18 يوليو 2020
+ الخط -

لا يختلف اثنان على أنّ ما يقدمه اللاعب الجزائري الواعد ونجم نادي برنتفورد الإنكليزي سعيد بن رحمة خارق للعادة، حيث لم يعد المهاجم الشاب، النجم رقم واحد لفريقه فقط، بل خطف كلّ الأضواء في "التشامبيونشيب"، وبات رقم واحد، من خلال العروض المميزة التي يقدّمها كلّ جولة، سواءً الأهداف الحاسمة أو التمريرات الحاسمة، أو حتى المستوى الفني الرائع.

ما يقوم به بن رحمة، أعاد للأذهان المستوى الذي ظهر به النجم الجزائري رياض محرز في الموسم الذي حقق فيه الصعود مع ناديه السابق ليستر سيتي، قبل أن تكبر شهية الفريق الصغير، ويقارع الكبار ويحقق الدوري، ليدخل قائد "الخضر" التاريخ من أوسع أبوابه.

غالباً وعلى مرّ التاريخ، معظم من يتقفون آثار النجوم يفشلون، وكلّ من جعل نفسه في خانة المقارنة مع من سبقه، عاش في ظلّ هذا النجم، فناصري فشل في أن يصبح زيدان الجديد، وإيارمندي دفع ثمن التشبه بألونسو، وحتى ألكانترا عاش عقدة تشافي، ففشل كلّ لاعب لُقب باسم أسطورة قد سبقه.

حلم محرز الجديد، هو حلم وردي لا بُد أن يمرّ على مخيلة بن رحمة، الذي يتمنى أن يصبح النجم رقم واحد لأحسن دوري في العالم، لكن من الصعب أن يحدث ذلك، لأن البطولة الإنكليزية لها تاريخها وتقاليدها، وإن كان لكلّ تعميم حالة شاذة، فإن ليستر يبقى هذه الحالة في الوقت الراهن على الأقل.

بن رحمة الذي لديه العديد من العروض، ستأتيه عروض أكثر في حال نجح في قيادة فريقه لتحقيق الصعود، وهي المرحلة الفاصلة في تاريخ أي لاعب، فتسيير مرحلة ما بعد البروز، قد تحدد مصير نجوميته، والعديد من المواهب الواعدة دفعت ثمن حرق المراحل، وأساءت اختيار الوجهة المناسبة، في حين ضاعت أخرى بسبب التردد وعدم المغامرة، رغم أن لا خوف على بن رحمة، كون مستشاره الأول في هذه القضية، سيكون مدرب المنتخب الجزائري جمال بلماضي، بناءً على ما جاء على لسان رئيس الاتحاد الوطني.

الحديث عن بلماضي، يجرّنا حتماً للحديث عن مستقبل بن رحمة مع المنتخب الجزائري، اللاعب الذي اختار اللعب لـ"الخضر" وهو لم يصل إلى سن العشرين، دون الحاجة إلى أي تأهيل من "فيفا" لأنه مولود أصلاً في الجزائر، لاعب برينتفورد لن تكون مهمته سهلة كما يعتقد الكثير من عشاق هذا اللاعب الفنان، كونه سيصطدم، بواحد من كوادر تشكيلة بلماضي، ونعني بالذكر يوسف بلايلي، اللاعب الذي بات عنصراً مهماً في تشكيلة "الخضر"، وحاسماً في المباريات الأخيرة، خاصة خلال كأس أمم افريقيا، هذا دون تناسي أن اسمه ورد على لسان المدرب خلال المفاوضات، حيث كان من بين المحاور التي تفاوض عليها جمال مع الاتحاد الجزائري، من أجل شطب اسمه من القائمة السوداء، وفتح أبواب المنتخب لنجم الترجي الرياضي التونسي وقتها.

هذه المعطيات تجعل من مهمة بن رحمة، أقرب إلى مهمة محرز لما قدم للمنتخب الوطني خلال مونديال البرازيل 2014، حيث اصطدم بالنجم سفيان فيغولي، وعانى كثيراً حتى تمكّن من فرض نفسه في تشكيلة "الخضر"، بل بات القائد الذي حمل كأس أمم أفريقيا في مصر قبل عام بالضبط، وهو نفس التشابه الكبير بين مشوار بن رحمة ومحرز.

وهذا الأمر يفرض على بن رحمة تحويله إلى طاقة إيجابية واستغلاله لصالحه من خلال التحلي بنفس الإيمان والعمل والطموح الذي قاد محرز إلى المجد، لكن دون الوقوع في فخ العيش في ظلّ رياض.

المساهمون