بن شيخة لـ"العربي الجديد": محرز شمعة مضيئة..وحال الأفريقي يؤلمني

27 ابريل 2016
المدرب الجزائري عبد الحق بن شيخة (العربي الجديد/Getty)
+ الخط -
عبد الحق بن شيخة، مدرب تعرفه الكثير من الملاعب العربية، صنع ربيع اتحاد طنجة المغربي، بعد أن زرع البسمة في الملاعب الجزائرية والقطرية والتونسية وحتى المغربية، تحدث خلال هذه المقابلة مع "العربي الجديد" عن تجاربه السابقة وكرة القدم الجزائرية وعدة مواضيع أخرى تكتشفونها.

نبدأ حوارنا هذا عن حالتك الصحية بعد الإصابة التي تعرّضتَ لها بالملعب؟
(يضحك مطولاً)، كنت في السابق مدافعاً وأتسبب في إصابة المهاجمين، واليوم شاءت الأقدار أن أضع الجبس بسبب سقوط غير لائق بمسلك الملعب. الإصابة صعبة لكنها ليست خطيرة، فوضعت الجبس والطبيب منحني راحة 21 يوما، لكنني لا أستطيع ترك الفريق في نهاية الموسم، وأمكث في بيتي وهو ما دفعني للنزول إلى الميدان بالعكازات أقود التدريبات وأسيّر المباريات. 

قبلت بتدريب اتحاد طنجة الصاعد الجديد للدوري واليوم أضحى الفريق يطمح لمرتبة قارية؟
فعلا، عندما اتصل بي المسؤولون عن نادي اتحاد طنجة تحدثنا عن هدف واحد وهو محاولة بناء فريق قوي يصمد ويحافظ على مكانته في الدرجة الأولى، فلا تنسوا أن الاتحاد حديث النشأة وظهر في سنة 1983، وبفضل مجهودات الجميع من مسيّرين ولاعبين وأنصار ومدربين، اليوم يوجد الاتحاد على بعد نقاط قليلة فقط من الرائد البيضاوي، ولم يبق من الموسم سوى 5 مباريات وطموحاتنا تغيّرت بعض الشيء وسنلعب حظوظنا الى آخر جولة.

كيف تمكنتم من بناء فريق قوي يحتل المركز الثالث؟

ببساطة قمنا بتعاقدات نوعية في فترتي الانتقالات الصيفية والشتوية وتعاقدنا مع 14 لاعباً جديداً لديهم خبرة في الدرجة الأولى، لكن أغلبية هؤلاء اللاعبين كانوا في حاجة إلى من يثق بمؤهلاتهم، ولا سيما أنهم لعبوا في أكبر نوادي المغرب.

يبدو أن جماهير اتحاد طنجة تعلّقت بك؟

الجو السائد في نادي طنجة ومعرفة الأنصار لكرة القدم سمح لي بتقديم كل ما لديّ لصالح الفريق، فتصوروا أن 15 ألف مشجع تنقلوا معنا إلى الدار البيضاء لمؤازرتنا في لقاء الوداد الذي لعب في توقيت كلاسيكو إسبانيا، فهذا التنقل الشعبي يكشف بأننا نسير في الطريق السليم وجماهيرنا تثق بنا، وسنهدي لهم في نهاية الموسم، بحول الله، إنجازا يسعدهم.

عقدك مع اتحاد طنجة سينتهي، فهل تفضّل المواصلة مع الفريق لموسم آخر؟
أولا تركيزي منصب على إنهاء الموسم بقوة مع اتحاد طنجة وسنلعب خمس نهائيات متتالية، وعقدي ينتهي بنهاية الموسم رغم أن مسيّري الاتحاد طلبوا مني التعاقد على مدى ثلاث سنوات لكنني فضّلت البراغماتية في إبرام العقد، وفي نهاية الموسم ندرس قضية بقائي أو عدمه.

