اختتمت اليوم جلسات الدورة السادسة من الملتقى الوطني "الأوراس عبر التاريخ" الذي نظمه "المتحف العمومي الوطني الإخوة الشهداء بولعزيز" في خنشلة شمال شرق الجزائر، حيث تواصلت الندوات لمدة ثلاثة أيام.
كانت الثيمة الأساسية للملتقى "كتابة تاريخ منطقة الأوراس من خلال المتاحف والمواقع الأثرية"، وقد شارك فيها باحثون وأكاديميون في مجالات التاريخ وعلوم الآثار والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع من 16 جامعة جزائرية.
تناولت الأوراق المختلفة عدة جوانب، بعضها تحدّث عن مواقع أثرية محددة يهددها الإهمال والتجاهل رغم أهميتها، وبعضها تناول دور الجمعيات المحلية والمبادرات الصغيرة التي تحاول أن تحمي التراث والآثار من خلال مبادرات صغيرة وفردية، إلى جانب أوراق تطرّقت إلى قراءات في مشاريع تنقيب بعينها بالنقد والتحليل.
الأكاديمي جعيل أسامة الطيب، من جامعة الجزائر الثانية، والباحث المشارك في الملتقى بورقة حول مدينة طبنة التاريخية والأثرية، يقول في حديث لـ"العربي الجديد" إنه تناول هذه المدينة بالذات "لأنها لعبت دوراً كبيراً أيام الرومان في دحر ثورات السكان المحليين للبلاد، مما أهّلها لأن تكون عاصمة للإقليم بدءاً من القرن الرابع ميلادي، ثم تحوّلت إلى مقر البروقنل العام بونيفاس، ثم عاصمة لإقليم الزاب بعد الفتح الإسلامي فعاصمة لبلاد المغرب الإسلامي بعد سقوط القيروان عاصمة أفريقية بيد الخوارج".
يوضح الطيب أن "موقع طبنة الأثري الذي يبعد عن وسط مدينة بريكة ب 40 كم، عبارة عن كومة كبيرة من الطمي والتراب يخفي تحتها مدينة بأكملها، فمساحة المدينة تقارب 600 هكتار وبعض معالمها ظاهرة للعيان مثل الأعمدة والخزان المائي والقصر البيزنطي والإسلامي والمسجد الإسلامي والحمام الروماني والكنيسة والمقبرة".
في حين تطرق الباحث شمس الدين زيرار إلى دور جمعية "مينارف" في حماية التراث المحلي في منطقة تبسه، التي تعمل ضمن آلية "الحماية الوقائية"، حيث أن عمليات البناء العشوائي والمشاريع الإسمنتيه التي تزحف بلا أي اعتبار لوجود قيمة أثرية لمواقع كثيرة في تبسه الغنية بالمعالم الأثرية، يشكل تهديداً للمكان ما جعل الجمعية تبادر إلى إقامة ملتقيات ومؤتمرات وفعاليات للفت النظر إلى أهمية الحفاظ على التراث المحلي في تبسه.
من أبرز المداخلات التي قدّمت أيضاً؛ "حفرية تازولت: البعثة الأثرية المشتركة بين فرنسا والجزائر" للباحث زين الدين باشي، و"الأوراس ودوره في التاريخ النوميدي" لـ جمال مسرحي، و"مدينة بغاي التاريخية في منطقة الأوراس من خلال المصادر العربية" لـ عبد الجليل ملاخ، و"نشأة وخراب المدن في الأوراس في فترة التاريخ الوسيط" للباحثة سمية ساعي، و"التراث الثقافي المنقول بين واقع وآفاق الحفظ" لـ شمس الدين زراري، و"التراث المادي المحفوظ في متحف لمباز القديم" لـ سعاد مكيسار وغيرها من الأوراق التي عالجت تجارب بعض المتاحف في المنطقة.
خرج المؤتمرون بمجموعة من التوصيات، من أبرز ما جاء فيها: الحاجة إلى إشراك الفاعلين في مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني في عملية الحفاظ على التراث الثقافي، وإنشاء موقع إلكتروني يوثق لهذه الأوراق المقدمة ويخصص لتاريخ منطقة الأوراس، تفعيل المنظومة القانونية التي تتعلق بتجريم نهب وإتلاف التراث الثقافي الوطني وتحيين النصوص القانونية الحالية بما يتناسب مع المستجدات الدولية.
كما أعلن القائمون عن ثيمة الدورة المقبلة من الملتقى والتي ستكون "التاريخ الثقافي والاجتماعي لمنطقة الأوراس في الحقبتين القديمة والوسيطة".