بورقيبة يعود

02 اغسطس 2015
كان بورقيبة موضوعاً واضحاً للمزايدات السياسية عقب الثورة(فرانس برس)
+ الخط -
يصادف اليوم الثالث من أغسطس/آب، عيد ميلاد الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة، وهو الموعد الذي كان يُحتفل به في كل أنحاء تونس بشكل لافت أيام كان بورقيبة حيّاً، وكانت تقام خلاله الندوات والحفلات الكبيرة التي حضرها كبار الفنانين العرب.
غير أن بورقيبة دخل حالة صمت طويلة استمرت عقدين من الزمن، حاول خلالها نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي محو ذكراه من مخيلة التونسيين، من دون توفيق يذكر بما أن بورقيبة عاد بقوة كبيرة إلى الساحة السياسية التونسية بعد أيام قليلة من الثورة.
ومع أن كثيرين رأوا أن الزعيم التونسي قد انتقم لنفسه وهو في قبره من كل الذين تناسوه أو حاولوا نسيانه، فقد كان بورقيبة موضوعاً واضحاً للمزايدات السياسية، وحاولت أطراف كثيرة مما يسمى بالطيف الدستوري في تونس أن تنسبه لنفسها دون غيرها، وبقيت مشتتة ولم تفلح في تحقيق أي نجاح سياسي طيلة الامتحانات الانتخابية الماضية.
وبعيداً عن تقييم المرحلة البورقيبية التي تظهر جملة من الاختلافات الواضحة حولها، وخصوصاً حول المسألة الديمقراطية التي عارضها بورقيبة وما أدت إليه من نتائج، والمسألة الإسلامية والعروبية، فإن هناك إجماعاً حصل في تونس حول نظافة يده، وإسهامه الكبير في نحت مجتمع متعلم ومتفتح ومتقبِّل للمشاركة النسوية في كل مظاهر الحياة. يعود بورقيبة اليوم الاثنين، في شكل محاولة سياسية جديدة أطلقها عدد كبير من أعضاء حزب نداء تونس، من مكتبه التنفيذي ونوابه في المجلس بالاشتراك مع "أحزاب دستورية أخرى" وفق قول المؤسسين لبعث "مؤسسة بورقيبة للحوار من أجل الديمقراطية والتنمية".
يرى متابعون أنها نواة تأسيس حزب جديد من "غاضبي نداء تونس"، ويقول آخرون إنها حلقة أخرى من العودة البورقيبية التي تبقى الفكرة الوحيدة المتاحة أمام هذه العائلات السياسية للاستمرار في ساحة فشلت في إيجاد مفهوم وسطي جديد بعيداً عن الزعيم... في كل الحالات، تشكل هذه المحاولة انتقاماً جديداً لبورقيبة، الذي تصالح معه بعض اليسار وجزء من الإسلاميين وكثير من جيل لم يعرفه، ولكنه بقي موضوعاً لكل المزايدات.