بنوك الأردن تبقي أسعار الفائدة على ارتفاع رغم الاعتراضات

10 فبراير 2020
ارتفاع الأعباء المعيشية يدفع الأردنيين إلى الاقتراض (فرانس برس)
+ الخط -

 

رغم تخفيض البنك المركزي الأردني أسعار الفائدة على كل أدوات السياسة النقدية، ثلاث مرات خلال العام الماضي 2019، إلا أن البنوك المحلية ما تزال تُحجم عن تخفيض الفائدة على القروض والتسهيلات الائتمانية التي تمنحها لمختلف القطاعات والأفراد.

ولم تفلح مطالبات القطاعات الاقتصادية، خاصة الصناعية والإنتاجية، وأعضاء في مجلس النواب، للبنوك، بتخفيض أسعار الفائدة، لتحفيز الاقتصاد الوطني وتخفيف الأعباء عن كاهل المقترضين، خاصة الأفراد، ومساعدة المتعثرين في تسوية أوضاعهم المالية.

وكان البنك المركزي تعهّد، العام الماضي، بحثّ البنوك على تخفيض أسعار الفائدة، انسجاما مع قراراته التي استهدفت الحد من كلف الاقتراض وتنشيط بيئة الأعمال.

وأظهرت بيانات حديثة صادرة عن البنك المركزي، اطلعت عليها "العربي الجديد"، ارتفاع حجم التسهيلات الائتمانية التي منحتها البنوك خلال العام الماضي بحوالي 1.5 مليار دولار، لتبلغ 38.3 مليار دولار لمختلف القطاعات والأفراد.

ووفقاً لإحصائيات، تقدّر القروض البنكية المترتبة على الأفراد بأكثر من 14 مليار دولار، تركزت معظمها في تمويل شراء المساكن والسيارات والقروض الشخصية.

واعتبر اقتصاديون أن إصرار البنوك على عدم تخفيض أسعار الفائدة ينعكس سلبا على أداء الاقتصاد الذي يعاني من العديد من التحديات، مشيرين إلى أهمية توظيف الودائع الضخمة في مشاريع استثمارية وتنموية.

وبلغ حجم الودائع في الجهاز المصرفي، بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نحو 44 مليار دولار، غالبيتها بالدينار الأردني وعملات أجنبية، خاصة الدولار. وبلغ أدنى سعر فائدة إقراض لأفضل العملاء في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، وفق البنك المركزي 9.56%.

وقال خيرو صعيليك، رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، لـ"العربي الجديد"، إنه تم داخل المجلس بحث ارتفاع أسعار الفائدة على القروض والتسهيلات الائتمانية عدة مرات، وكان يفترض أن تبادر البنوك المحلية إلى تخفيض أسعار الفائدة، تماشياً مع قرارات البنك المركزي التي اتخذها العام الماضي بتخفيض أسعار الفائدة بواقع 3 مرات.

ومع مماطلة البنوك وعدم استجابتها للضغوط، قال صعيليك: "لابد من وجود صيغة تلزم البنوك بتخفيض أسعار الفائدة، في حال قام البنك المركزي بتخفيضها على أدوات سياسته النقدية، لتنشيط الوضع الاقتصادي، وتخفيف الأعباء المالية عن كاهل المقترضين، خاصة إذا ما علمنا أن غالبية المواطنين مدينون للبنوك ومضطرون إلى الاقتراض لتمويل احتياجات أساسية، مثل الإنفاق على التعليم وشراء المساكن والسيارات والقروض الشخصية وغيرها".

وحسب رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، فإنه في حال التباطؤ الاقتصادي، يفترض أن تبادر البنوك إلى تخفيض أسعار الفائدة، لتشجيع القطاع الخاص من تجار وصناعيين وغيرهم والمواطنين أيضا على الاقتراض، وتمويل أنشطتهم الاقتصادية، وفي ذلك تحريك للوضع الاقتصادي واستثمار الودائع لدى الجهاز المصرفي، بما يعزز أداء الاقتصاد بشكل عام.

وحرر البنك المركزي، في تسعينيات القرن الماضي، أسعار الفائدة لدى البنوك، وباتت تخضع لعوامل المنافسة في السوق المحلي. وما تزال معدلات النمو الاقتصادي في الأردن أقل من 2%، حيث بلغت العام الماضي حوالي 1.9%، وفقا لبيانات رسمية، فيما زادت عن 5% قبل حوالي سبع سنوات. وتأثر الأردن باضطرابات المنطقة، وخسارته أسواقه التصديرية في العراق وسورية واليمن وليبيا وغيرها، وتباطؤ الاستثمارات.

وقال عوني الداوود، المحلل الاقتصادي، لـ "العربي الجديد": "مطلوب أن تقلل الحكومة اعتمادها على البنوك المحلية للاقتراض، من أجل إفساح المجال للقطاع الخاص للاقتراض، حيث أصبحت البنوك تفضل إقراض الحكومة على القطاع الخاص والأفراد، تجنباً للمخاطرة، ما يجعل البنوك تتشدد في منح التسهيلات الائتمانية للقطاع الخاص والتمسك بأسعار فائدة مرتفعة". وتشير البيانات الرسمية إلى تجاوز مديونية الأردن 42 مليار دولار، غالبيتها للبنوك ومؤسسات تمويل محلية.

وتأتي انتقادات القطاع الخاص للبنوك، في الوقت الذي يطالب صندوق النقد الدولي بتنشيط النمو. ويواصل وفد وزاري أردني يضم وزراء المالية والتخطيط والطاقة مباحثات مطولة مع مسؤولي صندوق النقد والبنك الدوليين في مقر المؤسستين الدوليتين في الولايات المتحدة، بشأن الإصلاحات الهيكلية التي تنوي الحكومة تنفيذها، خلال الفترة المقبلة، لتحفيز الاقتصاد وزيادة النمو، بما يوفر فرص العمل ويحد من البطالة.

واتفقت الحكومة وصندوق النقد على اعتماد برنامج اقتصادي جديد للسنوات الأربع المقبلة، يقترض الأردن بموجبه 1.3 مليار دولار من الصندوق، إضافة إلى مساعدته للحصول على قروض من جهات مانحة أخرى.

وبينما يرى خبراء اقتصاد أنه يمكن لرجال الأعمال، الحصول على تسهيلات بشأن أسعار الفائدة على القروض التي يحصلون عليها من البنوك، يشكو الكثير من المواطنين من إقدام البنوك على رفع أسعار الفائدة عليهم، حيث تعطي العقود المبرمة مسبقا مع المقترضين المصارف حق رفع أسعار الفائدة في أي وقت من دون الرجوع إلى العميل، ما ساهم في ارتفاع الأقساط الشهرية المترتبة عليهم.

وتسببت الضغوط المعيشية المتزايدة في ارتفاع ديون المواطنين. وكان الأردن قد شهد في مايو/أيار من العام الماضي 2018، احتجاجات واسعة ضد رفع الأسعار وزيادة الضرائب، انتهت بإقالة حكومة هاني الملقي، والتراجع عن قرار رفع أسعار المحروقات، وإقرار قانون جديد لضريبة الدخل.

المساهمون