بين تغريدات ترامب وركوع اللاعبين عند عزف النشيد الوطني

16 أكتوبر 2017
اللاعبون ركعوا أثناء عزف النشيد الأميركي (Getty)
+ الخط -
تتسارع الأحداث في الولايات المتحدة الأميركية يوماً بعد آخر، فما قام به لاعبو كرة القدم الأميركية، حين ركعوا خلال النشيد الوطني، أثار جدلاً كبيراً للغاية، وكان هذا الأمر ربما سيمر من دون مشاكل وضجة كبيرة على الصعيد المحلي، على أن يتم حله داخل الاتحاد الخاص باللعبة، لكن مع تواجد الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان لا بد للموضوع من أن يأخذ أبعاداً جديدة، وذلك حين طالب بإلغاء الإعفاءات الضريبية عن الدوري واصفاً إياه بأنه لا يحترم "النشيد والعلم والبلد".

قد تساهم هذه الكلمات في متابعة عملية التضييق على أحد أنجح الرياضات في الولايات المتحدة الأميركية خلال السنوات الماضية، ومن المتوقع أن تقرر رابطة كرة القدم الوطنية، هذا الأسبوع، ما إذا كانت ستجبر اللاعبين على الوقوف حين يتم وضع النشيد الوطنى، وبحسب بعض الخبراء القانونيين فإن لاعبي اتحاد كرة القدم الأميركي يعتبرون موظفين في فرقٍ خاصة، وبالتالي ليس لديهم  الحق في ذلك بما يعني أن التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة الأميركية لن يكون إلى جانبهم، مما سيجبرهم على عدم تحدي القرار لأنه لا يدخل تحت إطار حرية التعبير.

ويرى خبراء قانون آخرون الأمر من منظار آخر، إذ إن تدخل ترامب من خلال التغريد على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، في الأسبوع الماضي، والتهديد الضمني من قبل الحكومة الأميركية بتغيير قوانين الضرائب للتأثير على اتحاد كرة القدم الأميركي، يمكن أن يوفر للاعبين سبباً قانونياً أقوى لحرية التعبير ضد الولايات المتحدة، كما أكد هؤلاء أن ترامب يمكنه بصفته رئيساً إجبار عدد من الشركات والكيانات الخاصة على أن تفعل ما يريده.
وقال مارك إدلمان، الذي يدرس القانون الرياضي في كلية باروخ في نيويورك، إن أكبر  بطاقة دعوة هنا لاتخاذ إجراءات بحق دوري الـ NFL هي تغريدات الرئيس، بالرغم من أن الأول لم يعبر علناً عن موقفه حتى اللحظة، وذلك بعدما تم تهديدهم بعقوبات مالية من قبل رئيس الولايات المتحدة.

يوم الأحد ركع سبعة لاعبين من فريق سان فرانسيسكو 49 خلال النشيد قبل المباراة ضد واشنطن رد سكينز على ملعب فيديكس في لاندوفر، وهذا الأمر دفع البعض للدفاع عن ذلك فيما وقف آخرون ضده بطبيعة الحال، لكن اتحاد اللاعبين لم يقرر حتى الآن ما إذا كان سيواجه اتحاد كرة القدم الأميركي في حال تم اتخاذ قرار في اجتماع مالكي الأندية يقضي بوقوف جميع اللاعبين عند سماع النشيد الوطني.

وصرّح اتحاد الحريات المدنية الأميركية لصحيفة واشنطن بوست الأميركية أنه مستعد للدفاع، من حيث المبدأ، عن حقوق اللاعبين للتعبير عما يريدون وتحدي ترامب من منطلق : "التدخلات غير الدستورية هي خداع لـ NFL  من أجل الخضوع لرؤيته السياسية (أي ترامب)".

وقال ديفيد كول، المدير القانوني الوطني لجامعة أكلو: "إن كان اتحاد كرة القدم الأميركي يتصرف بهذه الطريقة بسبب تهديدات ترامب بإنزال العقاب بالدوري، فإنه يمكن للاعبين أن يدعوا بشكل شرعي أن حقوقهم المعدلة الأولى قد انتهكت". (الحقوق المعدلة الأولى هي التي تشمل حرية التعبير عن الرأي).وأضاف كول: "المحاكم اعترفت بأنه عندما يهدد المسؤولون الحكوميون بفرض عقوبات على آخرين بسبب خطاباتهم، فإن ذلك يعتبر خرقاً للمادة الأولى مما يساهم في تخفيف حدة الخطاب بين الطرفين".