خضتم تجربة بتونس والمغرب والجزائر، فكيف تقيّم حال الكرة بين بلدان شمال أفريقيا؟
تجربتي في تونس مع الأفريقي وجرجيس كانت غنية وثرية، وبصراحة المستوى الفني في تونس والجزائر والمغرب جد متقارب رغم تفوّق اللاعب التونسي في مجال الانضباط التكتيكي، في حين فنيات الجزائريين والمغاربة متشابهة، وبرأيي الكرة في المغرب تعرف قفزة كبيرة بفضل المنشآت الكبرى التي تُبنى هنا وهناك، ما يجعلني أقول إن الكرة المغربية ستعرف تطورا ملحوظا بعد خمس سنوات، حيث تملك غالبية الفرق مراكز تدريب وتأطير، وهو ما لا تجده في النوادي الجزائرية.

ظاهرة إقالة المدربين في الدوري المغربي شملت حتى مدرب المنتخب بادو الزاكي؟
فعلا، هذه نقطة سلبية تعيشها كل نوادي تونس والجزائر والمغرب، لكن المشكل الفني في دوري المغرب مرتبط بظاهرة عدم الثقة في الجهاز الفني المغربي، وبصراحة كنت أفضّل بقاء بادو الزاكي مع أسود الأطلس على الأقل حتى نهائيات كأس أمم أفريقيا بالغابون القادمة، فلا يمكن الحكم على عمل بادو الزاكي في ظرف وجيز، ولعل ظاهرة إقالة المدربين ستبقى تلاحق نوادينا بالمغرب العربي لمدة طويلة.



وماذا عن إصرار غوركوف على مغادرة المنتخب الجزائري؟

بصراحة رحيل غوركوف خسارة له وللمنتخب الجزائري، ففي الوقت الذي بدأت فيه تظهر ملامح بناء منتخب قوي ومنسجم يقرر غوركوف الرحيل لأسباب لا نعرفها. وحتى ولو كنت أحترم قرار أي مدرب، ويجب علينا أن نحترمه جميعا، فإن مصلحة المنتخب الجزائري كانت تحتّم على غوركوف البقاء ومواصلة العمل ولو حتى نهاية كأس أفريقيا في شهر يناير/ كانون الثاني القادم.

هل يمكن لمدرب جزائري محلي قيادة منتخب الخضر حاليا؟
لو يعود مدرب بحجم سعدان، نعم، يمكنه قيادة هذا المنتخب، أو مدرب مثل مزيان إيغيل، ولمَ لا، ماجر أو مناد، لكن من الناحية البسيكولوجية الرأي العام في الجزائر لم يعد يتقبّل خيار المدرب المحلي ولا يثق فيه وحتى إن الإعلاميين لا يشجعون المدرب المحلي، وبرأيي لو كان هناك مدرب محلي فسيكون بجانب مدرب أجنبي وليس لوحده.

تقصد أن تعيين مدرب محلي لقيادة المنتخب حاليا يعد مجازفة؟
فعلا هذا هو المصطلح مجازفة، ولا يمكن للاتحاد الجزائري القيام بها تفاديا لضغط الجماهير، فأنصار الخضر يريدون حصد الألقاب ومشاهدة المنتخب في المونديال لثالث مرة على التوالي، وهذا أمر مشروع لكنهم لن يصبروا على المدرب المحلي وسيفرضون عليه ضغطا زائدا عن اللزوم، عكس التقني الأجنبي الذي في أغلب الأحيان تمنح له فرصتان أكثر منّا نحن المحليين.

قيل الكثير في الجزائر عن خليفة غوركوف وبين الوجهة الإسبانية والخيار الإيطالي أو الألماني، من تراه الأنسب؟
كرة القدم ليست جنسيات، وكل مدرب له خصوصياته، والمدرب الأحسن هو من يتأقلم مع وضعية تشكيلته، فقد أسقط الأسبان الأطروحات القديمة حول ضرورة حصول لاعب كرة القدم على بنية جسمانية كبيرة كي يلعب في المستوى العالي، وبالتالي موضوع جنسية المدرب القادم للخضر لا تهم.

نأتي الآن للحديث عن اللؤلؤة رياض محرز؟
محرز لاعب مهاري كبير، ويمكن وصفه بالشمعة المضيئة التي بفضلها يمكن أن تنير الملاعب، وصدقني عندما نشاهد ما يفعله محرز مع ليستر سيتي وحتى مع الخضر تقول إن الجزائر محظوظة بمثل هذا اللاعب. إنه فنان حقيقي وتتويجه بلقب أحسن لاعب في دوري كبير بحجم الدوري الإنجليزي دليل على أنه لاعب من طينة الكبار.

