في بلدة بيت حانون الواقعة في أقصى شمال قطاع غزّة، يخال للمرء أن العدوان الإسرائيلي لم يتوقّف وأن صواريخ الطائرات والدبابات سقطت للتوّ، على الرغم من أن أكثر من شهرَين مرّا على توقّف الحرب الأخيرة.
دفعت بيت حانون ثمناً باهظاً خلال الحرب القاسية على غزّة، إذ دُمّرت نحو 70 في المئة من مساحتها الإجماليّة. والبلدة التي كانت تمثّل "سلة الغذاء" بالنسبة إلى القطاع، باتت اليوم شبه خاوية. أما الركام، فينتشر في كل زاوية منها، وبقايا أشجارها المجرّفة تشهد على الجريمة.
في البلدة المنكوبة، غاضبون كثر يقولون إن ثمّة تقصيراً بحقهم من قبل المعنيّين، ويطالبون بمدّ يد العون إليهم، أقلّه لإزالة ركام المنازل المدمّرة وتهيئة الشوارع قبل حلول فصل الشتاء، بالإضافة إلى توفير منازل مؤقتة لهم أسوة بما تمّ في مناطق أخرى.
تمضي الحياة برتابة في البلدة "الحدوديّة" التي لطالما عانت من توغّل الدبابات الإسرائيليّة. هنا، يجلس أفراد عائلة فقدت منزلها وأصبحت تقطن في خيمة. وهناك، أطفال بملابس رثّة يلهون بين أنقاض منازل ذويهم وببقايا قذائف أضحت ألعاباً. وعلى مقربة منهم، تلوك بعض الحمير أوراقاً من أشجار كانت مصدر رزق معظم الأهالي.
في أحد أحياء البلدة، يقود أبو نزار مركبته التي تسير على الرغم من الضرر الذي طالها. يخبر الرجل أنه كان يملك منزلاً جميلاً بناه ممّا وفّره من عمله في الزراعة، "لكن القصف دمّره بشكل شبه كامل". ومع ذلك، نجح في إخراج سيارته القديمة من بين الركام وأصرّ على جعلها تسير من جديد. وكان له ذلك. سكان البلدة غاضبون ومستاؤون من الواقع المرير اليوم. فالعدوان الأخير لم يقتل أحباءهم ويدمّر منازلهم فحسب، هو قطع أرزاقهم بتجريف الأراضي الزراعيّة التي كانت البلدة بفضلها تتميّز بكونها أقل بلدات القطاع التي تعاني من البطالة.
محمد أبو عودة، من أبناء بيت حانون أيضاً، هو فقد منزله خلال الاجتياح البريّ للبلدة. أما قطعة الأرض الصغيرة التي كان يزرعها بالفراولة، فقد جُرفت تماماً. ومع ذلك يصرّ الثلاثيني على البقاء في الخيمة المهترئة مع أسرته.
يقول أبو عودة إن مسألة مغادرة البلدة ليست واردة بالنسبة إليهم. ففيها ولدوا جميعهم، ولا يستطيعون العيش في أي مكان آخر. وهو اليوم ينتظر دخول مواد البناء لترميم منزله، على أن يبدأ بعد ذلك في تسوية الأرض تمهيداً لزارعتها من جديد.
لكن هذا الأمر لن يكون واقعياً لآخرين. ففصل الشتاء على الأبواب، وأمطاره الغزيرة بدأت مبكراً هذا العام، ليستحيل بذلك البقاء بالنسبة إلى الأربعيني منذر الشنباري الذي يعيل أسرة مكوّنة من ثمانية أشخاص.
بعدما تضرّر منزله أيضاً بشكل كبير، تمكّن من إصلاح جزء منه ليؤمّن سقفاً له ولأبنائه. لكن هطول الأمطار غيّر كل شيء، واستسلم منذ الجولة الأولى من المواجهة. فلجأ إلى منزل شقيقه، إلى حين إيجاد حلّ مناسب.
الحرب طالت كل شيء في البلدة، من منازل ومنشآت ومدارس وعيادات صحيّة وأراضٍ زراعيّة وغيرها. لكن ثمة إصراراً غريباً لدى الأهالي على البقاء. هم يائسون وغاضبون، لكنهم يتوقّعون الخلاص من معاناتهم.
قد يكون تكرّر الحروب وتوغلات الاحتلال في داخل البلدة وتدميره لأجزاء كبيرة منها، ما جعل الأهالي يعتادون هذا النوع من القهر. لكن الأمر هذه المرّة كان أكثر قسوة بعد حرب دامية امتدت نحو 50 يوماً، سقط في خلالها أكثر من مئة شهيد في داخل البلدة.
وعلى الرغم من إحباط السكان ويأسهم، إلا أن الذين سلمت أراضيهم، ينشغلون هذه الأيام بجني الزيتون. والذي يمرّ في البلدة، لا بدّ من أن يشاهد المزارعين يبيعون محاصيلهم في الأسواق ويوزعون جزءاً منه على الجيران، في مشهد تضامنيّ اعتاده أهالي البلدة البسطاء.
