تأخر الإعمار يشلّ شركات المقاولات

05 ديسمبر 2014
معاناة شركات المقاولات الغزية مستمرة(عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -
يقف المقاول أبو أشرف سحويل إلى جوار شاحنته الكبيرة التي كان ينقل فيها الرمال إلى عمله، وقد امتلأ يأساً وإحباطاً، نتيجة استمرار توقف قطاع الإنشاءات في قطاع غزة عن العمل، بسبب تأخر إدخال مواد البناء، وعدم البدء في إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي في القطاع الذي لا يزال محاصراً.
حال المقاول سحويل ينسحب على مئات المقاولين وآلاف الأيدي العاملة التي تعمل في قطاع البناء والتشييد، وآلاف المهن المرتبطة بها كالنجارة والحدادة والبنية التحتية وغيرها، في ظل أوضاع اقتصادية هي الأسوأ على الإطلاق بفعل استمرار الحصار الإسرائيلي منذ ما يزيد عن ثماني سنوات.
ويقول سحويل لـ"العربي الجديد" إنه كان يشغّل نحو خمسة عشر عاملاً معه، لكن إغلاق المعابر وتوقف الأنشطة الإنشائية أجبره على إيقاف عملهم. ويضيف، أن عشرات المهن مرتبطة بشكل أساسي بدخول مواد البناء والبدء بعملية إعمار غزة، والتي ستعمل على تنشيط الاقتصاد.
أما زميله المقاول أبو محمد درابيه، فيوضح لـ"العربي الجديد" أن تعطل عملية الإعمار وعدم القدرة على تشييد آلاف البيوت التي تسبب العدوان الإسرائيلي في تدميرها، خلال الحرب التي بدأت في 7 يوليو/تموز الماضي واستمرت 51 يوماً، أدت إلى توقف عمل معظم المقاولين والمهن المرتبطة بالعمل الإنشائي، ما تسبب في مضاعفة نسب البطالة في القطاع.
ويشدد درابيه على ضرورة قيام جميع الأطراف بواجباتهم الملقاة على عاتقهم، وأن ينظروا إلى الحال المأساوي الذي وصل إليه أهالي قطاع غزة عموماً، والشريحة الواسعة من عمال القطاع الإنشائي وقطاع المقاولات بشكل خاص.
ويشير درابيه إلى أنّ فترة ما بعد الحروب السابقة شهدت حالة نشاط في العمل الإنشائي، على خلاف ما حدث في الحرب الأخيرة والتي زاد بعدها تشديد الخناق على القطاع، وإغلاق المعابر كافة، وعدم دخول أي من المواد اللازمة في البدء بالإعمار وإيواء النازحين.
وتخضع آلية إعمار غزة إلى مراقبة شديدة من قبل الجانبين الإسرائيلي والأمم المتحدة، منذ دخولها عبر معبر كرم أبوسالم، حتى وصولها إلى مستودعات التخزين، انتهاء بتوزيعها على المؤسسات المنفذة للمشاريع والسكان الذين تضررت منازلهم جراء العدوان الإسرائيلي الأخير الذي أسفر عن تدمير أكثر من 60 ألف منزل كلياً وجزئياً، إضافة إلى أكثر من خمسة آلاف منشأة حكومية وخاصة ومؤسسات مجتمع مدني، واستشهاد أكثر من 2160 فلسطينيًا وإصابة 11 ألفاً آخرين.

بدوره، يقول نقيب المقاولين الفلسطينيين في غزة المهندس نبيل أبومعيلق، إنّ واقع المقاولين في القطاع سيئ للغاية، خاصة بعد العدوان الأخير ونسبة الدمار الهائل، مع عدم إدخال مواد البناء من معبر كرم أبوسالم، وهو المعبر التجاري الوحيد.
ويوضح أبومعيلق لـ"العربي الجديد" أنّ نسبة الشاحنات التي دخلت إلى قطاع غزة منذ 95 يوما من 2000 حتى 3000 شاحنة فقط، مبيناً أن غزة سيتم إعمارها بعد 20 سنة في حال دخول 100 شاحنة يومياً، وفي ظل الوضع الحالي سيستغرق الإعمار عشرات السنين.
ويشير أبومعيلق إلى خطورة الوضع الراهن، خاصة في ظل عدم سير عجلة الإعمار بالشكل المطلوب، لافتاً إلى أنّ الأمور معقدة بشكل كبير، حيث يتطلب الأمر إخراج كشوفات طلب المواد اللازمة من وكالة الغوث والمؤسسات التي تعمل على حصر الأضرار، ومن ثم يتم تقديمها إلى وزارة الأشغال وبعدها إلى وزارة الشؤون المدنية، مروراً بالأمم المتحدة، ثم يأتي في النهاية الجانب الإسرائيلي ليقرر فيما بعد سماحه أو رفضه بدخول المواد.
ويوضح أن 300 شركة مقاولات شبه متوقفة عن العمل والتي تضم آلاف العمال ومساعديهم، لافتاً إلى أن بدء الاعمار سيشغل نحو 200 ألف عامل يعملون في قطاع الانشاءات بشكل مباشر أو في المهن المساندة؛ مثل المواصلات وأصحاب الشاحنات الضخمة، والعاملين في السباكة والنجارة والحدادة والدهان والكهرباء وغيرهم.
ويؤكد أبومعيلق أنّ قطاع المقاولات يساهم بـ33% من الدخل القومي الفلسطيني في الوضع الطبيعي، أما الآن فهو شبه عاجز ومتعطل، معتقداً أنه في حال دوران عجلة الإعمار ستزيد النسبة لتعطش القطاع إلى التشييد، لذلك يجب رفع الحصار بشكل كامل ودون شرط أو قيد.
وأصاب الوضع الحالي الفلسطينيين بشكل عام والمقاولين بشكل خاص بحالة إحباط، بسبب التعنت الإسرائيلي وتجاهل المجتمع الدولي لمعاناة الفلسطينيين، حسب أبومعيلق، مشدداً على ضرورة إنهاء الحصار كمقدمة لإنهاء الاحتلال وفتح المعابر.
ويتخوف الفلسطينيون من تكرار تجربة مؤتمر إعادة إعمار غزة في 2 مارس/آذار 2009 في مدينة شرم الشيخ المصرية، بعد عدوان الاحتلال عام 2008، حيث تعهد المانحون بدفع نحو 4 مليارات و481 مليون دولار، لكن تلاشت الوعود المالية التي رصدت في المؤتمر، فبقيت معالم الدمار على حالها، بل تزايدت بعد العدوان الأخير الذي خلّف دمارا أكبر.