كثر الحديث عن انتقال محرز بين ريال مدريد وبرشلونة وكبار الدوري الإنجليزي؟
أولا، لا أرى محرز في ريال مدريد وبرشلونة، وكلاهما لا يليق برياض من جميع الجوانب الفنية والإعلامية واللغوية والاجتماعية دون الحديث عن جانب الاندماج في نادٍ مثل برشلونة أو الريال اللذين يسيطر عليهما لاعبون من أميركا اللاتينية.

تنصح محرز بتفادي الريال وبرشلونة؟
طبعا، صعب جدا على رياض الهادئ فرض وجوده في مثل هذه الفرق، وبالتالي من الأحسن له البقاء في الدوري الإنجليزي، حيث تأقلم مع أجواء إنجلترا، والمنافسة هناك لها طعم خاص وقد تعلّم اللغة الإنجليزية وأصبح يعيش أجواء البرمييرليغ دون ضغط.

وهل بقاؤه في ليستر سيتي الموسم القادم مفيد؟
لا أظن أنه سيبقى في ليستر سيتي، وأحسن له اللعب لأحد النوادي الكبرى، مثل أرسنال والسيتي أو ليفربول والمان، وغيرها، ولا أخشى عليه من المنافسة في هذه الفرق رغم تواجد نجوم كبار بها.

وبين هذه الفرق العملاقة أين ترى محرز؟
بالنظر إلى ما شاهدته هذا الموسم في الدوري الإنجليزي وما سيحدث في الصيف المقبل، مانشتسر يونايتد هو الفريق الملائم لمحرز، ولا سيما إذا تم التعاقد مع المدرب الكبير مورينيو، حيث سيقوم هذا الأخير بإعادة بناء المان، وسيبني الفريق على لاعبين جدد مثل محرز، وسيمنحه ثقة أكبر عكس بقية النوادي التي تملك تشكيلات قوية ومتجانسة ولن تمنح فرصا عديدة ووقت لعب أكبر لرياض. ومع مورينيو في المان محرز سيتعلّم أشياء كثيرة وسيواصل على وتيرته التي ظهر بها مع ليستر سيتي.

ليس بعيدا عن الجزائر، الدوري التونسي يبكي حال فريقك المفضّل النادي الأفريقي الذي يعاني من صعوبات كبيرة؟
ما يحصل للنادي الأفريقي يحز في قلبي، وأتأسف كثيرا لما وقع له، وهذا دليل على أن المال وحده لا يكفي لتسيير النوادي ونجاحها. فقد عشت سنوات رائعة مع النادي الأفريقي وأنصاره وأتابع أخباره يوميا وأتلقى مكالمات هاتفية من تونس وأتحسّر على ما بلغه النادي.

جماهير النادي الأفريقي ومحبوه ما زالوا يأملون في عودتك إلى قيادة الفريق؟
عشت وسط جماهير النادي الأفريقي ولا أبالغ إذا قلت إن تعلّق عشاق الأفريقي بناديهم ظاهرة فريدة من نوعها في العالم العربي، فأنصار الأفريقي يحبون ناديهم أكثر من زوجاتهم وأبنائهم، وعندما تشاهد المشجعين يبكون عند الهزيمة ويمرضون للخسارة تقول إنه حرام أن لا تسعد هؤلاء. وبصراحة عودتي إلى الأفريقي غير مطروحة ولديّ مشاريع أخرى بالمغرب وخارج المغرب لكن ليس في تونس.

هل تتوقعون فوز ناد عربي برابطة أبطال أفريقيا؟
لمَ لا، عندما ترى ما فعله الوداد البيضاوي ضد حامل اللقب تي. بي مازامبي تقول إن النوادي العربية سواء بالمغرب أو مصر وحتى وفاق سطيف أو اتحاد الجزائري قادرة على التتوج بكأس أفريقيا، ولعل الشيء المفرح هو عودة الكرة المصرية وكذا نوادي المغرب إلى الواجهة، وهذا شيء جميل وسيعود بالفائدة على الدوري المصري وكذا الدوري المغربي، وبصراحة لو يستعيد المصريون استقرارهم الأمني والاقتصادي فسيكونون أقوى في السنوات القليلة القادمة، وأقول انتظروا الأهلي.

المساهمون