يُنذر تراجع حجم الطبقة الوسطى في الأردن بارتفاع معدلات الفقر في البلاد وزيادة الجرائم والجنح، الأمر الذي يضع الأمن الاجتماعي في خطر، وخصوصاً مع تراجع مستويات المعيشة في السنوات الخمس الأخيرة نتيجة غلاء الأسعار مقابل ثبات الدخل للأسر والأفراد.
وقالت دراسة حكومية، أعلنت نتائجها أخيراً، إن الطبقة الوسطى في الأردن تآكلت وباتت تشكل 29% فقط من إجمالي عدد السكان حتى عام 2010 مقارنة مع ما نسبته 41% في عام 2008. وأشارت الدراسة التي أعدها كل من وزارة التخطيط والتعاون الدولي ودائرة الإحصاءات العامة في الأردن، إلى أن أفراد هذه الطبقة يحققون 34.7% من الدخل ويستهلكون 37.2% من إجمالي الاستهلاك.
وارتفع خط الفقر العام للفرد في الأردن سنوياً لأكثر من 800 دينار (أي ما يعادل 1128 دولاراً) .
وبرزت مطالبات للحكومة لاتخاذ ما يلزم من إجراءت لإعادة هذه الطبقة إلى مستوياتها السابقة على الأقل من حيث نسبتها من المجتمع وأوضاعها المعيشية. ويرى خبراء أن استمرار انقراض هذه الطبقة التي هي أساس التوازن في أي مجتمع سيؤدي إلى نتائج سلبية على الوضع العام في الأردن، وخصوصاً من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية.
وستتفاقم حتماً المشكلات التي تعانيها البلاد، بخاصة الفقر والبطالة.
وما يزال معدل البطالة مرتفعاً في الأردن فقد بلغ 11.8% خلال الربع الثاني من العام الجاري، ويتوقع ارتفاعه في ظل الضغط الكبير على فرص العمل، ولا سيما من قبل اللاجئين السوريين في كثير من القطاعات، وكذلك ارتفاع عدد الداخلين سنوياً إلى سوق العمل مقابل تواضع فرص العمل المستحدثة.
وقال الخبير الاقتصادي، منير حمارنة، وهو الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني، إن تراجع الطبقة الوسطى في الأردن مؤشر خطير ويعكس مدى تردي الأوضاع المعيشية في البلاد، الأمر الذي فقد معه جزء كبير من هذه الطبقة بعض مستوى معيشته لينزلق إلى خط الفقر أو ما دونه والأصل أن الطبقة الوسطى تشكل غالبية فئات المجتمع.
وأرجع حمارنة، في مقابلة مع "العربي الجديد"، تآكل الطبقة الوسطى إلى التطورات السلبية على مستويات المعيشة من حيث ارتفاع الأسعار وتراجع الدخل.
وأكد ضرورة إعادة النظر في السياسة الاقتصادية والتركيز على الاستثمار وإعادة النظر في الرواتب والأجور، بهدف وقف مزيد من التدهور لهذه الطبقة.
وأشار حمارنة إلى الآثار السلبية التي ستنجم عن تراجع الطبقة الوسطى كالخلل في الأمن الاجتماعي وارتفاع نسبة الجرائم والفقر.
وأوضحت الدراسة أن الطبقة الغنية تشكل 8.1% من مجموع الأسر، وتستهلك 24.7% من إجمالي الاستهلاك وتحقق 25.6% من الدخل.
وتتميز الطبقة الوسطى بأهميتها كمصدر للعمالة الماهرة وللقوة الشرائية المحفزة والمحركة للاقتصاد وميولها الديمقراطية في تنمية الحياة الاقتصادية والسياسية.
وينتمي نحو 41.9% من الحاصلين على شهادة الثانوية فأعلى للطبقة الوسطى مقارنة مع 47.6 في المائة عام 2008 منهم 17.2% حاصلون على الدرجة الجامعية الأولى فأعلى. وارتفعت الأسعار في الأردن في آخر ثلاث سنوات بشكل لافت، وخاصة بعد قيام الحكومة بتحرير أسعار المشتقات النفطية وإلغاء الدعم عنها في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2012 وكذلك زيادة أسعار الكهرباء وبعض الخدمات ورفع الضرائب على بعض السلع والخدمات مثل الاتصالات الخلوية وغيرها. ويبلغ الحد الأدنى للأجور في الأردن 190 ديناراً شهرياً ( 267.9 دولاراً)، فيما تتفاوت الرواتب في الجهاز الحكومي من فئة لأخرى ومن وظيفة لأخرى.