيضاح فلسفة التعديلات المقترحة من النقابة". واختتم المجلس بيانه بأنه "يواصل اجتماعاته الأسبوع المقبل لبحث تطورات الموقف واتخاذ ما يلزم في اتجاه رغبات أعضاء الجمعية العمومية بشأن القانون". واعتبر صحافيون في مصر أن بيان مجلس نقابة الصحافيين الأخير ساهم في تبريد أزمة القانون، وأن ذلك التأجيل جاء في إطار خطة لتجاوز الغضب وتمرير القانون.
وفي السياق، علمت "العربي الجديد" من مصادر صحافية في أكثر من مؤسسة صحافية قومية وخاصة، أن هناك تعليمات صدرت لرؤساء تحرير تلك المؤسسات بعدم تناول مشروع قانون
وعلمت "العربي الجديد" أيضاً أنه تم منع عضوي مجلس نقابة الصحافيين عمرو بدر ومحمد سعد عبد الحفيظ، من الظهور في أكثر من محطة تلفزيونية وذلك بعد الاتفاق معهما على الظهور وقبل الموعد بأقل من نصف الساعة.
وتتمثل اعتراضات نقابة الصحافيين على مشروع القانون في عدة مواد.
وقال عضو بلجنة صياغة الملاحظات في تصريحات صحافية، إن المادة 12 من مشروع القانون تلزم الصحافي حين يغطي أي شيء بالحصول على التصريح اللازم، وهي مادة تقوّض العمل الصحافي، مشيرًا إلى أن المادة 29 تتعلق بالحبس الاحتياطي في قضايا النشر، وهي المادة التي أثارت غضب وتخوف الجماعة الصحافية بأكملها.
وأضاف "من بين الملاحظات أيضًا المادة 35 الخاصة بتشكيل الجمعيات العمومية للمؤسسات الصحافية القومية، فالقانون أعطى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة الحق في رئاسة الجمعيات العمومية للصحف، وهو معين من رئيس الجمهورية الذي هو رئيس للسلطة التنفيذية، في حين أن المؤسسات الصحافية مستقلة ولا وصاية عليها من أحد". ولفت إلى أنه من بين الملاحظات أيضًا عدم تمثيل الصحافيين في تشكيل الجمعيات العمومية إلا بـ2 فقط من داخل المؤسسة، بينما يتكون التشكيل من: رئيس الهيئة الوطنية للصحافة رئيسًا، و3 من أعضاء الهيئة من غير المنتمين للمؤسسة، و6 يجري انتخابهم بالاقتراع السري: 2 إداريين و2 عمال و2 صحافيين.
ودعا المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر (حكومي)، عقب اجتماع له، الأربعاء الماضي،
وتمسك المجلس، في بيان صادر عنه، بضرورة الالتزام بالاستحقاقات الدستورية المعنية بتنظيم المجال الإعلامي، واستخدام ألفاظ دقيقة بعيداً عن الغموض، والتوسع في وصف المخالفات والجرائم، بما يحقق الضبط اللازم لإنجاز القانون وفقاً للفلسفة التي يعكسها الدستور، والتي شددت على الحق في حرية الرأي والتعبير وإرساء مبادئ محددة لصيانتها.
واعتبر مجلس حقوق الإنسان أن مشروع القانون يُهدد حرية الرأي والتعبير، كون مواثيق الشرف المهنية هي التزامات طوعية تُعلن الجماعات المهنية التزامها بها، وعدم انطواء معظم تلك المواثيق في أغلب دول العالم على عقوبات جزائية، مؤكداً أن تجريم الممارسات التي تحظرها مواثيق الشرف الصحافية والإعلامية لا يخدم حرية الرأي والتعبير، مع التزام تلك المواثيق بطابعها الأخلاقي والطوعي.
وأفاد المجلس بأن بعض العبارات في القانون لا تتسم بالدقة اللازمة، ويصعب تعريفها بشكل دقيق، بما يوسع من نطاق استهداف الممارسات الصحافية، ويضر بحرية الرأي والتعبير، موضحاً أن بعض العبارات جاءت غير قابلة للتحديد والتعريف المنضبط الدقيق، وهو الأمر الذي يفتح الباب أمام ممارسات قد تستهدف حرية الرأي والتعبير.
وتوسع مشروع قانون تنظيم الصحافة في فرض القيود على عمل الصحافيين والإعلاميين، بالمخالفة لنصوص الدستور التي كفلت حرية الرأي والتعبير، علاوة على قوننة الحبس الاحتياطي للصحافيين في جرائم النشر من خلال مصطلحات فضفاضة، على غرار "التحريض على العنف"، أو "الطعن في أعراض الأفراد"، أو "التمييز بين المواطنين"، أو "في الجرائم التي تمسّ الأمن القومي".
ونصّ الدستور المصري في المادة (71) منه على "حظر فرض رقابة على الصحف، ووسائل الإعلام المصرية، أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، أو توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية"، بينما ألزمت المادة (72) الدولة بـ"ضمان استقلال المؤسسات الصحافية، ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية".
وحظر القانون على أية وسيلة من وسائل النشر أو البث، التعرض للحياة الخاصة للمواطنين، أو المشتغلين بالعمل العام، أو ذوي الصفة النيابية العامة، أو المكلفين بخدمة عامة، إلا فيما هو وثيق الصلة بأعمالهم، وأن يكون التعرض مستهدفاً للمصلحة العامة. كما حظر القانون على الصحافي أو الإعلامي، تناول ما تتولاه سلطات التحقيق أو المحاكمة، على نحو يؤثر على مراكز من يتناولهم التحقيق أو المحاكمة.
وقنن التشريع الجديد حجب كل وسيلة إعلامية أو موقع إلكتروني أو حساب شخصي يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف متابع أو أكثر، حال نشر أو بث أخبار كاذبة، أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون، أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب، أو يتضمن طعناً في أعراض الأفراد، أو سباً أو قذفاً لهم، أو امتهاناً للأديان السماوية أو للعقائد الدينية.