لم يكن عبد العزيز حنايشة، من بلدة قباطية قرب جنين، يتخيل أن الاحتلال الإسرائيلي سيكون سبباً في نجاح مشروعه، أول مزرعة لإنتاج حليب النوق في جنين، وشمال الضفة الغربية.
عام 2001 كان حنايشة مضطراً للسفر يومياً إلى مدينة أريحا، رغم الظروف الصعبة، لجلب حليب النوق من هناك، حيث كان يقضي يوماً كاملاً متنقلاً بين الحواجز الإسرائيلية التي مزقت الضفة مع بداية انتفاضة الأقصى.
يقول حنايشة: "القصة بدأت عندما أصيب ابن عمي (19 عاماً) برصاصة في العمود الفقري، أثرت في أعصابه، فنصحه أحد الشيوخ بشرب حليب النوق لمدة خمسين يوماً كي تتحسن حالته، وكانت أريحا أقرب منطقة فيها الحليب، لذا كنت مضطرا لجلبه منها".
ويضيف: من هنا جاءت فكرة إنشاء المزرعة، الظروف دفعتني لاقتناء ناقتين في البداية، تجنباً لمشقة السفر عبر الحواجز الإسرائيلية"، بعدها صار الناس يتوافدون لشرب ما تدرّانه من حليب طازج يومياً، وعندما وجدتهما لا تكفيان، اشتريت ناقتين أخريين بعد ستة أشهر، حتى وصل العدد إلى خمسين ناقة.
والطلب على حليب النوق، لم يقتصر على أهالي جنين المعروفين بتربية الأغنام والأبقار، بل يطلبه زبائن من كل أنحاء الضفة، ومن الداخل الفلسطيني أيضاً، لذلك أصبح للمزرعة مندوبون لبيع الحليب في الناصرة وقرى القدس، ونابلس وطولكرم.
ويبيع حنايشة لتر الحليب بما يقارب 6 دولارات، في حين لا يتجاوز سعر لتر حليب الأغنام والأبقار دولاراً واحداً، أما في مناطق غور الأردن فيباع حليب النوق بسبعة أو ثمانية دولارات.
وتحلب الناقة في مزرعة حنايشة يدويا، ثلاث مرات يوميا، وتنتج 25 لترا من الحليب. "تربية النوق في جنين أفضل من أريحا، بسبب توفر المراعي ودرجة الحرارة المناسبة، فالجمال تأكل النباتات الشوكية التي تبتعد عنها الأغنام، لذلك يمكن للنوق خاصتي أن تأكل وتشبع من جبال جنين، دون أن تزعج باقي الماشية"، يقول حنايشة.
وتعيش الناقة من 40 إلى 70 عاماً، إذا لم تتعرض لمرض قاتل، وتحمل مولودها الأول عندما يصير عمرها ثلاث سنوات، ويستمر حملها عاماً كاملاً، وعندما بدأ حنايشة تربية النوق، لم يكن ذا خبرة في التعامل معها، لكنه وجد بدوياً في جنين يدعى وجيه حمدوني، يتقن تدبيرها، فاستعان به.
وصار حمدوني علماً في جنين، إذ يتجول صباح كل يوم على ظهر جمله المزين في شوارع مدينة جنين، ليبيع الحليب الذي يحمله على ظهر الجمل في عبوات بلاستيكية، لزوار المدينة وسكانها.