شكّلت أفكار لودفيغ فان بيتهوفن موضع اهتمام الدارسين الذين تناولوا في العديد من المؤلّفات آراءه الثورية المناهضة للملكيات المطلقة في أوروبا، وإيمانه بالحرية والعدالة والمساواة بين المواطنين في جمهوريات تحكمها شعوبها، ولا تخضع لسلطات ثيوقراطية.
وربطت العديد من الدراسات بين أعمال المؤلّف الموسيقي الألماني (1770 - 1827) والأحداث والمحطّات الكبرى في زمنه، حيث بدا حماسياً متقداً في لحظة آمن فيها بمشروع نابليون مثل العديد من المثقفين الأوروبيين، ومحبطاً حين بدا أن الإمبراطور الفرنسي أخفق بأن يكون بديلاً عن الدكتاتوريات الموجودة آنذاك.
بعد طبعتها الأولى التي صدرت عام 1957 عن "دار الحرية" في بغداد، صدرت حديثاً عن "دار الرافدين" طبعة ثانية من ترجمة العراقي نجيب المانع (البصرة 1926 - لندن 1992) لكتاب "بيتهوفن.. دراسة في تطوره الروحي" للباحث البريطاني جي. دبليو. أن. سوليفان الذي نُشر بالإنكليزية عام 1927، ويضيء على مساهمات صاحب "سيمفونية القدر" في الحياة والموسيقى.
لا يتوجّه المؤلّف إلى قارئ متخصّص بل إلى أولئك الذين يهتمّون بالموسيقى وأهميتها الثقافية في عدّة فصول، هي: "الفن والواقع" و"الموسيقى العزولة"، و"الموسيقى كتعبير"، و"خصائص بيتهوفن"، و"أخلاق القوة"، و"عقل بيتهوفن"، و"البطل"، و"نهاية مرحلة"، و"الحب والمال"، و"سوناتا بيانو رقم 29"، و"الإله الرفيق".
يقول سوليفان إن "الإجلال الحماسي الذي يشعر به هؤلاء الألوف من الناس تجاة بيتهوفن إنما هي شهادة على عمق التجارب التي توصلها وشموليتها وصدقها. وليس هناك من فنان أكثر من بيتهوڤن عالج أمورًا تعني الإنسانية أعمق العناية".
يكتب المترجم في مقدّمته: "ترجمتي لهذا الكتاب ابنة شرعية للحب، حبّ مزدوج، وقد يتورد الحب والجذوة الداخلية في واحدة.. إنه حب مزدوج فهناك بيتهوفن موسيقي الأعماق، وهنالك كتاب سوليفان أحد كاشفي الأعماق".
أما سوليفان، فيقول: "موسيقى بيتهوفن، أكثر من أي مؤلف موسيقي آخر، تثير حتماً نوع الانعكاسات التي ترد في هذا الكتاب. إنّها وكما يقول إرنست نيومان، خصوصية مخيلة بيتهوفن التي ترفعنا مراراً وتكراراً من الموقع الذي نحن فيه، وهي أيضاً إعادة تقييم ليس فقط لكل الموسيقى ولكن لكل الحياة، كل العاطفة وكل الأفكار"، لافتاً إلى أن "بيتهوفن الرجل وبيتهوفن الملحن ليسا كيانين منفصلين، ويمكن استخدام التاريخ المعروف لإلقاء الضوء على شخصية موسيقاه وصلتها العميقة بالحياة البشرية ومعناها".