حينما كان وزيرا للداخلية الفرنسية صدرت عن مانويل فالس، وهو يشرف على إفراغ أحد معسكرات الغجر في شمال فرنسا (مدينة ليل) في خريف 2013، تصريحات مشينة، أثارت حفيظتهم ضده.
ووصل الأمر بفالس وقتها درجة القول: "إن لديهم ميلا طبيعيا للبقاء في رومانيا أو العودة إليها. إن طرق حياتهم تختلف بشكل جذري عن طرق حياتنا، وهو ما يتسبب في المواجهة".
التصريحات اعتبرتها، حينَها، منظمات تدافع عن حقوق الإنسان، ومن بينها "مراب" (الحركة ضد العنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب) تهجما صريحا وتشجيعا على اضطهاد هذه الأقلية الأوروبية، في حين أن جمعية "صوت الغجر" قررت مقاضاة مانويل فالس بتهمة "التحريض على الحقد العنصري".
ولكن محكمة الجنح في باريس ارتأت، يوم أمس الأول الجمعة، أن تصريحات المعني بالأمر تمت "أثناء" مزاولته لمهامه الوزارية، وأن مانويل فالس "لم يُعبّر عن رأيه، باعتباره رجلا سياسيا، في إطار نقاش مصلحة عامة، ولكن أجاب عن أسئلة صحافيين بصفته وزيرا للداخلية حول موضوع مرتبط، بصفة مباشرة، بسلوك الدولة". وهو ما يعتبر من صلاحيات محكمة عَدْل الجمهورية.
وأثار قرار المحكمة الخيبة لدى العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية، إضافة إلى طائفة الغجر، ورأى فيه محامي جمعية "صوت الغجر"، هنري برون، تشجيعا لـ"ثقافة الإفلات من العقاب بين المتهمين بالجنح الوزارية". وأشار إلى أن محكمة عدل الجمهورية لم تعالج، خلال عشرين سنة، سوى أربع قضايا. واصفا المحكمة بأنها "آلة لرفض شكايات المواطنين".
وعرف الغجر اضطهادا في فرنسا، من قبل اليمين واليسار، خصوصا الليبرالي منه، مع مانويل فالس، والكل يتذكر هجمات نيكولا ساركوزي عليهم، حين كان وزيرا للداخلية، واحتفاله بتفريغ معسكراتهم، وهو ما أخرج الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية، عدة مرات عن صمتها لتندد بالأمر، ودفعت البابا إلى تذكير الجميع، ليس في فرنسا وحدها، بحق هذا الشعب المسيحي الأوروبي في الحياة الكريمة.
وورد "العربي الجديد" بيان تنديد قاس بقرار المحكمة من قبل "حزب أهالي الجمهورية"، معبّرا عن تضامنه المطلق مع "هؤلاء الإخوة، الذين نتقاسم معهم المعاناة والتهميش والعنصرية".