منذ انطلاق العام 2018 سارعت دول عربية عدة نحو زيادة أسعار الوقود بها خاصة البنزين في محاولة منها لتغطية جزء من عجز الموازنة العامة أو تحت ضغوط وإملاءات صندوق النقد الدولي، وجاءت في مقدمة هذه الدول السعودية التي رفعت أسعار البنزين بنسبة 127% بداية شهر يناير الماضي، كما رفعت كلٌّ من الأردن والبحرين وتونس والجزائر والمغرب أسعار المحروقات خلال العام الجاري، كما رفعت مصر أسعار الوقود ثلاث مرات منذ العام 2014، ومن المتوقع زيادتها خلال الفترة المقبلة.
ورغم الحصار الجائر المستمر عليها منذ أكثر من 300 يوم، تميّزت دولة قطر بإقدامها على خفض سعر البنزين لشهر إبريل/ نيسان الجاري، وفق ما تبين أرقام 16 دولة عربية، بينما انقسمت بقية الدول بين مجموعة أبقت أسعارها على حالها، وأُخرى زادتها، فيما تعاني كل الدول تقريباً ضغطاً مالياً بسبب التقلبات الاقتصادية والعوامل السياسية والأمنية المختلفة، محليةً كانت أم إقليمية ودولية.
الخفض القطري هو الأول من نوعه منذ 10 أشهر تقريباً، تاريخ بدء الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر على الدوحة، والذي اضطُرت إثره إلى تعديل السعر صعوداً 6 مرات قبل خفضه هذا الشهر.
أما الدول التي بقيت أسعارها ثابتة، بين البلدان التي يتناولها التقرير، فعددها 10، وهي الإمارات وسلطنة عُمان والسعودية والبحرين والكويت والعراق ومصر واليمن وليبيا وسورية، مع لحظ الظروف الأمنية الخاصة التي تجعل نطاق السوق السوداء في البلدان الثلاثة الأخيرة نطاقاً واسعاً يصعب معه رصد أوضاع السوق وتحديد أسعارها رسمياً، وخاصة في ليبيا واليمن.
لكن الأسعار شهدت ارتفاعاً بقرارات رسمية في 5 دول، هي الجزائر وتونس والمغرب ولبنان والأردن.
ويتبيّن أن سعر الليتر في ليبيا هو الأرخص بين الست عشرة دولة المعنية، إذ بلغ 16 سنتاً فقط مدعوماً من الدولة، تليها مصر بـ28 سنتاً، ثم الكويت 34 سنتاً، فالجزائر 37 سنتاً، ثم قطر 49 سنتاً، وكل هذه الدول لا يتجاوز فيها سعر اللتر نصف دولار، أي 50 سنتاً في أقصى حالاته.
أما الدول التي يراوح فيها سعر اللتر بين 50 سنتاً ودولار واحد، فهي تضم: البحرين بـ53 سنتاً للتر الواحد، تليها السعودية 54 سنتاً، وعُمان 56 سنتاً، وسورية 0.63 سنتاً، والإمارات 63 سنتاً، فتونس 77 سنتاً، والأردن 80 سنتاً، والعراق 84 سنتاً، ولبنان 87 سنتاً.
ومن بين الدول الست عشرة، يرتفع سعر اللتر إلى ذروته فوق مستوى الدولار الواحد، مسجلاً دولاراً و20 سنتاً في المغرب، وليقفز في اليمن إلى هامش أعلى بين دولار و40 سنتاً في صنعاء ودولار و30 سنتاً في عدن، والسبب أن العاصمة تخضع لحصار بينما حركة التجارة مع عدن تتمتع بحرية أعلى بكثير.
يُشار إلى أن سياسة تسعير الوقود في هذه الدول تتباين بين بلدان تغيّر أسعار المحروقات عند الحاجة، مثل ليبيا ومصر والكويت والجزائر والبحرين والسعودية وسورية والعراق واليمن، ودول أُخرى تدخل عليها تعديلاً شهرياً، مثل قطر وعُمان والإمارات والأردن، ودول تغيّرها فصلياً، مثل تونس بطلب من صندوق النقد الدولي، وأسبوعياً مثلما يفعل لبنان.
وكان صندوق النقد الدولي قد أوصى السلطات التونسية باتخاذ تدابير قاسية لمعالجة الخلل في ماليتها العامة، ومنها زيادة إيرادات الضرائب، وكبح زيادات الأجور واعتماد زيادات ربع سنوية في أسعار الوقود.
أما الزيادات السابقة لأسعار الوقود في البحرين فقد أدت إلى زيادة تكاليف النقل 9.6%، ومنها زيادة أقرتها في 8 يناير/ كانون الثاني الماضي، على ضوء الضغوط الشديدة التي تتعرض لها موازنة البلد نتيجة تكلفة الدعم الذي يبقي أسعار الوقود منخفضة، في حين اعتمدت السعودية مطلع السنة الجارية (2018) تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة، تلازماً مع رفع أسعار الوقود والكهرباء.
وفي مصر، تتكبد الدولة أيضاً مبالغ طائلة تضعها تحت ضغوط كبيرة، حيث أعلن وزير البترول طارق الملا، أن تكلفة دعم المحروقات قفزت 34% إلى نحو 51 مليار جنيه تعادل مليارين و900 مليون دولار في النصف الأول من السنة المالية الحالية، التي بدأت في الأول من يوليو/ تموز الماضي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام المالي السابق.
ولذلك، يترقّب المصريون موجة غلاء جديدة تشمل الوقود وعدداً من السلع والخدمات، في إطار استكمال إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي، خلال يوليو/تموز المقبل، مع بدء تطبيق الموازنة العامة الجديدة 2018/ 2019، حسبما أكدت مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد" قبل أيام، وذلك عملاً بتوصيات صندوق النقد الدولي.