بورخيس وساباتو.. أحاديث لا تستحق النسيان

02 ديسمبر 2018
ساباتو (يمين) وبورخيس في حديقة المتحف الوطني، بيونيس آيريس
+ الخط -

يعرف قرّاء الكاتبين خورخي لويس بورخيس (1899-1986) وإرنستو ساباتو (1911-2011)، أن الإثنين كانا صديقين، لكنهما تقاطعا لأكثر من عشرين عاماً، ونشأ بينهما نوع من العداء الصريح سببه الخلاف الكبير بينهما في وجهات النظر السياسية، زادتها التصريحات القاسية التي قالها الكاتبان هنا وهناك ووجدت من ينقلها لكل منهما وأطالت في عمر القطيعة.

وفي أحد أيام صيف 1975، دعاهما الصحافي ألفيردو سيرّا إلى الجلوس والنقاش حول الأدب الأرجنتيني، وبعد أخذ ورد نسي الاثنان الضغائن والخلاف وشاركاً في حوار في صباح وصفه سيرّا بأنه لا ينسى، كان في حديثهما أكثر من مجرد متعة فكرية وأدبية، بل إنهما كما يصف سيرّا في مقال صحافي كتبه عن اللقاء آنذاك قدّما درساً للطبقة السياسية في الأرجنتين تلك التي تفصل نفسها عن الصالح الأسمى للبلاد والشعب بسبب خلافاتها.

كان شاهداً على الحوار كاتب وصحافي شاب هو أورلاندو بارون (1941)، الذي بدأ ينظّم بين الكاتبين عدة لقاءات وحورات ثقافية، ورأى أن هذه الأحاديث تستحق مصيراً آخر غير النسيان، فأصدرها في كتاب، وقد ظهرت ترجمته إلى العربية مؤخراً تحت عنوان "محاورات بوينس آيريس" عن دار "شهريار" العراقية ونقلها المترجم أحمد الويزي.

نشر بارون المحادثات أول مرة عام 1997، وبيعت الطبعة الأولى بسرعة كما حدث مع طبعتيها التاليتين، وأعاد تحريرها في طبعة جديدة عام 2007.

لم تخل الحوارات من الحس الساخر والطريف والسريالي في كثير من الأحيان، حيث ظللت روح الأدب كل العبارات التي تبادلها صاحب "كتاب الرمل" مع صاحب "النفق".

من ذلك يقول بورخيس: "الحياة محتملة لأنها تحدث على دفعات، المرء، يحلق، يتناول الفطور. إنها تفعل الأشياء ببطء، لهذا السبب تخيفنا بشكل أقل من المتوقع".

يجيب ساباتو: "بالتأكيد. تخيل رجلاً أمضى طوال حياته يحلق. أو يقول "صباح الخير". يفترض العديد من الناس أن الكتّاب لا يقولون أبداً "صباح الخير" أو يشربون القهوة مع الحليب مثل أي شخص آخر. إذا رأوهم يشربون الحليب، فإنهم لا يؤمنون بأنهم كتّاب. ينسى الناس أن المرء لا يكتب دائماً "دون كيخوته"، أحياناً يذهب ليدفع الضرائب".

المساهمون