وسيكون من الصعب إيجاد صلة قوية بما فيه الكفاية بين تهديد ترامب وقرار اتحاد كرة القدم الأميركي، وذلك بأن يظهر استجابة الدوري لضغوطٍ من الرئيس، ولم يستجب الاتحاد لطلب من صحيفة واشنطن بوست للتعليق على تأثير تغريدات ترامب، ولكن رابطة الدوري قالت إن تهديد ترامب مضلل، لأن اتحاد كرة القدم الأميركي تخلى عن مركزه غير الربحي في عام 2015.

وقال البيت الأبيض في وقتٍ لاحق إن ترامب كان يشير إلى الدعم العام للملاعب الرياضية في تغريدته عن اتحاد كرة القدم الأميركي: "الضرائب الضخمة"، ومن غير الواضح كيف يمكن لترامب التأثير على السندات المعفاة من الضرائب المستخدمة لبناء الملاعب، بينما يشرف الرئيس على دائرة الإيرادات الداخلية، فإنه ليست لديه سلطة تغيير قانون الضرائب.

قبل بضعة أسابيع، قام بعض أصحاب الفرق بالوقوف إلى جانب اللاعبين وإمساك الأيدي بسبب شتائم أطلقها ترامب، وصدرت الكثير من البيانات التي تؤيد حرية اللاعبين في التعبير عن رأيهم.

وصرح ستيفن روس مالك نادي "ميامي دولفينز" لـ "بالم بيتش بوست"، وهو الذي سبق أن دعم اللاعبين للركوع احتجاجاً على عدم المساواة العنصرية، أن ترامب غيّر النظرة الكاملة للاحتجاج، وقال إنه جعل الجميع يقف عند النشيد وكذلك لتحية العلم، وبعد ساعات من تغريدات ترامب التي تشير إلى الإقرارات الضريبية، وجه غوديل رئيس اتحاد كرة القدم الأميركية رسالة إلى الفرق الـ 32 طالباً دعمهم لضمان وقوف اللاعبين خلال النشيد من أجل "تكريم العلم والبلاد".

وسيحضر هذا الأسبوع اتحاد لاعبي كرة القدم الأميركي، إلى جانب قائد كل فريق، الاجتماع الذي سيجري من أجل العمل مع أصحاب الفرق على الوصول لحل، ولم يستجب الاتحاد لطلبات التعليق على الإجراءات القانونية المحتملة من قبل أصحاب الفرق لإجبار اللاعبين على الوقوف.

وفي مكالمة هاتفية من قبل "واشنطن بوست"، يوم الجمعة، مع جو لوكهارت، المتحدث الرسمي باسم اتحاد كرة القدم الأميركي، أكد أنه ليس هناك اقتراح حازم يطلب من اللاعبين الوقوف، وقال إن الجميع كان يعمل على ذلك مع اللاعبين منذ عدة أشهر، وأكد خبراء قانونيون إن تغريدات ترامب وحدها لا تشكل تهديداً مباشراً لحقوق العمال على حرية التعبير، ولكن لأنه الرئيس فإنها تحولت إلى عاصفة على تويتر.

وبحسب آلان ديرشويتز، من كلية الحقوق بجامعة هارفارد: "الأمر يتطلب أكثر من مجرد تهديد من بيان رئاسي ليصبح إجراءاً حكومياً". وأضاف: "أستطيع أن أتصور أن تصريحات الرئيس قد تكون رادعاً في البداية، لكنها من دون شك ستكون امتداداً حقيقياً في المستقبل".

وتراجعت في الفترة الأخيرة رياضة كرة القدم الأميركية في الأوساط المحلية، وكذلك على صعيد نسب المشاهدة، وذلك لعدة أسباب منها إصابات الدماغ والموت التي كشفت عنها الدراسات الطبية، فما الذي ستحمله الأيام المقبلة بين اللاعبين والرئيس ترامب وكذلك الحكومة الأميركية واتحاد اللعبة؟

(العربي الجديد) 

دلالات
المساهمون