دفعت بيت حانون ثمناً باهظاً خلال الحرب القاسية على غزّة، إذ دُمّرت نحو 70 في المئة من مساحتها الإجماليّة. والبلدة التي كانت تمثّل "سلة الغذاء" بالنسبة إلى القطاع، باتت اليوم شبه خاوية. أما الركام، فينتشر في كل زاوية منها، وبقايا أشجارها المجرّفة تشهد على الجريمة.
في البلدة المنكوبة، غاضبون كثر يقولون إن ثمّة تقصيراً بحقهم من قبل المعنيّين، ويطالبون بمدّ يد العون إليهم، أقلّه لإزالة ركام المنازل المدمّرة وتهيئة الشوارع قبل حلول فصل الشتاء، بالإضافة إلى توفير منازل مؤقتة لهم أسوة بما تمّ في مناطق أخرى.
تمضي الحياة برتابة في البلدة "الحدوديّة" التي لطالما عانت من توغّل الدبابات الإسرائيليّة. هنا، يجلس أفراد عائلة فقدت منزلها وأصبحت تقطن في خيمة. وهناك، أطفال بملابس رثّة يلهون بين أنقاض منازل ذويهم وببقايا قذائف أضحت ألعاباً. وعلى مقربة منهم، تلوك بعض الحمير أوراقاً من أشجار كانت مصدر رزق معظم الأهالي.
في أحد أحياء البلدة، يقود أبو نزار مركبته التي تسير على الرغم من الضرر الذي طالها. يخبر الرجل أنه كان يملك منزلاً جميلاً بناه ممّا وفّره من عمله في الزراعة، "لكن القصف دمّره بشكل شبه كامل". ومع ذلك، نجح في إخراج سيارته القديمة من بين الركام وأصرّ على جعلها تسير من جديد. وكان له ذلك. سكان البلدة غاضبون ومستاؤون من الواقع المرير اليوم. فالعدوان الأخير لم يقتل أحباءهم ويدمّر منازلهم فحسب، هو قطع أرزاقهم بتجريف الأراضي الزراعيّة التي كانت البلدة بفضلها تتميّز بكونها أقل بلدات القطاع التي تعاني من البطالة.
محمد أبو عودة، من أبناء بيت حانون أيضاً، هو فقد منزله خلال الاجتياح البريّ للبلدة. أما قطعة الأرض الصغيرة التي كان يزرعها بالفراولة، فقد جُرفت تماماً. ومع ذلك يصرّ الثلاثيني على البقاء في الخيمة المهترئة مع أسرته.
يقول أبو عودة إن مسألة مغادرة البلدة ليست واردة بالنسبة إليهم. ففيها ولدوا جميعهم، ولا يستطيعون العيش في أي مكان آخر. وهو اليوم ينتظر دخول مواد البناء لترميم منزله، على أن يبدأ بعد ذلك في تسوية الأرض تمهيداً لزارعتها من جديد.
لكن هذا الأمر لن يكون واقعياً لآخرين. ففصل الشتاء على الأبواب، وأمطاره الغزيرة بدأت مبكراً هذا العام، ليستحيل بذلك البقاء بالنسبة إلى الأربعيني منذر الشنباري الذي يعيل أسرة مكوّنة من ثمانية أشخاص.
بعدما تضرّر منزله أيضاً بشكل كبير، تمكّن من إصلاح جزء منه ليؤمّن سقفاً له ولأبنائه. لكن هطول الأمطار غيّر كل شيء، واستسلم منذ الجولة الأولى من المواجهة. فلجأ إلى منزل شقيقه، إلى حين إيجاد حلّ مناسب.
الحرب طالت كل شيء في البلدة، من منازل ومنشآت ومدارس وعيادات صحيّة وأراضٍ زراعيّة وغيرها. لكن ثمة إصراراً غريباً لدى الأهالي على البقاء. هم يائسون وغاضبون، لكنهم يتوقّعون الخلاص من معاناتهم.
قد يكون تكرّر الحروب وتوغلات الاحتلال في داخل البلدة وتدميره لأجزاء كبيرة منها، ما جعل الأهالي يعتادون هذا النوع من القهر. لكن الأمر هذه المرّة كان أكثر قسوة بعد حرب دامية امتدت نحو 50 يوماً، سقط في خلالها أكثر من مئة شهيد في داخل البلدة.
وعلى الرغم من إحباط السكان ويأسهم، إلا أن الذين سلمت أراضيهم، ينشغلون هذه الأيام بجني الزيتون. والذي يمرّ في البلدة، لا بدّ من أن يشاهد المزارعين يبيعون محاصيلهم في الأسواق ويوزعون جزءاً منه على الجيران، في مشهد تضامنيّ اعتاده أهالي البلدة البسطاء.